«الرجل الأصفر» لهدى الشوا التربية العميقة على التضامن
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

«الرجل الأصفر» لهدى الشوا: التربية العميقة على التضامن

«الرجل الأصفر» لهدى الشوا: التربية العميقة على التضامن

 لبنان اليوم -

«الرجل الأصفر» لهدى الشوا التربية العميقة على التضامن

تحسين يقين
بقلم : تحسين يقين

كل بما يرى، وكل بما وهب من رؤيا ورؤية.أصفر أو فسفوري، موجود، وغير موجود، مفارقة إنسانية وبصرية، نراه ولا نراه، لكن قد نراه، في المدن والبلدات، يومياً. إنها ليست «فزورة» أو أحجية !لعلي لا أطيل الحديث في التنظير حول أدب الطفل والتربية، بل أجد نفسي أكثر ميلاً لاختيارات أدبية كي نقدمها كأمثلة إبداعية فعلاً.معظم شعوبنا العربية تحت سن الـ 18عاماً، فماذا أعددنا من تربية وفن وأدب عميق لهم/ن؟في العمل الأدبي، الذي بين يدينا، ثمة أسلوب عميق، يتعامل مع الناشئة من دواخلهم، من أعماقهم الإنسانية، بعيداً عن الوعظ والإرشاد، لذلك تصبح الكتابة للأطفال والرسومات، استثماراً عظيماً، في إعداد الأجيال الجديدة، لضمان السلوك الإنساني في المحبة والتضامن، والالتزام النابع من النفس.

سحر المعنى وعمقه الإنساني لأبعد مدى لا يتجزأ عن تلك الرسومات المصاحبة، والتي يمكن أن تقود عيني القارئ صغيراً وكبيراً، كسيناريو بصري، هو ما نراه متجلياً في هذا العمل الإبداعي.كل ذلك يسكن طويلاً في وعي الطفل وفي اللاوعي، حيث يمكث محدثاً قراءات متعددة، في رؤية «الرجل الأصفر»، والوجود أيضاً.يستمتع الطفل بالقراءة لنص سلس واضح، للكاتبة هدى الشوا، وبرسومات غير نمطية للفنان التشكيلي البريطاني لويس شابمان تحاكي ذائقته غير التقليدية، متشوقاً للأحداث، فإذا به يدخل المشهد من داخله، حيث يجد نفسه متضامناً معه. وقد ساهم ذكاء النص في إدخال القارئ لطقس حار، بجلب المزيد من المعايشة وبالتالي الشعور الإنساني العميق، كسرته بإيراد برودة المثلجات، تخفيفاً على الطفل. من جهة أخرى تضافرت الرسومات بألوانها، في خلق البيئة النهارية لمدينة الكويت صيفاً، حيث تتفاعل حواس الطفل من البصر واللمس والذوق (والسمع والشم بمدى أقل) في نقل القارئ مشهدياً من الكلمات إلى الشارع، حيث يعمل عامل النظافة في صمت وتحمّل وأمل.

كل ذلك وأكثر، يتم ببساطة العمق، وعمق البساطة من دون تكلف لغوي، أو وعظي مباشر، بما ينسجم فعلاً مع عالم الأدب، خصوصاً أدب الطفل.«الرجل الأصفر»، العنوان يشد الطفل لهذا الإنسان الموصوف لوناً، ليتساءل هذا الطفل عن وجود بشر بلون معين، فيقبل على الرؤية، والقراءة متشوقاً لمعرفة من هو هذا الرجل الأصفر.يصف العامل نفسه، من خلال مونولوج، شاكياً من كبر ردائه، وصغر حذائه، مخففاً على نفسه بوجود صديقيه: المقشة والعربة، حيث ينطلق معهما في سفر إلى مكان بعيد، حيث يجوب الشوارع لتنظيفها مما علق فيها من نفايات. ثم ليستريح ظهراً، واللقاء مع «زملائه الصفر تحت ظل شجرة سنط»، فاستئناف العمل في ظل حرارة لاهبة، حيث «يترنح ضعفاً»، فالجوع والعطش عصراً.

في تفاصيل المشاهد، يكتشف الطفل تفاصل النفايات: «علبة صفح صدئة، علبة تونا، حذاء بلاستيكي..»، فإذا بالطفل ينشأ على عدم رمي النفايات إلا في أماكنها، ربما تضامناً مع رجل النظافة وتخفيفاً عنه. أما في لوحة الاستراحة، فيجد العامل وقتاً لتأمل جمال الطبيعة ممثلة بـ «النوارس تحلّق في السماء»، وجمال الطفولة «أرى طائرة من ورق تعلو السماء». وفي لوحة اللقاء مع «الزملاء الصفر»، يتعرّف الطفل على مجتمع هؤلاء المنسيين، ليجد أن لهم هم أيضاً عالماً عادياً مثل الآخرين «نتجاذب أطراف الحديث، نتبادل حبات تمر، صوراً، ورسائل بريد، نتكلم عن الطعام والثريد». في اللوحة الجديدة، يكتشف نفايات جديدة، وصولاً لسعادة النهاية، بإطفاء العطش بعلبة شراب مثلجة.

وخلال كل تلك المعاناة، يبوح العامل بالمفارقة الكبرى: «على الرغم من لون بذلتي المشعة الصفراء، أبدو وكأنني غائب عن الأبصار».تتعانق الأمكنة التي يتنقل فيها «الرجل الأصفر»، مع الأزمنة من الصباح حتى العصر، ذاهباً في زمن مطلق وجودي آخر، لمحناه من خلال وصفه: «حذاء بلاستيكياً كان يوماً ما أزرق اللون».ثمة نزوع إنساني تجاه هذه الفئة غير المرئية، بإظهار تلك التفاصيل من منظور عامل النظافة نفسه، ومن خلال شعوره بعدم وجوده في الفضاء الإنساني، وفقط فإنه يظهر «للصفر الآخرين» الذي يعايشونه.

ورغم ذلك، فكأنه راض بما يصنع، لا لتمضية النهار فقط للاستراحة، بل ثمة أمل ما براحة قادمة، وأمل بأن يتم إنصافه، فالإنسان-العامل الأكثر تميزاً بصرياً ليلاً ونهاراً والذي لا يرى، سيصير مرئياً يوماً ما.مرة أخرى نحن إزاء قصة أطفال عربية، بمستوى عالمي!تعانق فني أدبي وفني:إنه فعلاً تعانق إبداعي بين النص والرسومات، كأجمل ما يكون من التمازج العضوي والموضوعي، حيث تنوع شكل الرجل الأصفر، ما بين الوقوف بثقة وجر العربة صباحاً، وما بين جلوسه على الأرض للاستراحة، فوقوفه ثانية وثالثة، فجلوسه مع العمال، فوقوفه ثم جلوسه، ثم حركته وهو يشير وينادي على بائع المثلجات، دون أن نغفل عن رسمة نصفه الأعلى كبورتريه بغطاء الوجه المحمر، الذي يحاكي حرارة الجو وحرارة تعبه الجسدي والنفسي الشعوري. إنها دراما حركية ولونية.

وقد تم رسمه من الخلف، والجانب، مموه الشكل باللون الأصفر لكل ملابسه، ما عدا غطاء الرأس الذي يلف به وجهه، فلا يُرى منه شيء، الذي اختار له اللون البرتقالي عدا آخر رسمة، حيث اختفى اللون الحار، لربما انسجاماً مع تخفيف حره من خلال علبة شراب مثلجة تطفئ عطشه. وهي اللوحة التي أنهت الكاتبة قصتها بها.وقد تعددت ألوان خلفيات الرسومات بدءاً من الأخضر إلى الرمادي، فالأخضر الفاتح المصفر، فالرمادي ثانية، ثم الأخضر ثالثة، فالبني البرتقالي ثم الأخضر رابعة، فالرمادي ثالثة، فالأزرق المخفف أخيراً. وقد ظننت أن مردّ اللون يعود لفترات العمل، أي لنور وبصر المكان نهاراً، لكن هذا التتابع غير المنطقي بين الرمادي والأخضر بشكل خاص، أعادني للقراءة مرة أخرى؛ حيث رأينا أن لون خلفية اللوحات - الرسومات مرده الحالة الشعورية، للرجل الأصفر عامل النظافة، الذي يمر بتنوع حالاته النفسية، ما بين الشعور بالوحدة والتعب، وما بين الاستراحة ولقاء العمال الآخرين، بالإضافة لبداية النهار حيث يكون قوياً، وآخره باقتراب نهاية العمل التي جاءت بأزرق خفيف.

وأخيراً إن تعميم ونشر، وإعادة نشر هكذا أعمال أدبية وفنية، سيساهم بالتأكيد في تحصين النفس الإنسانية من جهة، كذلك يساهم في التربية الوجدانية المعتمدة على التعلّم الذاتي، باتجاه خلق أطفال وفتيان أكثر تأملاً وتفكيراً، وهو ما سينعكس عميقاً في عملية التعليم، بأهداف نبيلة. ولا نخفي طموحنا أبداً أن نرى لهذا الأسلوب الإبداعي تجلياً في عالم التربية والتعليم، نصوصاً للطلبة، وأساليب تعليم، لعل الأدب يكون رافعة للتعليم أيضاً.* هدى الشوا: قاصة للأطفال والفتيان، صدر لها 9 قصص، نالت عنها عدة جوائز، متنوعة مصادر المعرفة، والإبداع. الرسومات للفنان التشكيلي البريطاني لويس شابمان، الذي أقام في الكويت، التقط بريشته مشاهد من الحياة المعاصرة والبيئة المحلية. صدرت القصة عن دار نوفابلس 2013.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الرجل الأصفر» لهدى الشوا التربية العميقة على التضامن «الرجل الأصفر» لهدى الشوا التربية العميقة على التضامن



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 19:56 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الأحزمة الرفيعة إكسسوار بسيط بمفعول كبير لأطلالة مميزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon