رمضان «حاجة تانية»

رمضان «حاجة تانية»

رمضان «حاجة تانية»

 لبنان اليوم -

رمضان «حاجة تانية»

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

لسبب ما أصبح شهر رمضان، ومع قدوم كل عام، مناسبة تستدعى نوستاليجيا الماضى. ربما يكون ذلك نتيجة طبيعية للتقدم فى العمر والميل الطبيعى للماضى والحنين لما ومن رحلوا عن دنيانا فى هذه الأيام التى تتلون بألوان العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية. وربما لأن الأكبر سنًا غالبًا يعتبرون أن أيامهم كانت أوفر خيرًا وأكثر صدقًا وأعمق معنى. أتذكر رمضان وقت كان مرتبطًا بفوازير التلفزيون. نيلى وشريهان على رأس القائمة. وأتذكر أن والدتى رحمها الله كانت لا تعترف إلا بفوازير ثلاثى أضواء المسرح: جورج وسمير والضيف أحمد.أما والدى رحمه الله فظل طيلة حياته عدوًا للتلفزيون. لم يقتنع يومًا بقيمته الترفيهية أو التوعوية أو غيرهما. الراديو كان سيد الموقف فى بيتنا. إذاعة بى بى سى العربية كانت تصدح فى كل ركن من أركان البيت، وفى رمضان كان يسمح لنا بتناول طعام الإفطار فى صحبة فوازير آمال فهمى التى كنا جميعًا نجتهد فى حلها.

كنت أفضل رمضان الصيفى لأنه كان يسمح لنا بمشاهدة قليل من التلفزيون بعد الإفطار، فى حين كان رمضان الشتوى يفرض أحكامًا صارمة على المشاهدة، باستثناء يومى الخميس والجمعة. ورغم ذلك، كان رمضان خفيفًا على القلب جميلًا بكل المقاييس. ولم لا، وجيراننا من المسيحيين يرسلون لنا أطباق الأرز باللبن والقطايف والكنافة طيلة أيام الشهر، وهى الأطباق التى تعود محملة بالبسبوسة والبقلاوة والمهلبية. كان هذا فى زمن ما قبل تغلغل الجماعات الدينية باسم الأعمال الخيرية والمستوصفات وجمع أموال «تبرع يا أخى المؤمن لبناء مسجد» على مدار عشرات السنين دون أن يعرف أحد لهذا المسجد أرضًا أو وطنًا أو عنوانا.

وكان هذا أيضًا قبل أن يقوم هؤلاء بزرع ونثر بذور استلاب العقول بالذقون. كان هذا قبل أن يأخذ هؤلاء على عاتقهم تحويل الدين من ترغيب إلى ترهيب، ومن دعوة مبتسمة للالتزام بالأخلاق إلى صارخ عابس متجهم مع التلويح المستمر بالنار وجحيمها والعذاب وآلامه. لذلك، حين أتحدث مع الأصغر سنًا عن مجتمع مختلف قلبًا وقالبًا، يرمقنى وكأننى أتحدث عن بلد غير البلد ومجتمع غير المجتمع. كان المجتمع أكثر تدينًا، بالمفهوم الأخلاقى للدين، لكن أكثر مدنية وليبرالية. رمضان زمان كان فيه برامج دينية جميلة تتحدث عن أخلاق الصائم والغاية الروحانية من الشهر الكريم وصلة الأرحام وقيم التعاطف والتكافل وغيرها، أكثر بكثير من ملابس النساء وصوت النساء ومشية النساء وتصرفات النساء، وكأن الشهر مقسوم إلى نصفين، واحد للنساء وآخر للصوم ومتطلباته الروحانية. ظل رمضان مرتبطًا فى الأذهان بأصوات المقرئين والمنشدين المصريين المميزة والتى تدخل القلب فورًا لأنها تتمتع بالسماحة واللين، ولا تعرف الترهيب أو التخويف. كانت تخاطب القلوب الطيبة الراغبة فى التقرب إلى الله حبًا وعشقًا، لا خوفًا وخشية. رمضان بالفعل فى مصر «حاجة تانية» والسر فى التفاصيل التى أنوى الخوض فيها على مدار الشهر. رمضان كريم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان «حاجة تانية» رمضان «حاجة تانية»



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon