التعسكر والتمدين في المسألة السودانية
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

التعسكر والتمدين في المسألة السودانية

التعسكر والتمدين في المسألة السودانية

 لبنان اليوم -

التعسكر والتمدين في المسألة السودانية

بقلم : فـــؤاد مطـــر

يأخذ المرء على إخواننا السودانيين أنهم يغتنمون الفرصة التي تفيد، وهي إذا اقتربت قليلاً منهم ابتعدوا كثيراً عنها. وها هم منذ سنتين تائهون في حين الطريق سالكة أمامهم إذا هم حمدوا وشكروا وارتضوا الاستقرار المفقود مدخلاً لحالة من الطمأنينة لا تحققها المسيرات المليونية ولا التقاذق بالحجارة، ولا إكثار الشعارات وابتكار الهتافات... ولا هذا التصويب من بنادق تخص جيش السودان على شبان هاتفين آملين حالمين بأن التظاهر والهتاف المدني ضد العسكري سيحقق الحلم المنشود. كما لا يحقق الطمأنينة أن كلما تزايدت الاهتمامات العربية والدولية بهم تجدهم لا يجنحون إلى التسوية التي ينطبق عليها المثل الشعبي مع تعديل في المفردات وليس في المضمون: لا يفنى الحراك الشعبي ولا ينكسر شأن الطيف العسكري. ومن باب التوضيح، فإن الأصل حرفياً للمثل هذا هو: لا يموت الذئب ولا يفنى القطيع.
عند التأمل في المشهد السوداني الذي بدأ قبل سنتيْن مثاراً للإعجاب وكيف بقيت جذوة الاحتجاج الشعبي على حالها، يخلُص المتابع مثل حالي كوني صحافياً كثير الاهتمام بأحوال السودان الذي هو مثار إعجاب في احتجاجه، ومثار دهشة في خلافات أقطابه ومدعاة للتأسف على تضييع الفرص... إنني عند التأمل أجد القلم يعبِّر عما في الخاطر بخمس نقاط، هي ملاحظات مقرونة ببعض الاستنتاجات وكثير من التمنيات المندرجة في مجملها تحت ما يجوز تسميته نقطة نظام.
الملاحظة الأولى - التذكير الذي ينفع الذكرى هو أن التغيير جاء نتيجة تكاتف مدني – عسكري؛ ما يعني أن يقطف الطيفان الثمار الفجة أصلاً للحراك الذي تم. وكمتابع للشأن السوداني في عقر مؤسساته المدنية وأحزابه وطوائفه ونقاباته وتقلبات الأمزجة بسرعة قياسية، ما زلت أرى أن الاستئثار المدني بالحكم عمره قصير عموماً، وأنه بات على درجة من الاستحالة بعدما بات الطيف العسكري شريكاً في التغيير، وهذا تماماً ما حدث. كما يمكن القول إنه لولا تلك الشراكة لكان الماضي على حاله ولبات التغيير مجرد حلم.
الملاحظة الثانية - لنفترض أن الطيف العسكري ارتأى هو من جانبه فض مبدأ الشراكة وقرر الجنرالات والعمداء والعقداء العودة إلى الثكنات، فمن الذي سيتسلم المقادير؟ قد يقال خلطة شيوعية - بعثية - ناصرية وبنكهة نقابية ولمسات أنصارية وختمية وإخوانية سيجلس ممثلوها إلى طاولة تناقش البديل والمصير. من يترأس، وكيف تتوزع الحصص، وكيف يكون ارتضاء الحقائب، وهل سيراعى تمثيل المناطق فينال الغرب كما الشرق كما الشمال كما جوار الجنوب كل غنيمته. هل يا ترى سيكون هنالك اتفاق وارتضاء وثبات وممارسة ونتائج؟
في قراءة للواقع الحزبي والسياسي وللماضي العسكري وتعامُل مؤسسة الجيش مع الأزمات، يجوز الافتراض أنه سيتم التوافق بمعزل عن الاتفاق على قيام صيغة حُكْم والالتزام إنما إلى حين ببنود اتفاق حبَّر رموز الحراك والشأن السياسي والحزبي والنقابي بنوده مع التوقيع، ثم لا تلبث الحكايا تتوالى عن حالات من التجاذب تصل أحياناً إلى درجة التخاصم. هذا ليس قراءة في فنجان وإنما استعادة حالات حدثت.
وفي ضوء ذلك، ما الذي سيحدُث؟ سنجد مجموعة من الضباط تفاجئ الجمع المدني الحاكم بعمل عسكري لا مجال فيه هنا للتشارك، وإنما يأخذ الضباط على عواتقهم أمر الحُكْم بكامل مؤسساته، ويبدأ بالتالي حشر بعض السياسيين المدنيين في أقبية سجن كوبر في الحد المهين، وبعض آخر في منازلهم قيد الإقامة الإجبارية، وتبدأ حالة عدم الاستقرار دورة جديدة... ويؤاخذ البعض نفسه لأنه يدفع ثمن عدم الانسجام مع زميله في الطيف العسكري.
الملاحظة الثالثة - هي حول الهتافات التي تنطلق بقوة من حناجر متظاهرين معبأين حزبياً، وتنمّ عن عدم احترام للطيف العسكري في معرض المطالبة بإسقاط العسكريين الممسكين بمقاليد الأمور وبهتافات تستفز المؤسسة العسكرية. وكأنما هؤلاء العساكر من عبد الفتاح البرهان إلى محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى كل ضابط وجندي في المؤسسة العريقة غُزاة جاءوا من دولة أُخرى، وقاموا بوضع اليد على المقاليد، وليسوا من أبناء السودان ومن سائر مناطق وولايات الوطن السوداني الذي كان واحداً ثم بات اثنيْن، وربما لا قدَّر الله يوصله عدم الاستقرار إلى أن يصبح ثلاثة ثم أربعة، وليس مستحباً كما ليس لمصلحة المستقبل السوداني تصوير الطيف العسكري وكأنما هو يحتل السودان. مثل هذا التصرف يؤسس لأحقاد دفينة، ويجعل كتاب التغيير في السودان حافلاً بالمزيد من الانقلابات المبنية على حقد متبادل مدني - عسكري.
الملاحظة الرابعة - هي حول عدم قراءة النخبة السودانية رموز الحراك الحزبي والنقابي - المدني للموقفيْن العربي والدولي من الذي جرى ويتواصل حدوثاً في السودان. فلقد بدا واضحاً منذ الأسابيع الأولى أن أصحاب الشأن العربي والدولي منسجمون مع صيغة الشراكة التي أخذت شكلها المتوازن بالتشكيل السيادي والحكومي وما استتبع ذلك من قرارات. ومن هنا، كان حرياً بالطيف المدني قراءة الرسالة العربية - الإقليمية - الدولية بالكثير من التأني، وكذلك البحث بين السطور عن بعض المعاني والتلميحات. وهم لو قرأوا لكانوا استوعبوا كنه الموقف بحيث لا يصبح معضلة، ولكانوا بالتالي ارتضوا الصيغة التشاركية الثابتة المشذبة بعض مضامينها بمقصات القوى العربية والدولية الفاعلة في الشأن السوداني، بل وفي مصير السودان الدولة وليس فقط مصير السودان الحُلم. وعندما نقول القوى الفاعلة فإننا نضع بضعة خطوط تحت كلمات: مصر. السعودية. دولة الإمارات. الولايات المتحدة. روسيا. الصين. وهذه القوى لم يغادر النصح والتحذير والمساندة عند هبوب عواصف الشدة الغذائية والنفطية، خطابها السياسي في الشأن السوداني. ثم جاءت الأمم المتحدة بدافع من هذه القوى ودول عربية وأجنبية ترتاح لها تقوم بدور لم تحظ به حركة تغيير في منطقة الشرق الأوسط وغيرها، ويتمناه اللبنانيون المغلوب على أمورهم من غالبية بعض الزعامات العابرة.
ِإن خيار المضي في مسألة التطبيع وبما يخدم المحاولة التجريبية المستحدثة والرحبة بعض الشيء لتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي يشكل دافعاً أساسياً إقليمياً ودولياً لكي تستقر حال السودان بالصيغة المدنية – العسكرية، وحتى إذا أوجبت الظروف إرجاح الكفة الجنرالية على الكفة المدنية. وهذا يعني أن الأخذ بما يطالب به الطيف المدني غير مرحب به كما عدم الرضى عن جنوح الجنرالات في اتجاه جعل الطيف المدني مجرد أداة تنفيذ للإرادة العسكرية. وما يفسر جوهر هذه المعادلة، أن كل النداءات والتمنيات والاتصالات العربية والدولية تسجل المواقف التي تؤكد ضمناً ما نشير إليه، فضلاً عن أن الأقوال وإن اتسمت بالتشدد لا تنتهي إلى أفعال. وهذا يعني أن المأمول من قطبي الرحى السوداني التي لم تعطِ حتى الآن طحيناً أن يقرأوا ببصيرة الطرف المسؤول عن مصير الوطن، ما الذي تريده الدول العربية والدولية ذات التأثير من طرفي الصراع في السودان.
الملاحظة الخامسة - أن الوضع الراهن في السودان لن يبقى على هذا الكر والفر وما يرافق جولات المواجهة من خسائر بشرية ومالية. فالحراك ليس ثورة أكتوبر (تشرين الأول) البلشفية التي فجرها لينين وسائر الرفاق الشديدي الحمرة، والطيف العسكري بكامل جنرالاته ليس القيصر وحاشيته. وفي نهاية المطاف، سنجد أننا أمام حالة جديدة كفيلة بطي ورقة التظاهر والهتاف والرصاص المطاطي. سنجد المشهد المدني لم يعد على ما ألفناه ذلك إن الجنرالات ورفاقهم الأدنى قد تمدينوا. أليس هذا ما حدث مع جمال عبد الناصر ورفاقه جنرالات وضباط ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، وصولاً إلى الزمن المصري الراهن. فالعسكري قادر على أن يتمدن واستبدال البدلة العسكرية حتى إذا هي بدلة الميدان بالبدلة المدنية الأنيقة مع ربطة العنق المنتقاة بعناية، وهذا لمسناه بتقطع خلال لقاءات عقدها البرهان مع زواره العرب والدوليين والإسرائيليين، متفقدين محذرين ناصحين، ولمسناه حديثاً بحرص الجنرال محمد أحمد دقلو (حميدتي) على أن يزور أديس أبابا يوم السبت 29 يناير (كانون الثاني) 2022، ويلتقي النوبلي آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا الذي يماطل في موضوع سد النهضة، ويبرم معه ما من شأنه تبريد حمى صراع الحدود.
... وأما المدني، بعثياً كان أو ناصرياً أو شيوعياً أو نقابياً أو أكاديمياً أو ختمياً أو أنصارياً أو إسلاموياً، فلا سبيل أمامه لكي يتعسكر. كما لا سبيل أمامه سوى اعتبار الطيف العسكري شريكاً أو سنداً وليس حذفه من المشهد وكأنما ليس هو الرقم الصعب في العالم الثالث... وخصوصاً في السودان. والله الهادي إلى سواء سبيل التوافق.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعسكر والتمدين في المسألة السودانية التعسكر والتمدين في المسألة السودانية



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 19:56 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الأحزمة الرفيعة إكسسوار بسيط بمفعول كبير لأطلالة مميزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon