ماكرون بين المرفأ والمجلة
أخر الأخبار

ماكرون بين المرفأ والمجلة

ماكرون بين المرفأ والمجلة

 لبنان اليوم -

ماكرون بين المرفأ والمجلة

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

اجتزاء المبادئ وانتقاء ما يناسب الهوى ويوائم الفكر، ورفع بطاقة «الخصوصية والهوية» الحمراء كلما «اتزنقنا»، أمور قد تريحنا بعض الوقت وتخدرنا لسنوات، لكنها لا تؤسس لثقافة أو تبنى منظومة. زار الرئيس الفرنسى ماكرون بيروت عقب انفجار المرفأ. انبهر البعض، وصفق البعض الآخر، واحتفظ فريق صغير لنفسه بحق التنبيه إلى أن مبدأ «علشان خاطر عيونك» غير معترف به فى السياسة، وأن الزيارة ذكية وجريئة، لكن بالطبع لها غايات ومحملة بالأغراض.

لكن الغريب أن يبادر البعض من الفريق المنبهر، الذى دغدغت الزيارة مشاعره، إلى موجات تبكيت عارمة «ماكرون عمل ما لم يعمله سياسى عربى»، «التضامن والمؤازرة تأتى من الغريب وليس القريب»، «طبطبت الزيارة على شعب بأكمله». ردود الفعل هذه مفهومة. أنت منبهر بهذه الحساسية الراقية والمشاعر السامية، وتعتبرها مثلًا يُحتذى، وتعتبر تلك البلاد قِبلة للمهاجرين والنازحين لأنها تحترم الإنسانية وتعتبر كل بنى البشر سواء فى الحقوق أو الواجبات. تمام جدًا.

تمضى أيام قليلة وتقرر مجلة «شارلى إبدو» الفرنسية إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الشهيرة التى نشرتها قبل خمس سنوات والتى أساءت لسيدنا محمد (ص). لماذا؟.. تواكبًا مع بدء محاكمة عدد من الموجهة لهم تهمة الهجوم الذى تعرضت له المجلة وأوقع 12 قتيلًا من هيئة تحريرها للانتقام من المجلة و«إهانتها» لجموع المسلمين. وكتب رئيس تحريرها «لوران سوريسو» فى مقال نشره أمس الأربعاء مع صدور العدد: «لن ننحنى أبدًا.

لن نستسلم». فماذا فعل ماكرون؟ أصدر أوامره بوقف النشر فورًا؟ لا، لم يفعل. رفع سماعة الهاتف وطلب من سوريسو وديًا التراجع عن قرار النشر؟ لا، لم يفعل. أمسك بالعصا من المنتصف، فأعلن أن مبادئ حرية التعبير فى بلده تمنعه من المنع أو الحجب أو الإغلاق؟ لا، لم يفعل. ماذا فعل؟.. صحيح أنه دعا «المواطنين الفرنسيين» إلى احترام بعضهم البعض وتجنب حوار الكراهية، إلا أنه قال بوضوح شديد إنه ليس فى موقع يمكنه من إصدار حكم على قرار المجلة بالنشر أو حتى انتقاد قرارها بنشر الرسوم. هنا انقلبت الآية، وبدلًا من «ماكرون الحنون» و«فرنسا الرؤوفة» واحترام الغرب الجارف لحقوق الإنسان... إلخ، انصبت اللعنات والاتهامات، بل المطالبة بالتظاهرات والاحتجاجات. أن تسىء لمعتقدات آخرين فهذا شىء مرفوض. لكن كيف تعبر عن الرفض: تحرق علمًا.. أم تسب وتلعن.. أم تبحث عما يعتنقه الآخر وتبادره الإساءة بإساءتين؟.. تلكمه فى وجهه؟.. تفجر مكان عمله؟.. تفخخ بيته؟.. تطالبه بالاعتذار؟.. تعتبرها حرية تعبير مسيئة؟.. تبذل جهدًا لتثقفه وتوضح له حقيقة المعتقد الذى يسىء إليه؟.. صحيح أن ما لا يُدرك كله لا يترك جُله، لكن من المفيد فهم الأسس التى تقوم عليها دول أخرى وثقافات مغايرة.

ما يعتبرونه «حرية تعبير» لا يتجزأ، وما يتم التوافق عليه باعتباره مصلحة وطنية يتم اقتفاء أثره ولو خارج الحدود.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون بين المرفأ والمجلة ماكرون بين المرفأ والمجلة



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل

GMT 20:32 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق إطلالاتك اليومية

GMT 22:11 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أفضل الأحذية المثالية للحفلات

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 20:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

أبرز اتجاهات الموضة في حقائب اليد هذا الصيف

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:19 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء

GMT 13:37 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

تعرفي على طريقة عمل الكريب الحلو بالوصفة الأصلية

GMT 14:10 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

باريس العربية

GMT 09:39 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

مارثا هونت تكشّف عن جسدها الرائع في فستان أسود
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon