بقلم : توفيق أبو شومر
تقف إسرائيل على رأس الدول البارعة في الاستفادة من الأزمات، فقد نشطتْ مراكز الدراسات والأبحاث، ومختبرات العلوم ليس في إنتاج مضادات وباء الكورونا واللقاحات فقط، مثل تأسيس أكبر مصنع لإنتاج عشرات ملايين التطعيمات في العالم في مدينة، تل الرحمة (يورحام) في النقب بالتعاون مع أكبر شركتين للدواء من الهند وأميركا. وُقِّع الاتفاق يوم 4-5-2020 على تشغيل هذا المصنع الكبير في العام 2021، وليس في تكنولوجيا المعلومات، وعدد الشركات الرقمية الجديدة المستحدثة للاستفادة من حالة المجتمع أثناء الأزمات فقط، بل استغلت هذه الجائحة في أمرٍ أكثر أهمية مما سبق، فقد تمكنتْ بضربة مُعلم من تطويع طائفة الحارديم الدينية، وهي رُبع المجتمع الإسرائيلي تقريبا، وهم من غُلاة المتزمتين، ممن كانوا قبل الجائحة يرون (دولة إسرائيل) نجاسة، فهم لا يقرؤون صحف هذه الدولة، ولا يُشاهدون تلفزيونها، أكثرهم لا يسمحون لأبنائهم بالدراسة في مدارسها، ولا يلتحقون بالوظائف الحكومية، ولا يدخلون الجيش، لهم هواتفهم الخاصة الخالية من الكاميرات، غير القابلة لشبكة الإنترنت.
بضربة (مُعلم) بعد جائحة الكورونا تمكنت شركة، بيزك للاتصالات من إدخال الإنترنت إلى عقر دارهم في أحيائهم الأصولية، وسحبت البساط من تحت أقدام الحاخامين، لتتولى هذه الشركة الرقمية وغيرها دور القيادة.
وافقتْ الشركة كبداية على شروط الحارديم، بإدخال الإنترنت المفلتر الخالي من صور النساء، غير أن خبراء الشبكة يقولون: «إن مَن يدخل شبكة الإنترنت مِن الصعب عليه أن يتركها، لأنها تتحول إلى إدمان»
من أبرز فنون استثمار الأزمات في إسرائيل، إقناع يهود (الدياسبورا) أي يهود العالم، بضرورة الهجرة إلى إسرائيل بإثارة رُعبهم من انتشار اللاسامية!
نشرت صحف إسرائيل استطلاعات رأي (موجهة) تشير إلى تنامي العداء العرقي ضد يهود العالم، باستخدام وباء الكورونا لتحقيق تلك الغاية، نشر إعلامُ إسرائيل عودة اتهام اليهود بأنهم ينشرون الأمراض، كما حدث في العصور الوسطى، هم مسؤولون عن نشر الطاعون والأوبئة، هم يسمِّمون آبار المياه، نشروا كذلك عودة ظهور النازيين الجدد، عندما رفع النازيون الجدد صورة هتلر وسط اجتماع شباب الكنيس اليهودي في مدينة بوسطن لتخليد ذكرى المحرقة النازية، (صحيفة جروسالم بوست) يوم 24-4-2020.
كذلك نشرتْ صحيفة المستوطنين، (أروتس شيفع) صحيفة، السفير الأميركي ديفيد فردمان، قصة صغيرة جرى تضخيمها لسيدة الأعمال اليهودية، لارا بروس، صاحبة مخابز بروس الشهيرة في إيرلندا وبريطانيا، وكندا، يوم 14-4-2020 حين طلبتْ من مالك عقار، أحد فروع مخابزها، ماريو أدمير، في إيرلندا، أن يُخفض الإيجار بسبب ضائقة الكورونا، كتبتْ له رسالة نصية تطلب فيها تخفيض الإيجار، ردَّ عليها قائلا: «أسلوبُك هو أسلوب يهودي تقليدي، أنت تملكين المال، ولكنك ذكية في اقتناص الفرص»!
نشرت معظم الصحف الصهيونية هذا الرد باعتباره شكلا من أشكال اللاسامية، على الرغم من أن مالِك العقار قال: «لم أخطئ حين وصفتُ اليهود بالذكاء»!أوقفتْ إسرائيل أسطول النقل الجوي للمسافرين العاديين، غير أنها سيَّرتْهُ لجلب المهاجرين اليهود إليها، ففي ذروة الإغلاق بسبب الكورونا وصلت طائرة شركة (إلعال) الإسرائيلية إلى مطار بن غوريون يوم 27-4-2020 وعلى متنها مهاجرون يهود من أوكرانيا، غير عابئةٍ بمضاعفات وباء الكورونا!ما أكثر الدول التي تغرق في أوقات الشدة، وتذوب في الأزمات، وتُفسِّر الأزمات بقصصٍ سخيفة، وهرطقات تافهة. إن أبرز صفات تلك الدول الغارقة في أزماتها، أنها تواصل انتظار مَن يُخلصها من الضائقة، وينقذها من الغرق، حتى تتفرغ لإطلاق قذائف الأدعية، ومتفجرات التكفير على دول الإبداع، ثم تُخرجها من رحمة رب العالمين!