مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي

مؤتمر الفلسفة... حراك نهضوي سعودي

مؤتمر الفلسفة... حراك نهضوي سعودي

 لبنان اليوم -

مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي

بقلم : إميل أمين

لم يكن العالم العربي منبت الصلة بالفلسفة وشؤونها وشجونها، ولم تكن شبه الجزيرة العربية بعيدة منذ القدم عن مجال نقل الثقافات والعلوم الفلسفية، إذ كانت جسراً ثقافياً لربط العالم العربي ببقية دول العالم، والعهدة على الراوي، رئيس المؤتمر العالمي للفلسفة، البروفسور لوكا ماريا سكارانتيو، الذي وصف دعوة أهم الفلاسفة حول العالم إلى المملكة العربية السعودية، خلال الأيام القليلة المنصرمة، بالحدث صاحب الأثر الكبير الذي يتجاوز حدوده إلى بقية دول العالم.

على مدى 3 أيام، انعقد في الرياض أول مؤتمر دولي من نوعه يقام في السعودية، أطلقته هيئة الأدب والنشر والترجمة بمشاركة مفكرين ومؤسسات من مختلف دول العالم.
ولعل التساؤل الأول الذي يتقاطع مع الحديث عن الفلسفة عند كثيرين هو: «ما دلالات هذا المؤتمر، وفي هذا التوقيت؟».
لا يمكن تقديم جواب من غير الوقوف عند المعنى والمبنى لفعل الفلسفة، التي تتمحور حول البحث عن الحكمة، فيما يبقى الفيلسوف محب الحكمة عبر الزمان والمكان.
أن تعقد المملكة مؤتمراً دولياً عن الفلسفة يدور حول مرتكزات اللامتوقع وكثير من القضايا المهمة كالفلسفة في الإسلام، وكيفية التعامل الفردي من الخصوصية في عالمنا الحديث، وقضايا من عينة تجاوز الفلسفة الإسلامية مجرد كونها فلسفة، يعني أن هناك حراكاً نهضوياً عقلياً، وبناء معرفياً تراكمياً، وكلها تشاغب الرصيد الحضاري للمملكة عبر الأجيال والقرون الماضية، تعيد مسح التراب من عليه، وتستهل مرحلة جديدة تتساوق ورؤية 2030 النهضوية والتنويرية في البلاد.
قبل بضع سنوات كانت الفلسفة شبه غائبة عن الساحة الثقافية في المملكة العربية السعودية، ناهيك عن انعدام أثرها في السياقات التعليمية.
غير أنه وقبل عام تأسست أول جمعية فلسفية مرخصة في تاريخ السعودية، وقد لقي الخبر صدى واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ورحب الجميع بالفعل الفكري البناء، ولا سيما أن الفلسفة تعلمنا طرح الأسئلة، التي عادة ما تكون أهم من الإجابات، ذلك أن الأخيرة تقودنا في اتجاه واحد، بينما الأولى تسعى بنا في الآفاق الكونية الرحيبة.
واقع المملكة الفكري اليوم يمكن التعبير عنه باستعارة بعض الكلمات من افتتاحية المؤتمر للدكتور محمد حسن علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، التي فيها اعتبر أن «السعودية واحدة من أكثر دول العالم تغيراً، ولا تكاد تضاهيها دولة في سرعة الحراك النهضوي، وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات فلسفية وفكرية وثقافية مختلفة».
ولعل المرء يتساءل، مخلصاً البحث عن التساؤل، والبحث عن الإجابة: «أهناك عداوة حقيقية بين الإسلام والفلسفة؟».
الشاهد أن كثيراً من الفلاسفة المسلمين قد انطلقوا في مجال الفلسفة من خلال نصوص قرآنية تحثّ على استخدام العقل بهدف التزود بالمعرفة، وما أكثر الأفعال القرآنية التي تسعى في طريق البحث في الكون وآياته، من مثل «أفلا تعقلون»، «أفلا تتفكرون»، «لقوم يعقلون»، إلى آخر الدعوات المشابهة.
يحدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي عن الفلسفة بوصفها «علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان، لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق، وفي عمله العمل بالحق». وقد كان الكندي أول الفلاسفة المشّائين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
والشاهد أننا لا نتجاوز الواقع تهويلاً إن قلنا إن الحضارة الغربية مدينة في جانب كبير من تقدمها لفلاسفة عرب قدموا التراث اليوناني المعرب إلى الحواضن الغربية، التي عرفت كيف تكمل مسيرة التحقيق والتدقيق العقلي، ومن ثم لامست فلسفة الأنوار، وبدأت عهدها مع الحداثة، وخلت من ورائها دروب الإظلام والعتم العقلي.
كيف للمرء أن يطالع أسماء الفارابي، وابن سينا، وابن باجة، وابن رشد، والإدريسي، وابن النفيس، وابن الهيثم، وصولاً إلى ابن حزم، والغزالي، ليدرك الباع الطويل للعرب والمسلمين في عالم الفلسفة، بل إن جماعات فلسفية بعينها نشأت وارتقت في العالم العربي، كما الحال مع جماعة إخوان الصفا، سواء اتفقنا معهم أو افترقنا عنهم، وقد اتخذوا من البصرة موقعاً وموضعاً لهم، وحاولوا أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في القرن الثالث الهجري، العاشر الميلادي.
من أهم المشاهد التقدمية في مؤتمر الرياض للفلسفة تجرؤه على الأمل، من خلال النظر للأطفال على أنهم فلاسفة المستقبل، فقد أشار الفيلسوف الأميركي كريستوفر فيليبس المشارك في أعمال المؤتمر إلى أهمية إتاحة الفرصة للأطفال والتأكيد على وجوب قيادتهم في كثير من المجالات، وهو ما فعلته إدارة المؤتمر من خلال تخصيص مكان للعائلات والأطفال لتحفيز قدرتهم على القراءة والتفكير الفلسفي وترتيب ورش عمل مخصصة لهم.
ليس سراً أن المستقبل يبدأ اليوم، وأن العقل الناقد، الذي توقف معه كثيراً الفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط، هو مفتاح التعاطي مع عالم متغير بسرعة هائلة.
مؤتمر الرياض نافذة على تفكير جديد يليق بـ«رؤية 2030».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي مؤتمر الفلسفة حراك نهضوي سعودي



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم

GMT 15:48 2013 السبت ,08 حزيران / يونيو

ثلاثة فضاءات لـ "المثلث الإسلامي"؟

GMT 08:51 2012 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

أجمل 30 امرأة في العالم في حضور عربي واضح
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon