البحث عن طفل اسمه حسام
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

البحث عن طفل اسمه حسام

البحث عن طفل اسمه حسام

 لبنان اليوم -

البحث عن طفل اسمه حسام

سما حسن
بقلم : سما حسن

فجأة تجده أمامك، وتنحني للأسفل كي ترى قسمات وجهه وترى عربة صغيرة يجرها أمامه، فما استوقفك هو صوته وهو يقول: "بدّك أحملك أغراضك؟". وعلى استحياء، وفي بعضٍ من رجاء، كان أمامي هذا الطفل الذي لن أنسى وجهه، وجهه المستدير والذي يطوقه شعر أسود ناعم وبشرته كانت باهتة لا يمكنك تحديد لونها الأصلي، أما عيناه فهما بنيتان غائرتان لسوء تغذية بالتأكيد، ويبدو جسمه ضئيلاً ونحيلاً لدرجة أنك لا تستطيع أن تحدد عمره.

في عمق المدينة أكون، وفي وقت مبكر من يوم ما في الأسبوع، حيث أقرر أن أبتاع الخضراوات لأسبوع كامل، ولأنني لا أستطيع حملها فأنا أستعين بطفل صغير يجر عربة بلاستيكية صنعها بيديه، لكي يحمل لي الأكياس الثقيلة حتى يوصلني نحو موقف السيارات، فأستقل إحدى سيارات الأجرة متوجهة نحو بيتي على أطراف المدينة، ولي ولع بسيارات الأجرة وأحاديث ركابها لا يوصف، ولذلك لم أفكر يوماً أن أقتني سيارة خاصة، ولكن لي قصة عشق لا توصف مع سيارات الأجرة القديمة المتهالكة التي يروي سائقوها وركابها حكايات المدينة البائسة، وهكذا فقد نفذت مخططي المعتاد، وكان هذا الطفل الذي عرفت اسمه فيما بعد يسير إلى جواري، ويضع ما ابتاعه في صندوقه البلاستيكي، وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث.

لمحت ذكاء خفياً تحت وجهه المعرق، ورأيت فيه حاجة خفية لتذوق بعض المعروضات من الفواكه الطازجة التي يصفها الباعة أمامهم بشكل يسيل اللعاب، خاصة مع ساعات الصباح الباكر وقلة الرواد للسوق، ولكنه كان يتظاهر بأن كل ذلك لا يهمه وهو يدفع عربته أمامه، ويخبرني أن اسمه هو "حسام".

السؤال الثاني التقليدي الذي وجهته له كان عن عدد إخوته، فأخبرني أن له تسعة إخوة، ثم أخبرني المتوقع من قصة بائسة منتظرة، وهو أن والده لا يعمل، فسألته: وكيف تعيشون؟ فأجاب بهدوء وهو يشير إلى عربته: كلنا نعمل، أنا وإخوتي.

كان حسام يدفع العربة فيما كان الأسى يندفع إلى قلبي، وكنت أتساءل عن حياة هذا الطفل الذي عرفت أنه في التاسعة من عمره. لم يحدثني أنه يذهب إلى المدرسة، حدثني عن مرض أبيه، وعن الخف المنزلي الكبير المقاس الذي يرتديه وهو يشير له: هذا شبشب أبي، أبي لم يعد يخرج من البيت، ولا يحتاجه، أخرج به كل يوم إلى هنا.

اقترح علي ونحن نسير بين بسطات الباعة: ما رأيك لو تشتري خوخاً؟ فقلت له: وهو كذلك، واشتريت كيلو واحداً فقط، وعددت الحبات الكبيرة الحجم فكانت ست حبات، وضعها بائع سمج في كيس أسود وهو يلح علي أن اشتري كيلو ونصف الكيلو لأنه لا يملك "فكة"، وكنت قد نقدته قطعة نقدية من فئة العشرة شواكل، وتكرر الأمر بخصوص عدم وجود "فكة" مع بائع البطاطا، والذي أصر على أن يملأ لي كيساً كبيراً بحبات البطاطا التي يبدو أنها ليست طازجة وتحتوي كل حبة على ثقوب كثيرة، وقال لي في ضجر: لا يوجد فكة، وقد تساءلت بيني وبين نفسي عن هذا الأسلوب الجديد الذي يستخدمه الباعة في الأسواق، وعزوت ذلك للكساد الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد.

وهكذا كنا نسير أنا والطفل "حسام" نحو موقف سيارات الأجرة، حين قال لي: بدي خوخة، قلت له: حاضر، وسريعاً أوقف لي سيارة بعد أن سألني عن وجهتي، ودسست في كفه الصغيرة المعروقة قطعة نقدية. فرح حين نظر لها وعرف قيمتها، ربما لم يتوقع أن أنقده قطعة بهذه القيمة، وهكذا كان يصف أكياس مشترياتي داخل صندوق سيارة الأجرة، ثم هرول سريعاً وهو يجر عربته، ولم يسمع ندائي خلفه وأنا أقول له: "استنى خد الخوخة...".

في الحقيقة أنني كنت أفتح الأكياس بسرعة بحثاً عن الكيس الذي يحتوي على حبات الخوخ، ولكن الطفل حسام طار فرحاً واختفى عن ناظري، وتأفف السائق واستعجلني ليمضي، وهكذا مضيت ومرت على الحكاية أكثر من أربع " نزلات" إلى السوق حيث عمق المدينة، وقارب موسم الخوخ أن ينتهي، ولم أعثر على طفل اسمه حسام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن طفل اسمه حسام البحث عن طفل اسمه حسام



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon