حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه

حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه

 لبنان اليوم -

حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه

ماهر الحشوة
بقلم : ماهر الحشوة

في كل عام تقريباً، أثناء انعقاد امتحان التوجيهي وفي الفترة القصيرة ما بعده، يشتد الهجوم على امتحان التوجيهي، وكثير من المنتقدين يدعون إلى إلغائه كلياً. وقد بلغ الأمر بأن وصفه أحدهم قبل أيام ببلاء لا بد من رفعه عن هذا البلد. لم أتصور أن أجد نفسي، قبل كتابة هذه السطور، مدافعاً عن هذه الامتحان، ولا أنوي أن أدافع عنه بشكله الحالي هنا، ولكني أدعو إلى "عدم رمي الطفل مع ماء الحمام الوسخ"، كما يقول المثل الإنجليزي، فمعالجة قضية التوجيهي تحتاج إلى بعض الروية ومزيد من العمق.

الامتحانات العامة، سواء الحكومية كما في الدول العربية وبعض الدول الأخرى كفرنسا وإسرائيل، أو التي تنظمها بعض الجامعات كما في إنجلترا، أو التي تنظمها مؤسسات خاصة، وأحياناً ربحية، كامتحان البكالوريا الدولي وامتحانات الاستعداد والتحصيل في الولايات المتحدة، جميعها وجدت لأهداف هامة محددة. فهي، أولاً، تسهم في رفع مستوى التعليم في المدارس. وقد أجريت عدة دراسات إمبريقية في دول متعددة أظهرت أن تحصيل الطلبة في المدارس التي تستخدم امتحانات عامة في نهاية المرحلة الثانوية أفضل من تحصيل الطلبة في المدارس التي لا تستخدم هذه الامتحانات، سواء تمت المقارنة بين دول تستخدم أو لا تستخدم هذه الامتحانات أو بين المقاطعات داخل الدولة الواحدة.

 ويبدو أن أحد أسباب هذه العلاقة هو أن حصان التقويم يجر عربة التعليم، فالمعلمون يعلّمون الطلبة من أجل النجاح في هذه الامتحانات العامة، وإذا كانت هذه الامتحانات تقدم محتوى أكاديمياً عميقاً ومهارات فكرية هامة، فسيقوم المعلمون بتعليم المحتوى والمهارات المطلوبة في الامتحان. ولكن هنالك عوامل أخرى تفسر هذه العلاقة. فالمدارس تصبح حريصة أن توظف المعلمين الكفؤين من أجل المحافظة على سمعة المدرسة، كما أن أهالي الطلبة يصبحون أكثر انغماساً في عملية تعلّم أبنائهم، فيراقبون تعلّمهم بشكل أفضل ويوفرون ما يلزم لمساعدتهم على التعلّم. 

وقد ألغت عدّة دول امتحان نهاية المرحلة الثانوية لتعود وتستخدمه بعد قليل من السنوات بعد أن تبين أن الإلغاء قد أثر سلباً على المستوى الأكاديمي في المدارس. ويمكن الرجوع، على سبيل المثال، إلى تجربة السويد في إلغاء الامتحان في سبعينات القرن الماضي ثم العدول عن ذلك.ويوجد لامتحانات نهاية المرحلة الثانوية، وللتقويم بشكل عام، أهداف أخرى. فهذه الامتحانات العامة تسهم في معرفة مستوى ونوعية خريجي المدارس، وتمكّن من مراقبة ومقارنة هذه المستويات في فترات زمنية معينة، وبين المدارس المختلفة، وأيضا تمكّن من مقارنة مستوى طالب معين ليس فقط بالطلبة الآخرين في صفه أو في مدرسته بل بالطلبة في الدولة بشكل عام. فامتحان توجيهي ذو ثبات ومصداقية عاليين (مزيداً عن هذا الأمر فيما بعد) يمكّننا من فحص الادعاء الذي نسمعه كثيراً بأن مستوى التعليم في البلد قد انخفض مقارنة بالماضي.

والهدف الثالث من هذه الامتحانات هو هدف اجتماعي تنظيمي، بغض النظر عن مدى رضانا عن هذه الوظيفة. فالامتحانات هي وسيلة للترشيح، بحيث يتم من خلالها تحديد مسار الطالب المستقبلي، سواء في مجال الدراسة أو العمل. فالكليات والجامعات تستخدم نتائج هذه الامتحانات كمعيار في عملية القبول، وكذلك يتم استخدامها في عملية التوظيف. ومن الجدير التذكير بأن امتحان التوجيهي لا يستخدم لهذه الغاية في فلسطين فحسب، بل يعتمد في بلاد أخرى، فالطالب الفلسطيني لا يستطيع الالتحاق بجامعات معظم دول العالم دون أن ينجح، بمعدل يتفاوت من دولة إلى أخرى ومن تخصص لآخر، في هذا الامتحان.
إذن، الغايات الثلاث من هذه الامتحانات، أي تحسين المستوى الأكاديمي في المدارس، ومراقبة وتقويم المستوى الأكاديمي زمنياً ومكانياً، والمساهمة في ترشيد عمليتي القبول في الكليات والجامعات وفي التوظيف، هي غايات اجتماعية هامة، وعلى من يدعو لإلغاء امتحانات نهاية المرحلة الثانوية إما أن يبين لنا أن هذه الغايات غير هامة، أو أن يقدم وسيلة أخرى، غير الامتحانات، تحقق هذه الأهداف.
إذا تم الاتفاق مع ما أطرح، من أن امتحانات نهاية المرحلة الثانوية وسيلة ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، سواء وجدها البعض وسيلة مرغوبة أو "شر لا بد منه"، يمكن الانتقال إلى مناقشة المشاكل بامتحان التوجيهي الحالي وطرح بعض الأفكار من أجل محاولة معالجة هذه المشاكل.
 أولا: يعاني التوجيهي من فقر دم أكاديمي، فهو يركز أساسا على تذكّر المعلومات في مباحث مدرسية محددة (والتي قد تكون معلومات هامشية بدلا من التركيز على المفاهيم الهامة الشاملة في التخصص)، إضافة إلى التركيز على تذكّر إجراءات روتينية - طرق حل مسائل في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها. ولا يعاني التوجيهي وحده من هذا النقص، فقد أشار كثيرون، وخاصة في الولايات المتحدة، إلى أن امتحانات التحصيل هناك ترّكز على مهارات ذهنية دنيا كالتذكّر، دون سواها. ولكن هذا النقص ليس صفة متأصلة في امتحانات التحصيل، بل هي صفة تعكس سوء تصميم هذه الامتحانات. ويوجد امتحانات نهاية المرحلة الثانوية، كامتحان البكالوريا الدولي، التي تقوّم الفهم العميق للمحتوى والمهارات الذهنية العليا كالتحليل والتركيب والتقويم. وبالتالي، المطلوب ليس إلغاء التوجيهي بل تحسينه.
وتطوير وتحسين التوجيهي سيسهم في تطوير العملية التعليمية في المدارس، فقد سبق وأشرت إلى أن المعلمين يعلّمون من أجل أن ينجح طلبتهم في الامتحانات العامة، أي أن التقويم يقود عملية التغيير التربوي. ولكن إن تعلمت شيئا من خبرتي الطويلة في حقل التربية فهو أن عملية التغيير التربوي صعبة للغاية، ويجب الا نتوقع أن تغيير إحدى مكونات النظام التربوي سيؤدي إلى تغيير هام. فالنظام التربوي مكون من عناصر كالتقويم وطرق التعليم والتعلم والمعلمين والمدراء والمشرفين التربويين والمنهاج وبيئة الصف والمدرسة المادية والبيئة أو الثقافة المدرسية وغيرها. وهذه العناصر تتفاعل مع بعضها البعض ومع الكل، ككائن حي، ولا يمكن أن نحسن عنصرا دون الاهتمام بعناصر أخرى. فتغيير التقويم، من خلال تحسين التوجيهي، يتطلب أيضا توظيف معلمين أكفاء (وربما تحسين الرواتب من أجل جذب هكذا معلمين)، وتأهيل المعلمين قبل وأثناء الخدمة من أجل أن يصبحوا قادرين على تحضير الطلبة لامتحان توجيهي بمستوى عال، وتأهيل مدراء ومشرفين تربويين قادرين على تقديم الدعم المطلوب للمعلمين، وتغيير المناهج بحيث تركّز على الأفكار الهامة في التخصص وعلى المهارات الذهنية العليا وعلى الممارسات الأكاديمية في التخصص التي تؤدي إلى تطوير المعرفة وفحصها وقبولها من قبل مجتمع العلماء في التخصص. أي يمكننا تغيير التوجيهي، ولكن إن فعلنا دون تغيير أمور أخرى كالمناهج وطرق التعليم، سيقوم الامتحان عندها معارف ومهارات فكرية لم نحضر الطلبة لتعلمها. فالغاضبون على التوجيهي يجب الا يقتصر غضبهم عليه وحده، بل يجب أن يغضبوا أيضا على مناهجنا وطرق تعليمنا وكيفية اختيار وتأهيل معلمينا، وغيرها من الأمور. التوجيهي الحالي يعكس نظامنا التربوي، وإن كانت لديه القدرة الكامنة على أن يقوده.
ثانياً: من أجل تحسين التوجيهي يجب تطويره كامتحان بمواصفات مقبولة من جانب وزيادة الشفافية (غير المتوفرة بتاتاً حالياً) المتعلقة بنتائجه من جانب آخر. فلا يتوفر معلومات للعامة، أو للمختصين، حول مصداقية وثبات الامتحان أو معلومات إحصائية وصفية عن النتائج. كما أن الامتحان ليس معيارياً. فعلامة -80% مثلاً- في سنة معينة لا تعادل نفس العلامة في سنة أخرى. وقد لاحظ ذلك الكثيرون عندما أشاروا إلى الارتفاع المتزايد في معدلات التوجيهي عبر السنين. وقد يمكن معالجة هذه الملاحظة الأخيرة جزئياً من خلال إعطاء الطالب المعدّل إضافة إلى القيمة المئينية لهذه العلامة، فنستطيع أن نعرف، على سبيل المثال، أن الطالب بمعدل 85 حصل على معدّل أعلى من 80 بالمائة من الطلبة الذين تقدموا للامتحان في سنةٍ ما، بينما الطالب بنفس المعدل، أي 85، في سنة مختلفة، كان معدّلة أعلى من 70 بالمائة فقط ممن تقدموا للامتحان في ذلك العام. أخيرا في هذا المجال، يجب أن أشير الى أن الشفافية المطلوبة هي تلك المتعلقة بمواصفات ونتائج الامتحان. اما المعلومات المرتبطة بالأشخاص الذين يعدّون ويصلّحون الامتحان ويشرفون عليه فيجب أن تبقى مكتومة.
ثالثا: يجب أن تزداد الخيارات أمام الطلبة في المواد أو المباحث التي يريد الطالب أن يمتحن فيها. وزيادة الاختيار، أو التنوع، تتعامل مع الفروق الفردية بين الطلبة في قدراتهم واهتماماتهم وأهدافهم المستقبلية، ولا يجعله "مصمماً بشكل تميزي" كما ادعى البعض. ولكن هذا يتطلب أن يصبح الطالب قادراً على اختيار المباحث التي يدرسها في المرحلة الثانوية، أي يتطلب تغييراً في المناهج وتوفير بعض المباحث كمواد إجبارية وغيرها كمواد اختيارية. فقد تخطط طالبة لدراسة الهندسة، وبالتالي تدرس مواد الرياضيات المتقدمة والفيزياء والكيمياء في المدرسة وتتقدم للامتحان في هذه المواد (إضافة لبعض المواد الإجبارية كاللغة العربية)، بينما يخطط طالب آخر لدراسة التمريض، فيدرس الأحياء والكيمياء ورياضيات بسيطة.
رابعاً: يجب دراسة المسؤولية عن إعداد الامتحان. هل يجب الإبقاء على الوضع القائم، إي إشراف وزارة التربية والتعليم حصريا على إعداد وتقديم الامتحان وإعلان نتائجه، أم من الأفضل إشراك جهات أخرى كالجامعات في هذه العملية، أم نقل العملية بكاملها إلى جهة خارج الوزارة؟ هذا الموضوع بحاجة إلى نقاش معمق لا يمكن الخوض فيه هنا، ولكنه مرتبط بنظرة الوزارة لنفسها: هل تستمر بوظيفتها كمقدمة لخدمات تربوية أم تنتقل إلى وظيفة وضع السياسات والمراقبة، وتقلل من دورها الخدمي؟
خامساً: يمكن إعادة النظر في شكل الامتحان. هل يبقى على شكل أسئلة مفتوحة الإجابة، مقالية، أم ننتقل إلى استخدام شكل الاختيار من متعدد، أو ما هو المزيج المقبول من هذه الأشكال؟ هل من الممكن أن يكون جزء من الامتحان مهمة طويلة الأمد يعمل عليها الطالب مسبقاً، ككتابة ورقة تحليلية نقدية لشاعر فلسطيني في مادة اللغة العربية أو تقرير عن مشروع علمي في إحدى المواد العلمية؟ هل من الممكن أن يكون هنالك امتحان عملي مخبري في بعض المواد العلمية؟ (عودة لموضوع التقويم يقود التعليم، في هذه الحالة نتوقع استخداماً متزايداً للمختبرات العلمية في المدارس مقارنة بالاستخدام المحدود حالياً).
سادساً: يجب إعادة النظر في الاستخدام الخاطئ لامتحان التوجيهي سواء من قبل الجامعات أو أصحاب العمل. فالجامعات أصبحت تستخدم معدّل التوجيهي كمعيار وحيد في عملية القبول. ومن ناحية، فإن استخدام نتائج التوجيهي كأحد معايير القبول ليس سيئاً. فمعدّل التوجيهي هو أفضل مؤشر متوفر لنا على أداء الطالب في الجامعة، ولم نستطع إيجاد مؤشر أفضل منه. ففي دراسات قمنا بها في جامعة بيرزيت وجدنا أن مُعامل الارتباط بين علامة التوجيهي والمعدّل التراكمي يتراوح حول 0.6 تقريبا، مع وجود تباين ما بين كلية وأخرى، ومن سنة لغيرها عبر أكثر من عشر سنوات. هذا يعني أن 36 بالمائة من التباين في معدلات الطلبة التراكمية يمكن إرجاعها أو تفسيرها من قبل التباين في علامات التوجيهي. وقد يكون سبب الارتباط أن التوجيهي يقيس معرفة وقدرات أكاديمية ضرورية للتعلّم الجامعي. أو قد يكون يقيس خصائص أخرى للطالب، كالدافعية أو المثابرة أو معرفة كيفية الاعتماد على النفس في الدراسة، وهي خصائص تؤثر إيجابياً على التعلّم سواء على مستوى الجامعة أو المدرسة. بغض النظر عن الأسباب الحقيقية لهذا الارتباط، يبقى معدّل التوجيهي هاما كمعيار للقبول في الجامعة. ولكن، وبالمقابل فإن حقيقة أن 64 بالمائة من التباين في معدلات الطلبة التراكمية لا يمكن تفسيرها من التباين في علامات التوجيهي (ولا نعرف أسبابه) يشير إلى استخدام التوجيهي كمعيار وحيد خاطئ وغير عادل. هل الفرق، على سبيل المثال، بين طالب حصل على معدّل 84  وطالب آخر حصل على معدّل 83.9 يبرر قبول الأول ورفض قبول الثاني في تخصص معين في الجامعة؟ من ناحية، لا نعرف مقدار الخطأ في القياس في علامات التوجيهي، ولكن الخطأ بالتأكيد أكبر بكثير من 0.1. ومن ناحية ثانية، وفي ضوء معرفتنا أن حوالي ثلثي التباين في علامات الطلبة الجامعية لا يرجع إلى التباين في علامات التوجيهي، فإن عدم أخذ الجامعة خصائص وصفات ورغبات الطالب الآخر بالاعتبار يجعل عملية القبول غير عادلة.
وبالرغم من هذا ما زالت الجامعات تعتمد معدّل التوجيهي كمعيار وحيد للقبول في التخصصات المختلفة، فما سبب ذلك؟ السبب الأول هو أن استخدام المؤشر الكمي (معدّل التوجيهي) يوحي للمجتمع أن هذا مؤشر "علمي" موضوعي، فالجامعة لا تتحيز لطالب معين بسبب علاقة أهله بمدير التسجيل أو برئيس الجامعة، فما يقرر قبول الطالب هو مقياس حقيقي لقدراته أو ذكائه. تصوروا لو قبلت جامعة ما طالباً بمعدل في التوجيهي يقل عن طالب آخر تم رفض طلبه في دائرة الإعلام، على سبيل المثال، لأن الأول، رغم انخفاض معدله في التوجيهي، زود الجامعة بمقالة جيدة استطاع نشرها في جريدة محلية أو أرفق بطلبه تقريراً مصوراً عن ظاهرة في قريته أو كتب مقالة متميزة شرح فيها أسباب رغبته بدراسة الإعلام. ستُتهم الجامعة باستخدام معايير غير موضوعية وبالمحاباة. ولكن العدالة في القبول تتطلب شجاعة من قبل الجامعات وقدرة على تفسير وتبرير استخدامها لمعايير أُخرى في القبول إضافة لمعدّل التوجيهي.
ولكن هنالك سبباً آخر لاعتماد الجامعات معدّل التوجيهي كمعيار وحيد للقبول، وهو سبب اكتسب أهمية أكبر في السنوات الأخيرة. السبب هو التنافس ما بين الجامعات لقبول أكبر عدد من الطلبة لأن مصدر موازنات الجامعات الأساسي قد أصبح مؤخراً أقساط التعليم التي يدفعها الطلبة. اعتماد معدّل الطالب في التوجيهي كالمعيار الوحيد يمكن الجامعة، حال حصولها على النتائج من الوزارة، أن تصدر لوائح القبول في ساعات. لا ضرورة لاعتماد معايير كيفية، لا ضرورة لوقت طويل من أجل إصدار أحكام كيفية، ولا ضرورة لأخذ آراء الهيئة التدريسية أو لأن يقوموا أنفسهم، في دوائر الجامعة المختلفة، بدراسة الطلبات. مدير التسجيل يستطيع القيام بذلك، بدعم من قسم الحاسوب، وأن يعلن لوائح القبول قبل أي جامعة أخرى، فيكسب عدداً أكبر من الطلبة الجدد. لماذا التخلي عن نظام مريح كهذا وأيضاً يبدو عادلاً في نظر المجتمع؟ بالطبع، إذا تمعنا في الأمر، وأخذنا موضوع العدالة بجدية، نجد أن أقل ما يمكن قوله هو أن هذا يمثل استخداماً خاطئاً لنتائج التوجيهي.
يوجد أيضاً استخدام خاطئ لنتائج التوجيهي في مجال التوظيف. فماذا يبرر، على سبيل المثال، اعتماد معدّل التوجيهي كمعيار في توظيف عاملة نظافة في مؤسسة ما؟ موضوع الشهادات واستخدامها غير المبرر في التوظيف نوقش كثيراً، خاصة بعد كتاب "دولاند دور" الشهير بعنوان "مرض الشهادات"، ولا ضرورة لنقاشه هنا.
في النهاية، ناقشتُ أن امتحان التوجيهي ضروري، ولا يمكن الاستغناء عنه. كما طرحتُ بعض الأفكار المرتبطة بتحسينه من جانب وبتحسين استخدامه لأغراض القبول في الجامعات من جانب آخر. ولكن، كما تبين فالمشكلة مركبة ومعقّدة، كمعظم المشاكل الهامة التي يواجهها المجتمع الفلسطيني. وهذه المشاكل، بطبيعتها، لا تحل بطرح واحد سحري، ولا بطريقة "إما س أو ص". هذه المشاكل تتطلب حلولاً غير سريعة وعلى عدّة جبهات. كما تتطلب الوصول إلى ما يشبه الإجماع المجتمعي على القيام بالمزيج الملائم من الحلول المقترحة. كل هذا يدعوني إلى عدم التسرع في اقتراح حل لمشكلة التوجيهي. الأمر يتطلب جهداً جماعياً طويل الأمد وكثيراً من النقاش والحوار والتداول.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه حول «التوجيهي» وموسم الهجوم عليه



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 19:56 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الأحزمة الرفيعة إكسسوار بسيط بمفعول كبير لأطلالة مميزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon