المشروع الأميركي المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي

المشروع الأميركي: المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي

المشروع الأميركي: المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي

 لبنان اليوم -

المشروع الأميركي المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي

بقلم : أشرف العجرمي

استبشر المواطنون الفلسطينيون خيراً بالموقف الموحد الذي صدر عن القيادة الفلسطينية وعن جميع الفصائل والقوى بدون استثناء، وتأكيد الجميع على الضرورة القصوى لتوحيد الصف لمواجهة المشروع الأميركي المسمى "صفقة القرن". وازداد التفاؤل عندما تم الحديث عن زيارة وفد من "فتح" وفصائل منظمة التحرير إلى غزة لبدء حوار مع حركتي "حماس" و" الجهاد الإسلامي" لبحث سبل انجاز الوحدة بأسرع وقت ممكن. وكان من المفروض أن يغادر الوفد رام الله الإثنين أو الثلاثاء الماضيين. ولكن حصلت تطورات سلبية أعاقت سفر الوفد إلى غزة والسبب الرئيس هو أن "حماس" أصرت على أن يجتمع الوفد مع كل فصائل غزة، في حين ترى "فتح" أن الفصائل التي يشملها الحوار هي الموقعة على اتفاقات المصالحة، وهي حصراً فصائل منظمة التحرير و"حماس" و"الجهاد الإسلامي". وهذا التطور يطرح تساؤلاً جدياً: هل "حماس" تماطل وتبحث عن مبررات لتأخير المصالحة حتى ترى سير الأمور مع إسرائيل في الفترة القريبة؟
يجمع كل الفلسطينيين على الخطر الداهم الذي يمثله المشروع التصفوي الأميركي. وهذا ما يفترض أن يضعهم في حالة طوارئ وطنية قصوى، تتلاشى أمامها كل الحسابات الصغيرة والمصالح التي هي أدنى من المؤامرة على القضية الفلسطينية برمتها. فالمسألة لا تقتصر على ما يمكن أن تفعله إسرائيل تحت غطاء الضوء الأخضر الذي يمنحه الأميركان لها، وبالذات الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية، بل تتعدى ذلك إلى حالة انهيار عربي وتواطؤ ضمني مخالف لقرارات الإجماع العربي، بما فيها قرار مجلس الجامعة الأخير في القاهرة يوم السبت الماضي وقرار منظمة التعاون الإسلامي التي أكدت على رفضها القاطع لـ"صفقة القرن" ورفض التعامل بأي شكل من الأشكال مع الخطة، أو التعاون مع الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية لإنفاذها. ففي حين أن بعض الدول العربية رحبت بالجهود الأميركية حتى لو لم تعلن تأييدها الواضح للمشروع "الصفقة"، إلا أنها تنسق مع واشنطن خلف الكواليس، ولعل لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو خير دليل على موقف منهار ومتواطئ. ومن الواضح أن البرهان لن يجرؤ على ارتكاب فعلته القبيحة هذه بدون التشاور مع أنظمة عربية.
ولن يكون الموقف الفلسطيني كابحاً أو قادراً على صد هذه الموجة من التخاذل بدون وحدة وطنية حقيقية، فنحن من يجب أن يقوم بالخطوة الأولى الأهم حتى تصبح مطالبتنا للأشقاء العرب بالالتزام بقرارات الإجماع العربي أقوى وأكثر فعالية، لأن هناك أيضاً موقف إجماع فلسطيني يجب أن يلتزم به الفلسطينيون، ويبدؤوا بخطة نضالية لمواجهة "صفقة القرن"، ويستندوا إلى موقف عربي ودولي داعم لحقوقهم المشروعة.
المشروع الأميركي لا يستهدف فقط جزءاً من الفلسطينيين، بل يستهدف كل حقوقنا ومشروعنا الوطني وحقنا في أرض وطننا، وهذا يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء، حتى لو كانت إسرائيل غير معنية بضم أي جزء من قطاع غزة. وتخطئ "حماس" إذا اعتقدت أنها ستكون بعيدة عن الاستهداف بمجرد عقد اتفاق هدنة مع إسرائيل، أو أنها الآن في موقف قوة يتيح لها الانتظار واللعب على عامل الزمن. فـ "حماس" مطالبة بنزع سلاحها، وهذا سيكون مسألة وقت ليس إلا، فالحكومة الإسرائيلية الحالية تلعب بورقة "حماس" لتنفذ مشروعها في الضفة، وستنتفي الحاجة للاتفاق مع "حماس" والصبر على سلاح المقاومة في غزة. وسيكون على أجندة كل الحكومات القادمة التخلص من التهديد الذي تمثله غزة.
السبيل الأمثل لحماية غزة والضفة وكل مشروعنا الوطني هو توحيد الأدوات والبرامج السياسية والنضالية الفلسطينية والاستظلال بمظلة منظمة التحرير الفلسطينية التي يعترف بها العالم، هذا ما سيضمن لـ"حماس" الشرعية الدولية والحماية كذلك. والأفضل أن تسارع إلى الوحدة الآن قبل الغد، خصوصاً وأن "فتح" وفصائل منظمة التحرير مستعدة للذهاب باتجاه "حماس" بمرونة غير مسبوقة من أجل الوحدة الوطنية، وإلا فستكون المأساة والكارثة علينا تنبع بدرجة كبيرة من وضعنا الداخلي ومن تقاعسنا في الدفاع عن مصالحنا الوطنية.
أسوأ الأمور أن تكون حساباتنا صغيرة ولا تتعدى أنفنا، ولا نرى التحولات التي تعصف بالعالم من حولنا. فالولايات المتحدة تريد نسف النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية والذي استند إلى توافقات وتوازنات دولية مثلتها قرارات الأمم المتحدة ومواثيقها، وتحديد معيار وحيد للقرار الدولي هو القوة. ونحن في هذا السياق لا نستطيع مجاراة هذا التوجه الجديد الذي نأمل أن يفشله المجتمع الدولي، ولكننا نستطيع الحفاظ على ما أنجزناه بنضالنا طوال العقود الماضية، والذي يجب ألا يضيع على مذبح الانقسام والتشتت والسير خلف الأوهام والسراب.
التصدي للمشروع الأميركي يحتاج لتعزيز صمودنا على الأرض موضع الصراع، وتعزيز مقاومتنا للاستيطان والضم، وهذا لا يأتي بالشعارات بل بعمل وحدوي ثابت وراسخ ومستمر بلا كلل، بالاستفادة من طاقات الشعب الفلسطيني كله ومن دعم الأشقاء والاصدقاء والأحرار في العالم، ولنفكر في امتناع المواطنين عن تلبية دعوة الفصائل للفعل الشعبي المقاوم. هل هذا الإحجام هو دليل على عدم رغبة شعبنا في مقاومة الاحتلال أم عدم ثقة بالفصائل وبجديتها في تطبيق شعاراتها وبرامجها. وبالتأكيد السبب الثاني هو الصحيح لأننا رأينا كيف خرجت الجماهير بشكل عفوي لمواجهة استهداف الحرم القدسي عندما حاولت إسرائيل وضع البوابات الإلكترونية هناك، ورأينا التصدي لمحاولات هدم الخان الأحمر، وغيرها من المظاهر التي تؤكد الطاقات النضالية المخزونة والجاهزة لدى الجماهير. والمطلوب هو استعادة الثقة بينها وبين القيادات والفصائل والقوى، والوحدة هي العنوان لهذا.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشروع الأميركي المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي المشروع الأميركي المأساة في الواقع الفلسطيني الداخلي



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon