بقلم : توفيق أبو شومر
هديتان أميركيتان قدمتهما إدارة ترامب إلى ملكة جمال العالم (إسرائيل) قبل أن تُغادر هذه الإدارةُ البيتَ الأبيض بساعات قليلة!
للأسف لم تتوقف وسائل الإعلام كثيراً عند الهديتين، ولم تُبرزاهما في وسائل الإعلام كخبرٍ رئيس، ولكثرة الهدايا والرشاوى المقدَّمة لإسرائيل، يبدو أن عدم إلقاء الضوء الإعلامي الساطع عليهما لم يكن بمحض الصدفة، بل كان مقصوداً حتى لا تُتهم إسرائيل بأنها كانت هي المعشوقة الوحيدة لإدارة ترامب!
الهدية الأولى، قدمها قائد الجيش الأميركي، رئيس البنتاغون فرانك ماكنزي، بالنيابة عن ترامب، وهي تبدو وكأنها ليست هدية، وإنما هي إعادة تقييم لمسؤولية ومهام وزارة الجيش الأميركي، نصَّت الهديةُ على تغيير مركز إسرائيل الحربي عند البنتاغون.. فبعد أن كانت إسرائيل مُغفلة (إعلامياً) من الحلف الأميركي في الشرق الأوسط الذي يضم دولاً عربية وآسيوية وإسلامية، بحجة أن وجود إسرائيل في الحلف الأميركي الشرق أوسطي كان سيُثير العرب والمسلمين المنضوين تحت لواء البنتاغون! فقد أصدر البنتاغون قراراً في آخر الساعات المتبقية لحكم ترامب، بمُقتضَى هذا القرار فإن إسرائيلَ تصبح عضواً رئيساً في هذا الحلف، والحُجة هي أن إسرائيل أزالت العداوة بينها وبين حلفاء أميركا بعد توقيع «اتفاقية أبراهام»! حينما تُصبح إسرائيل عضواً في الحلف العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، فإن هذا سيُتيح لها تلقي المساعدات العسكرية والمالية، وتنفيذ التدريبات المشتركة، ويسمح لها بعقد اتفاقات عسكرية مع دول الحلف! أما عرَّاب هذه الهدية فهو رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، مايكل ماكوفسكي!
أما الهدية الثانية، فقد حدثت في القدس بمقر السفارة الأميركية، يوم الإثنين، 18-1-2021، وكان عرَّاب هذه الهدية سفير الاستيطان، ديفيد فريدمان. هذه الهدية هي ترسيخ لاعتراف أميركا بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة إليها، أما موضوع الهدية فهو الحفريات الأثرية في «غفعاتي باركنغ» بالقدس، حيثُ اكتُشف موقع أثري يرجع إلى القرن الثالث الميلادي بمساحة دونمين ونصف الدونم، في عصر الملكة، هيلانة، والدة الملك قسطنطين، حيث جرى اكتشاف موقع مدينة داود، كما يزعمون، واكتشفوا عملات معدنية وذهبية، ووحدات للوزن، وأيضاً آثاراً إسلامية في المكان نفسه!
نظم فريدمان احتفالاً في مقر السفارة، ليس لوداعه كسفير للاستيطان فوق العادة، وإنما لتقديم آخر هدية لإسرائيل، وهي: دمج، (مدينة داود) ضمن التراث اليهودي المسيحي الأميركي وترسيخها في (لجنة حفظ التراث الأميركي خارج أميركا) والتي يترأسها، باول باكر. لخدمة التيار المسيحاني الصهيوني!
باول باكر عيّنه ترامب كرئيس للجنة التراث خارج أميركا، يوم 30-10-2017، وادَّخره ليقدم الهدية الأخيرة في مقر السفارة الجديد بالقدس، حيث حلَّ ضيفاً على نظيره، فريدمان لكي يمنح (مدينة داود) القدس شهادةً تُثبت أنها موقعٌ أثريٌ أميركي إسرائيلي مشترك، يُعزز الروابط بين البلدين، ما يزيد عدد السائحين إليها باعتبارها موقعاً مقدساً، ليس لليهود فقط، بل لمسيحيي أميركا أيضاً! قال فريدمان في هذا الاحتفال:
«كنتُ دائماً أتساءل: ما الآثار المُلهمة لآبائنا الأميركيين والتي تقع خارج أميركا؟ إن إلهام آبائنا الأميركيين المؤسسين لأميركا جاء من هنا، من مدينة داود».
أما، باول باكر، فقال: «ها نحن نمنح هذا الاعتراف لمدينة داود، ضمن مسؤولياتنا التراثية الأميركية، لكي يتذكر كلُّ مَن يقرأ هذه الشهادة قيمَ اليهود المسيحيين، فعلى هديها أسس الآباء الأميركيون وطننا، هذه هي الوصية الحية الباقية للأجيال القادمة»!
أخيراً، سنظل نغفو على وقع القول المأثور: «أعطى مَن لا يملك وعداً لمن لا يستحق»!