كورونا ونظام الحياة الجديد

كورونا ونظام الحياة الجديد

كورونا ونظام الحياة الجديد

 لبنان اليوم -

كورونا ونظام الحياة الجديد

عبد الناصر النجار
بقلم : عبد الناصر النجار

ما قبل «كورونا» وما بعد «كورونا» سيكون تأريخاً جديداً في العالم، بل أكثر من ذلك، فمتاحف العالم بدأت توثيق هذه المرحلة من دورة الحياة غير المسبوقة في القرن الحادي والعشرين وربما العشرين، إذا ما استثنينا وباء الأنفلونزا الإسبانية الذي ضرب أوروبا في العام ١٩١٨، وأصيب به نحو ٥٠٠ مليون شخص توفي منهم ما بين ٥٠ إلى ١٠٠ مليون شخص، أي ما يصل إلى ٢٠٪ من المصابين.«كورونا» حتى كتابة هذا المقال خلّف ٤،٥ مليون إصابة على مستوى العالم وحصيلة وفيات زادت قليلاً على٣٠٠ ألف وفاة.

فلسطينياً، بلغ عدد الإصابات حتى الجمعة (أمس) 554 إصابة وعدد الوفيات ٤ أشخاص بنسبة تزيد قليلاً على نصف بالمائة وربما هي الأقل عالمياً.لا شك في أن الإجراءات السريعة والمتقدمة، وحالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس وأقرتها الحكومة، حالت دون أن تكون الإصابات وحتى الوفيات أعلى بكثير، علماً أن غالبية الإصابات منقولة من إسرائيل سواء عن طريق العمال أو جراء مخالطة المقدسيين الإجبارية للإسرائيليين.الأمور كانت جيدة حتى عندما طالبنا بعد أسابيع بضرورة تخفيف الإجراءات والعمل على الموازنة بين حالة الطوارئ وفتح الاقتصاد، وكان رد رئيس الحكومة أن معادلة الموازنة لن تكون ضمن الطرح الحكومي؛ لأن الأرواح أهم من كل شيء.. جيد هذا الموقف على الرغم من أن إعادة الفتح التدريجي بدأت بعد أسبوع، ولولا ذلك لتعمقت الكارثة الاقتصادية والمالية في اقتصاد هش وضعيف في الأصل، يعتمد بنسبة لا بأس بها على المساعدات والمعونات الخارجية والعمل داخل الخط الأخضر.

.. فجأة ودون مقدمات انفرط عقد الطوارئ.. وكأن ما قبل «كورونا» وما بعده باتا سيان.رام الله كانت خلال اليومين الماضيين ولا أريد القول خلال الأسبوعين الماضيين مزدحمة، مشهد يشبه أيام «الوقفات» التي تسبق العيدين، عشرات الآلاف في الشوارع.. اكتظاظ مروري غير مسبوق، محال معظمها مفتوح.. كل إجراءات الوقاية التي من المفترض اتباعها خاصة في مناطق الازدحام لم تكن مطبقة، رجال نساء وأطفال وزحمة دون مبرر.
حتى المؤسسات الحكومية التي أعلن عن فتحها تدريجياً شهدت المشكلة نفسها.. فعلى سبيل المثال دوائر السير في محافظات عدة أغلقت بعد أقل من ٤٨ ساعة على فتحها لشدة الازدحام والتدافع بين المراجعين، وعدم الالتزام بإجراءات الوقاية.. وهذا قرار صائب يحسب لوزارة النقل والمواصلات.

المشاهد نفسها تكررت أمام المحاكم التي أعلن عن إعادة فتحها.. فعلى الرغم من التحذيرات والمطالبات فإن الممارسات على أرض الواقع كانت عكس ذلك.الآن نحن أمام أيام حرجة وهي فترة العيد وعودة العمال من إسرائيل خاصة الذي كانوا يبيتون هناك، وهم يعدون بعشرات الآلاف، ما يعني أن كل حارة فيها مجموعة من العمال وكل بيت فلسطيني فيه على الأقل عامل خاصة في القرى المحيطة بجدار الفصل العنصري.في ظل هذا الوضع، الحكومة مطالبة بإعادة فرض الإغلاق، أي إعادة الإجراءات التي اتبعت مع بداية ظهور أولى الإصابات في بيت لحم.

قرار الإغلاق هو الحد الأدنى من الإجراءات التي يمكن اتخاذها مقابل فرض حظر تجول شامل خلال أيام العيد في بلدان عربية مثل السعودية والعراق والكويت، ونأمل أن تكون الحكومة أيضاً قادرة على اتخاذ قرار مماثل.
وأيضا لا معنى لإغلاق مداخل المدن وإبقاء حركة المواطنين خاصة في القرى والمخيمات. بمعنى، ماذا يفيد غلق المداخل الرئيسة إذا كان عشرات الآلاف من العمال والمواطنين كبار السن والشباب يتزاورون في العيد ويتصافحون، ويجلسون في الأماكن المغلقة نفسها.. نحن أمام وضع حرج.. ولا نريد فجأة أن نجد أنفسنا دون مقدمات في نقطة البداية.. وأننا ندور في حلقة مفرغة.

طبعاً الخيار هنا هو خيار المواطن بالدرجة الأولى، لكن للأسف كثير من المواطنين رسبوا في امتحان إعادة الفتح خلال الأيام الماضية، وكأنه لم يعد هناك ما يسمى «كورونا».على كل مواطن أن يفكر مرتين، فكل الأبحاث العالمية حتى الآن تؤكد أن لا علاج ولا لقاح لهذا الوباء وقد يستغرق الأمر شهوراً وربما سنة أو أكثر لاكتشاف دواء أو لقاح لهذا الوباء.. وفي الوقت نفسه تحذر دراسات كثيرة من أن الفيروس فجأة قد يتحور ويأخذ شكلاً شديداً ربما يكون فتاكاً أكثر من ذي قبل.

الدراسات السريرية حتى الآن تقول إن المرض يضرب كثير من الأعضاء في الجسم وليس الرئتين فقط وأنه قد يسبب الفشل الكلوي وأمراض القلب والشرايين والدماغ وأن آثاره السلبية غير محدودة. عدا الأمراض النفسية.وأثبتت الدراسات أن المرض يمكن أن ينتقل من خلال الكلام بين الناس.الفلسطينيون أمام خيارين إما «كورونا» وإما الانطلاق إلى نظام حياة جديد ما بعد «كورونا» أساسه الوقاية من هذا الوباء، والحفاظ على اقتصادنا.. نظام حياة جديد أصبح عالمياً كما أكدت وسائل إعلام أميركية وأوروبية ويابانية!!!!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا ونظام الحياة الجديد كورونا ونظام الحياة الجديد



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon