بقلم : صلاح هنية
المواطن الفلسطيني لن يبقى مشاهداً سلبياً للمشهد الدائر أمام ناظريه ويتعلق بصميم حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه، رغم أنه منح فرصاً متتالية لم تنقطع منذ سنوات إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وظل يلتمس عذراً تارة بسبب إجراءات الاحتلال المتعاقبة لتدمير كل شيء، وتارة بسبب ما اتفق عليه (سوء الإدارة)، وغالباً بغرض غض الطرف عما يدور على أساس «خليهم يستمتعوا»، وفجأة يخرج على الناس أبطال افتراضيون ليعظوهم: أنتم يا ناس لا تعرفون الحقيقة، نحن كانت الصورة عندنا أوضح، ويخرجون عليهم على صورة محلل، وصورة خبير اقتصادي، أو خبير دبلوماسية، أو أكاديمي، أو قائد تنظيمي يريد أن يجري انتخابات افتراضية تضعه في الصدارة وبعدين ابقوا شوفوني، أو مستثمر ولكنه إنساني!!!!! وفي كل الأحوال هم عملياً يعيدون اختراع العجلة دون أن يعوا أنهم معروفون لنا جيداً ولا جديد لديهم.
في الوضع الراهن قررت الناس أن تمنح فرصة أخرى سواء بانقطاع الرواتب ولا حس ولا خبر لا بخصوص المتقاعدين اللي صندوقهم منفصل ولا بخصوص الموظفين، ولا يشغلون الآلة الحاسبة ليحسبوا الملايين التي يتكرر ذكرها على مسامعهم، ويبقى الحال على حاله مشاريع معطلة بسبب حرد المقاول لأنه لم يقبض مخصصاته، ويمر المواطنون ليشاهدوا المشاريع لا تتقدم. وبإمكان الحكومة أن تراقب الأمر وتصنف أسباب تعثر هذه المشاريع وأيها بالإمكان حلها، وأخرى بالإمكان التعامل معها بصورة أخرى من حيث الأوامر بتغيير المقاول أو تغيير مكتب الاشراف الهندسي.
وباتت الناس تعرف تماماً لعبة التسريبات الممنهجة من داخل البيت لقرارات إدارية في المؤسسات الحكومية، وبغض النظر عن خطورة التسريب ومنهجيته يبقى الأساس منهجية وفلسفة اصدار القرار الإداري، وليس بالضرورة كل القرارات تقاس بذات المسطرة، وهنا يصبح ملحاً التساؤل عن دور ومكانة ديوان الموظفين العام الذي عقد عدداً من المؤتمرات الدولية في الإدارة العامة، وذهبنا وشاهدنا اللوحات المضيئة القلابة والمزركشة وأساليب العرض المواكبة لتطورات إدارة الحدث، ودور ديوان الرقابة الإدارية والمالية وتقاريره وما هي رؤيته لمجمل هذا الواقع.
الأخطر بالنسبة للناس الموضوع الوطني والسؤال الملح الدائم «كيف ستدفعون المجتمع الدولي بتحويل خطابه الى فعل على الأرض يجبر الاحتلال على الخضوع لإرادة المجتمع الدولي وقرارته، وانه ليس فوق القانون الدولي والشرعية الدولية؟!!!» ... قد تكون مفردات الخطاب الدولي وتلميحاته تبدو مهمة لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل وقواعدها التنظيمية، ولكن هذا لا يكفي أمام صلف الاحتلال وسياسته التدميرية على الأرض في القدس المحتلة والأغوار والخليل والمواقع المتضررة من جدار الضم والعزل والاستيطان في الوطن والحصار على غزة، حتى لا نظل في دائرة «أُم أقوال سبْقت أُم أفعال»، كيف سندفع المجتمع الدولي لتنفيذ قراراته وكلماته وقراراته؟!!!!
هل المطلوب تحسين الأداء الفلسطيني لنثبت أننا أكفاء لنيل حقنا بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس؟ أم المطلوب تصعيد المقاومة الشعبية؟ أم المطلوب اقتصاد مقاوم يعزز الاعتماد على الذات؟ أم هذا كله جميعاً أم هناك رؤى أخرى؟والناس تتابع باهتمام وتمنح الفرص تلو الفرص والنخب السياسية تبالغ في استخدام هذه الفرص دون مراكمة أو نتائج ملموسة على الأرض، هذا ليس تشاؤماً ولا سلبية ولا رفعاً لليد، بل هو من باب الحرص عندما يلح السؤال «الى أين ذاهبون؟!!!» خصوصاً عندما يسقط شهيد، وتهدم منازل، وتغلق طرق رابطة، وتمنع مواد خام بحجة الاستخدام المزدوج، ويلح هذا السؤال مراراً وتكراراً، وبات ملحاً ان تتحول الى محلل أو مجبر ان تفتي لأن الناس لا تمتلك معلومة ولا أي ورقة تسمى «تعميماً»، وعندما تستمع لكادر تنظيمي يقال «الوضع صعب لكننا نمتلك إجماعاً دولياً».
اليوم بات ملحاً أن نحدد خارطة طريق، ووأد الشائعات التي تستخدم لإفساد الجو الوطني العام وشحنه عبر استهداف شخصيات عامة وشخصيات مجتمع مدني وشخصيات قطاع خاص، وهذا سيف ذو حدين خصوصاً عندما يكون الرد السخيف باستهداف شخصيات سياسية من فصائل أخرى بصورة وكأنهم ردوا الصاع صاعين ولا يوجد مستفيد الا الاحتلال، حقيقة الأمر ان تشويه الناس قد يطال أناساً آخرين لهم من الاحترام ومسيرة النضال ما لهم ويصبح كالوباء لا يوجد من هو محصن إلا بالقضاء على الإشاعة.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
«بدنا خلايا طاقة شمسية»
الأغوار ليست اكتشافاً جديداً