بقلم : عبد الناصر النجار
في إسرائيل كانت الدعوات إلى إقامة الصلوات من أجل فوز ترامب تعبيراً حقيقياً عن الامتنان للخدمات المجانية التي قدمها الرئيس الأميركي لدولة الاحتلال خلال ولايته.
ففي استطلاع سابق للرأي حول المرشح الأفضل، أجاب ٧٧٪ من المحسوبين على اليمين الإسرائيلي بأنه دونالد ترامب مقابل ٢١٪ كانوا يؤيدون انتخاب بايدن.
ربما حتى مطلع الأسبوع، لن تظهر النتائج النهائية للانتخابات الأميركية، هذا إذا سارت الأمور دون اعتراض قانوني واسع وتوجه إلى المحكمة العليا الأميركية، ومع ذلك يبدو أن الحسم قد يأخذ أسابيع إذا نقل ملف الانتخابات برمته إلى «العليا الأميركية»، حسب ما يرى محللون أميركيون، حيث تشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تفوق بايدن، وهذا يزعج كثيراً اليمين الإسرائيلي وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنامين نتنياهو المربوط بالحبل السري لترامب.
نتنياهو سيكون أكبر الخاسرين على المستوى الإسرائيلي، وقد تكون خسارة ترامب بداية النهاية له أيضاً في ظل استمرار التظاهرات المناهضة لاستمراره في الحكم أو البدء الفعلي بمحاكمته بقضايا الفساد المتهم بها.
ترامب خلق من نتنياهو ملكاً متوجاً على إسرائيل، وقدم له دعماً غير محدود، ويؤكد ذلك موقفه من انتخابات الكنيست، وتأجيله الإعلان عن صفقة القرن خوفاً من التأثير السلبي على نتائج الانتخابات التي كان يأمل أن تكون في صالح نتنياهو.
في إسرائيل أيضاً سيكون السفير الأميركي دافيد فريدمان أحد عرّابي الترامبية في المنطقة من الخاسرين، فهو المؤيد لأرض إسرائيل الكاملة، والمشجع بلا حدود للاستيطان في الأراضي الفلسطينية كلها، والذي عمل وما زال يعمل على تدمير حل الدولتين بمساعدة رفيقه في هذا الطريق جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب.
الحكومة الإسرائيلية لم تترك ساعة واحدة من حكم ترامب إلا وقامت باستغلالها لصالح الاستيطان والضم. حتى خلال الانتخابات الأميركية سارعت سلطات الاحتلال إلى خلق أمر واقع في منطقة الأغوار، وأكبر دليل على ذلك هدمها قرية حمصة في الأغوار الشمالية بشكل كامل، وتهجير سكانها في تطهير عرقي واضح وضم غير معلن للمنطقة، مستغلة الوضع الطارئ في الولايات المتحدة وتوجه أنظار العالم أجمع إلى ما يحصل في الانتخابات الأميركية.
بالتوازي مع الاستمرار في عملية الضم، فإن سلطات الاحتلال تعمل على تطبيق مخطط أراضي الدولة، وهي الأراضي التي كانت مسجلة في العهد العثماني وبعد ذلك في عهد الانتداب البريطاني ثم الحكم الأردني، وهنا نتحدث عن ٤٠٪ من أراضي الضفة الغربية، هذا يعني سرقة معظم مساحة الأراضي المصنفة «ج».
إن السيطرة من خلال تطبيق مخطط أراضي الدولة يعني أن هذه الأراضي ستصبح ملكاً للحكومة الإسرائيلية وستسجل في سجلات الأراضي باسمها، ومن ثم سيكون لها الحق في التصرف فيها بيعاً أو تأجيراً، ما يعني إقامة مزيد من الوحدات الاستيطانية وربما التجمعات الاستيطانية، للقضاء بشكل كامل على أي احتمال لحل الدولتين ولو بنسبة ١٪.
أمام سلطات الاحتلال أسابيع عدة إذا ما فاز بايدن بشكل رسمي، وستعمل على استغلال هذه الفترة بكل قوة، لأنها تعلم أنه سيتوفر خلالها غطاء كامل من فريق ترامب الاستيطاني، أما إذا فاز ترامب على الرغم من أن ذلك مستبعد في ظل المؤشرات الحالية اليوم (الجمعة) فإن إسرائيل سيكون لديها مزيد من الوقت، وربما وقت أطول مما نتوقع لفرض كامل سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستكمال تهويد القدس والسيطرة الكاملة على البلدة القديمة من الخليل وربطها بمستوطنة «كريات أربع» لتشكيل كتلة استيطانية تمتد من شمال الخليل إلى البلدة القديمة وحتى حي تل الرميدة.
الانتخابات الأميركية حتى في نهايتها تعطي دولة الاحتلال فرصة مجانية لتحقيق أهدافها الكولونيالية.