المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية

المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية

المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية

 لبنان اليوم -

المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

دارت عجلة الانتخابات الرئاسية الأميركية بالفعل، وذلك عبر الاقتراع المبكر في العديد من الولايات، ومع اقتراب الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبالتوازي مع حالة العنف السياسي المحلقة فوق الرؤوس، بات سؤال مهم للغاية يُطرح بصوت عالٍ: «ما هو موقف المؤسسة العسكرية الأميركية، لا سيما حال انفلاش العنف في أرجاء البلاد؟».

أهمية السؤال، وربما خطورته، تنشأ من عند مخاوف الصدامات العنيفة المتوقعة بين أنصار المرشحين، وصولاً إلى الوضع الأصعب، وفيه يمكن أن يرفض الخاسر نتيجة الانتخابات، ويعلن نفسه فائزاً ورئيساً، وبذلك تضحى في أميركا حكومة ظل، بجانب الحكومة الرسمية، أي الدخول في معترك الصراع المجتمعي الداخلي، وصولاً إلى الحرب الأهلية.

عُرفت المؤسسة العسكرية الأميركية طوال تاريخها بالانضباط، وحسب الدستور الأميركي فإنها خاضعة بالكلية للسيطرة المدنية المتمثلة في رئيس البلاد، القائد العام للقوات المسلحة، ولإشراف ممثلي الشعب، عبر الكونغرس بمجلسيه.

غير أن التاريخ القريب، وبخاصة في ولاية الرئيس ترمب السابقة، يخبرنا بأن هذه السياسة كانت في بعض الأحيان محفوفة بالمخاطر، فخلال تلك الولاية اليتيمة، ساعد كبار القادة العسكريين، سواء كانوا نشطين أو متقاعدين في إقناع الرئيس بالتخلي عن أفكاره الأكثر خطورة، كما أن منتقدي إدارة ترمب كانوا ممتنين للطريقة التي خدم بها هؤلاء الضباط باعتبارهم «الكبار في الغرفة»، وإن كان أنصار ترمب، وترمب نفسه، يعتقدون أن المؤسسة العسكرية أحبطته عن إنجاز كل ما أراد القيام به.

هل تعرض ترمب بالفعل لشيء من التجاوز من المؤسسة العسكرية الأميركية في الأيام الأخيرة الصعبة من إدارته؟

حدث ذلك بالفعل خلال أزمة السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، حيث تواصل رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي، مع نظيره الصيني لي تشو تشنغ، ليطمئنه بأن أميركا غير مقبلة على حرب مع الصين، وهو أمر اعتبره ترمب لاحقاً خيانة رسمية تستوجب المحاكمة العسكرية.

تبدو المؤسسة العسكرية الأميركية وكأنها بالفعل على أهبة الاستعداد للتدخل في سياقات الحياة السياسية، وبخاصة حال تعرض الاتحاد الفيدرالي الأميركي بشكله الحالي لتهديد مستقبله، وهو ما يبدو واضحاً في الأفق، لا سيما أن العديد من رايات الكونفدرالية ترتفع عالياً، من تكساس في أقصى الجنوب، إلى كاليفورنيا على المحيط الهادئ غرباً.

هنا يتساءل كبار المراقبين للشأن الأميركي: هل يمكن للرئيس الأميركي الاستعانة بالجيش لدرء الأخطار؟

من المعروف أن الرئيس الأميركي، أي رئيس، يمكنه اللجوء إلى ما يُعرف بـ«قانون التمرد»، وهو قانون اتحادي، يسمح لسيد البيت الأبيض بنشر قوات مسلحة، وقوات من الحرس الوطني، داخل الولايات كافة في ظروف معينة، مثل قمع الاضطرابات المدنية والتمرد.

غير أن المتوقع بعد الخامس من نوفمبر مخيف وباعتراف جنرالات أميركا أنفسهم، وربما يصعب معه الاستعانة بهذا القانون؛ ذلك أنه سيضع أعضاء المؤسسة العسكرية في مواجهة إرادة شعبية منقسمة، وفي نهاية المطاف هؤلاء من قلب ذلك الشعب، وغير منبتّي الصلة عما يؤثر فيه ويتأثر به، ما يعزز من حالة التشظي المجتمعي، وتفكيك الدولة.

في مارس (آذار) الماضي كتبت البروفيسورة ريزا بروكس من جامعة ماركيت بولاية ويسكونسن، إحدى الولايات المتأرجحة، عبر مجلة «فورين بوليسي» منذرةً ومحذرةً مما سمته «التسييس التدريجي للجيش الأميركي».

تقطع بروكس بأن أميركا سوف تخسر كثيراً إذا تخلى الجيش عن حياده الحزبي، وسيتضرر أمنها القومي بسبب التشويه الذي ستتعرض له المشورة العسكرية نتيجة أعمال السياسة.

غير أن نفراً من جنرالات أميركا الكبار لم يتوقفوا عند حديث بروكس ونظرائها، فعلى سبيل المثال في أوائل ديسمبر (كانون الأول) 2021، حذّر ثلاثة من كبارهم المتقاعدين من اندلاع تمرد، أو ربما حرب أهلية، إذا لم تقبل قطاعات من القوات المسلحة الأميركية نتائج الانتخابات الرئاسية.

أصحاب هذا الرأي هما اللواءان المتقاعدان بول دي إيتون وأنتونيو إم تاجوبا، إضافة إلى العميد المتقاعد ستيفن إم أندرسون، وقد باتوا يشكلون جبهة عسكريين سابقين، ينذرون ويحذّرون القيادة المدنية السياسية من هوة الهلاك الفاغرة فاها بعد الخامس من نوفمبر، سيما في ضوء نوايا مصرح بها من الديمقراطيين بأنه حتى لو فاز ترمب بالأصوات الشعبية والمندوبين، فإنهم سيحرمونه من العودة إلى البيت الأبيض بتفعيل البند الثالث من التعديل الرابع عشر من الدستور الأميركي. يضحى من السذاجة القول إن المؤسسة العسكرية الأميركية ليس لديها سيناريوهات جاهزة لكل الاحتمالات، وفي مقدمها الانهيار التام لسلسلة القيادة على أسس حزبية.

هل أميركا على موعد مع أول انقلاب عسكري في تاريخها؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية المؤسسة العسكرية ومآلات الانتخابات الأميركية



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon