صراع البيادق

صراع البيادق

صراع البيادق

 لبنان اليوم -

صراع البيادق

بقلم : سوسن الشاعر

تحدث تقرير نشره موقع «استراتيجي بيج» في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 عن نتائج مخيبة للآمال مُنيت بها القوات الإيرانية، في محاولة يائسة لتنظيم ميليشيا شيعية في سوريا على غرار «حزب الله» في لبنان، وذلك نتيجة لتراجع عدد الشيعة السوريين الذين يرغبون في الانخراط بتنظيم «حزب الله» السوري، أو الخدمة في أي ميليشيا جديدة تمولها إيران، ووفقاً للتقرير؛ فإن الجهود الإيرانية الأخيرة لتشكيل ميليشيا شيعية في سوريا قد واجهت مصاعب جمة، وذلك نظراً لعزوف حاضنة النظام عن التجنيد، خاصة أن التمويل الإيراني آخذ في التراجع، فيما تتضاعف الخسائر البشرية في صفوف عناصر الميليشيات في سوريا، الذين يتم الزج بهم في جبهات القتال، بينما تعاني أسرهم من أكبر ضائقة اقتصادية تشهدها البلاد (المرصد الاستراتيجي).
خارطة الصراع الزئبقية في منطقة الشرق الأوسط والأقصى على رمال متحركة غير ثابتة أجبرت جميع اللاعبين الكبار على تحريك بيادقهم، وفقاً لتلك المتغيرات بمنطق أنه لا عداء ثابت ولا حلف مضمون، وأن الصراع لم ولن يكون عبر المواجهات المباشرة بالجيوش النظامية، بل لكل بيادقه التي يحارب بها الآخر على مناطق نفوذه.
الخصومة التركية العربية - على سبيل المثال - لم تعد ثابتة، المباحثات والمفاوضات التركية من جهة، والإماراتية والمصرية والأردنية من جهة أخرى، تجري على قدم وساق، وزيارة الشيخ طحنون بن زايد ثم الشيخ عبد الله بن زايد لتركيا جاءت تتويجاً لتلك المفاوضات وليست مبتدأها، وأسفرت عن التخلي عن البيادق الإخوانية العربية الموجودة في تركيا، ويجري التباحث الآن على البيادق العربية التابعة لتركيا والموجودة في ليبيا والعراق وشمال سوريا.
الوسط الآسيوي هو الآخر يموج وتقاسم مناطق النفوذ تحتدم فيه المنافسة بين اللاعبين الأتراك والإيرانيين. ما يزعج إيران أن تركيا تحرك بعضاً من بيادقها - غير الأتراك - بل من شعوب المنطقة الناطقة بالتركية بدعوى حمايتهم، فيحتدم الصراع التركي الإيراني في أكثر من جبهة كالساحة الأوزبكية الأفغانية وفي أذربيجان وأرمينيا، فترد إيران على التحرك التركي بتحريك بيادقها هي الأخرى ونقل بعض من ميليشياتها الموجودة في سوريا من شعوب تلك المنطقة لإعادة تموضعهم في هذه المناطق الآسيوية تحسباً.
ووفقاً للمرصد الاستراتيجي، تشير التوقعات إلى أن النظام الإيراني يتجه نحو تعزيز نفوذه وسط آسيا، لتغيير الموازين في المنطقة. ويدعم هذا التوجه إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس»، وهو الذي ظل مسؤولاً عن تجنيد مقاتلين للفيلق من أفغانستان وباكستان، ولا يزال يولي اهتماماً خاصاً بتغذية النزاعات الطائفية في وسط آسيا، حيث تحدثت تقارير أمنية عن قيام الحرس الثوري بتنفيذ خطة انتشار للواء «فاطميون»، في: «كابول»، و«هرات»، و«فرح» بأفغانستان، لمنافسة النفوذ الباكستاني، والزج بالمزيد من عناصر اللواء، بعد سحبهم من سوريا، في المناطق الحدودية مع أفغانستان. ويعمل قاآني على خطة طموحة تتضمن تغطية أفغانستان بشبكة من مقاتلي الميليشيات الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية كالأوزبك والطاجيك في مواجهة الأغلبية السنية من البشتون الذين يفضّلون التعامل مع الاستخبارات الباكستانية، التي ترغب في إبقاء أفغانستان تحت قبضتها.
ثم يأتي ملف المفاوضات الأميركية الإيرانية في فيينا الذي يتطلب من إيران استعراض القدرات واستخدام الأوراق الضاغطة، مما اضطرها إلى نقل بيادقها اللبنانية التابعة لحزب الله لقاعدة تدمر لقصف قاعدة «التنف» الأميركية في سوريا، ووفقاً لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط تنشط البيادق العراقية للمواجهة الإيرانية الأميركية، إذ «تم الإعلان عن حملة التجنيد من قبل أمين عام «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، في 19 نوفمبر، في تغريدة له على «تويتر» حيث قال: «مع اقتراب ساعة الحسم والمنازلة الكبرى، تعلن المقاومة الإسلامية (كتائب سيد الشهداء) عن فتح باب الانتماء والتطوع لصفوفها، وتدعو أبناء شعبنا العراقي المقاوم وفصائل المقاومة لرفع مستوى الجهوزية تحضيراً للمواجهة الحاسمة والتاريخية مع الاحتلال الأميركي في 31/ 12/ 2021 بعد الساعة 12 ليلاً».
فتصعيد المواجهة مع القواعد الأميركية بعد قرار الانسحاب الأميركي تطلب تجنيد مزيد من البيادق العراقية واللبنانية والسورية، مع ما في ذلك من صعوبة تمثلت بترك صفوف المجموعات التي يقاتلون ضمنها لعدة أسباب، منها: الراتب القليل، وعدم حصولهم على مخصصات الطعام، على غـرار العناصر من الجنسيات الأخرى، وتعرضهم للاشتباكات والهجمات المستمرة، وخشيتهم من القصف الإسرائيلي المستمر للمواقع الإيرانية، فضلاً عن الإجازات القصيرة التي يمنحها الإيرانيون مقارنة بالروس!
ثم تأتي الجبهة اليمنية التي تتعرض فيها البيادق الإيرانية لضربات نوعية من التحالف اضطرها لطلب العون من مركز القيادة الرئيسي في طهران، وهناك أقوال عن نقل مجموعة من المقاتلين اللبنانيين والسوريين للجبهة اليمنية.
وهكذا حين يحتدم الصراع بين اللاعبين في منطقة، والمؤسف أن بيادق هذا الصراع ليسوا سوى مرتزقة مأجورين عرب انتهت حجة حماية الأضرحة وحماية الطائفة لانضمامهم، وما بقي غير القتال من أجل سبب مباشر لا ريب فيه ينحصر بالأجر أو مقابل الغذاء والتطبيب!!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع البيادق صراع البيادق



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:53 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 لبنان اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 لبنان اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:42 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
 لبنان اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 لبنان اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 01:05 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

تعلم لغة ثانية يعزز المرونة المعرفية لأطفال التوحد

GMT 12:35 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

"تي باو" تطلق اللاب توب Tbook X11 الجديد

GMT 08:03 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

جنوب سوريا شبيه لجنوب لبنان

GMT 12:33 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

GMT 15:28 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

هالة سرحان سفيرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب

GMT 12:12 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في السعودية الأحد

GMT 01:58 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مي عمر تؤكّد أنها ترى "لؤلؤ" أكثر عمل ناجح جماهيريًا

GMT 06:27 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف بلدة قديمة هجرها السكان فجأة في فرنسا

GMT 02:47 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

نقابة الممثلين الأميركيين تهدد ترامب بالفصل

GMT 14:28 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 17:05 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق ثعلب في محمية إهدن عُرض للبيع بـ300 دولار
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon