بقلم :هاني حبيب
بينما يستعد 14 فصيلا فلسطينيا لعقد حوارات بشأن الانتخابات المتتالية، في العاصمة المصرية بداية الشهر القادم، جرت خلال الأيام القليلة الماضية جملة من التحركات الأمنية والسياسية التي من شأنها الإشارة إلى الارتباط الوثيق والمؤكد لاستهدافات العملية الانتخابية الفلسطينية، وكان من أبرز هذه التحركات القمة المصرية الأردنية في عمان بعد يوم واحد من استقبال الرئيس محمود عباس مدير جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل ورئيس جهاز المخابرات الأردنية اللواء أحمد حسني بحضور رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج.
وتأتي هذه التحركات بعد لقاء الرئيس المصري قبل أيام قليلة وزراء خارجية الرباعية الدولية (مجموعة ميونيخ) التي تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، في حين كان الملك الأردني قد عقد اجتماعات مماثلة مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي أثناء زيارته القصيرة إلى الإمارات قبل أيام قليلة أيضا.
وفي حين أن الحوارات الفلسطينية في القاهرة مطلع الشهر القادم ستقتصر على دراسة الجوانب الفنية والإدارية مثل الحريات العامة والملف الأمني والقوائم وآليات الانتخابات ومحكمة الانتخابات وضمانات احترام النتائج وكيفية إجراء انتخابات المجلس الوطني والمشاكل المتعلقة في الانتخابات في العاصمة الفلسطينية القدس، إلا أنها وبشكل جازم لن تتعرض لا من قريب أو من بعيد لمسألة المصالحة الفلسطينية حسبما صرح محمود العالول نائب رئيس حركة فتح عندما أشار في تصريح له إلى أن هذه الحوارات ستخصص للانتخابات فقط ولن تناقش أي ملفات أخرى ولا علاقة لها بالمصالحة، بينما أشار عبد الله عبد الله القيادي في حركة فتح إلى أن لقاء القاهرة يأتي ضمن التفاهمات مع حركة حماس بعد تجاوز الأزمة الداخلية في النظام السياسي الفلسطيني، فقد اعتبر عبد الله وكأن هذه الحوارات تتجاوز مسألة المصالحة باستعادة الوحدة لمجرد الاتفاق على الانتخابات حتى قبل التأكد من إمكانية خوضها ونتائجها مع ذلك يضيف عبد الله عبد الله إن موضوع اللقاء هو الانتخابات والبرنامج السياسي والخطوات العملية اللاحقة مع ضرورة التوصل إلى قرار سياسي واحد وبرنامج سياسي واضح ولوضع معالم الطريق نحو المرحلة القادمة التي يجب أن تأخذ بالاعتبار التغيرات على الصعيدين العربي والدولي!
من هذا السياق، يبدو أن هناك محاولة لفرض جدول أعمال للحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة من بعض الأطراف دون النظر أو حتى التعرف على مواقف الأطراف الأخرى حول هذا الحوار، ذلك أن لدى هذه الأخيرة العديد من الملاحظات والتحفظات والاستدراكات ليس فقط حول العملية الانتخابية ولكنْ أيضا هناك شكوك مبررة حول الاستهدافات السياسية لهذه الانتخابات، إن فرض جدول أعمال يغيب عملية المصالحة من شأنه أن يحيله وكأنه بديل عن حوارات جدية لها الأولوية حول المصالحة خاصة في ظل الحديث وكأن الأزمة السياسية قد تم تجاوزها وهذا بعيد كل البعد عن الواقع المعروف والمشهد السياسي الفلسطيني المتأزم.
على ضوء ما تقدم فإن المطلوب هو حوار جدي شامل بجدول أعمال واضح يهيئ لنجاح العملية الانتخابية بتوافقات مسبقة حول ملفات المصالحة. وهذا يفرض على كافة الفصائل الفاعلة المشاركة الجدية في هذه الانتخابات باعتبارها استحقاقا وطنيا ديمقراطيا حتى لو كانت هناك العديد من الملاحظات والاستدراكات.