أسئلة «الهول»
أخر الأخبار

أسئلة «الهول»

أسئلة «الهول»

 لبنان اليوم -

أسئلة «الهول»

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

يسعى البعض إلى التحرر من مسؤولية نفسه، ومن مسؤولية التفكير لنفسه، ومن مسؤولية اختياراته الحرة. يسلِّم مفاتيح عقله لأحدهم، وهذا الـ«أحدهم» تتلخص مهام عمله فى إقناع أكبر عدد ممكن بأنه «مسؤول التفكير»، وأنها مسؤولية تم تكليفه بها ربانيًا، وأن مهمته هى منع (حماية) الناس من التفكير، لأن فيه هلاكًا لهم.

هذا النوع من العمل يزدهر فى البيئات التى تعتبر التفكير سُبَّة، والاختيار الحر مصيبة. فى هذه البيئات، يتم العمل على الإبقاء على منظومة التعليم فى ثلَّاجة الجمود والتحجر. ويتم ضبط المنظومة برمتها على هذا الأساس: الطالب يتعلم ألَّا يفكر، فقط يحفظ ويصمّ ويسكب ما تم حقنه به من معلومات على ورقة الامتحان، والمعلم – وهو خريج المنظومة نفسها – يُحفِّظ ويلقِّن ويقى الصغار شرور التفكير، والناظر مهمته التأكد من أن الطالب لا يفكر، وأن المعلم لا يحرّض الطالب على التفكير، وولى الأمر تزيد سعادته كلما اتسعت قدرات الابن على الحفظ والسكب، وإن اكتشف– لا قدر الله– أنه يسأل سؤالًا خارج المنهج، ويا سلام لو كان فى مسألة حساسة أو جدلية أو خارج منظومة «آمين»، يقلب الدنيا رأسًا على عقب، ويحرص على إعادة الابن العزيز إلى ثلَّاجة النظام التعليمى.

 

وفى مثل هذه البيئة، يُهيَّأ للأفراد أنهم يحظون بنظام تعليمى رائع، وأنهم نجحوا فى مهمة التربية والتنشئة بشكل مثير للإعجاب، وتكون مهمة المجتمع كله الإبقاء على هذه المنظومة والحفاظ عليها من مخاطر التفكير الخارجى، وتهديدات الأسئلة خارج المنهج.

سنة أولى تطرف وتعصب تصنعها هذه المنظومة التعليمية والتربوية، وتغذيها بقية المؤسسات فى المجتمعات التى تختار أو تُجبر على اختيار هذا النوع من الحياة.

يشغلنى كثيرًا مجتمع مثل «مخيم الهول» فى شمال سوريا. فى أعقاب ما يحلو للإعلام أن يسميه «هزيمة داعش»، والتى لم ولن تُهزَم، لأن «داعش» فكرة، والفكرة لا تموت حتى وإن اتخذت أشكالًا لا تنتمى لداعش بالضرورة، تم تجهيز المخيم الذى تحوَّل إلى ما يشبه مدينة قائمة بذاتها، نحو ٤٠ ألفًا من أفراد أسر الدواعش، أغلبهم من النساء والأطفال. تخيَّل معى طفلًا فتح عينيه أو وصل المخيم فى عام ٢٠١٩، ولم يبرحه قط. هو محاط بأم داعشية، وينتمى لأب داعشى، ويعيش فى مجتمع مشبع بهذا الفكر (والذى لا يختلف جوهريًا عن كثيرين يعيشون معنا وحولنا، حيث الاختلاف فقط فى درجة التطرف). ماذا تتوقع منه اليوم أو بعد عشر سنوات؟ وماذا تتوقع مثلًا من الأسر السورية التى سُمح لها بالعودة إلى ديارها وهم على هذه الحال الفكرية؟ هل سينشرون المحبة والسلام والمودة أينما حلُّوا؟، هل تخلوا عن أفكارهم، التى حتمًا حقنوها إلى صغارهم أثناء الرضاعة، والمتعلقة بكفر الدولة، وكفر الآخر، وكفر المجتمع؟، هل تبدو الأسئلة مألوفة؟ ألم تسمعها، عزيزى القارئ، تتردد من حولك؟.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة «الهول» أسئلة «الهول»



GMT 20:52 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

ترمب وإيران ودروس لـ«حماس»

GMT 20:47 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

يوم التحرير... شرعية أميركية جديدة

GMT 20:45 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لكنْ ماذا نفعل؟

GMT 20:42 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

فتنة حرب أهلية في غزة

GMT 20:40 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

القصة ليست بالدكتوراه!

GMT 20:40 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

القصة ليست بالدكتوراه!

GMT 20:38 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

إسرائيل: لا للتطبيع مع العرب!

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 20:23 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مصممات الديكور السعوديات يصنعن نجوميتهن عبر "إنستغرام"

GMT 07:03 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع دبي للتصميم لعام 2025 يقدم معرض خواتم الرجال

GMT 15:51 2023 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

شركة طيران الشرق الأوسط تتأهّب لموسم الصيف

GMT 12:43 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 05:20 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تحديد نوع الجينز المناسب حسب كل موسم

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 21:38 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفضل عطور لافندر للنساء في 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon