أوروبا موحدة وغير موحدة

أوروبا موحدة وغير موحدة

أوروبا موحدة وغير موحدة

 لبنان اليوم -

أوروبا موحدة وغير موحدة

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

صنعت أوروبا وحدتها الاقتصادية وأسست لسوق ضخمة تضم حوالى ٤٥٠ مليون إنسان وضمت ٢٧ بلدا وأصبح لها حضور اقتصادى كبير ودخلت فى شراكات مع مختلف دول العالم، فهى الشريك الاقتصادى الأول لمصر ولمعظم البلدان العربية.

ورغم أن تأسيس الاتحاد الأوروبى كان بغرض بناء كيان اقتصادى وسياسى موحد، وبنى مؤسسات لتحقيق هذا الغرض مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان إلا أنه عجز حتى اللحظة عن بناء سياسة خارجية ودفاعية أوروبية موحدة.

إن أهم ما يميز تجربة الاتحاد الأوروبى التدرج فى بناء «الوحدة» والقدرة على دمج دول جديدة وفق معايير وقواعد واضحة، ولكنه عجز حتى الآن عن أن يحول الاتحاد إلى كيان موحد فى قراراته السياسية.

فقد وجدنا بكل سلاسة كيف أن رئيس وزراء المجر يستقبل نتنياهو رغم قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقته ويعلن أن بلاده ستنسحب من المحكمة، ويتخذ سياسات عكس ما تتوافق عليه الدول الكبرى فى الاتحاد الأوروبى سواء فيما يتعلق بملف الهجرة أو الديمقراطية وحقوق الإنسان.

يقينا إن «الإبهار» الذى قدمته التجربة الأوروبية فى توحيد دول خاضت معظمها فيما بينها حروبا عالمية طاحنة سقط فيها ملايين الضحايا تراجع الآن أمام فشل دول الاتحاد فى تبنى سياسة خارجية ودفاعية موحدة وعجزها عن اتخاذ موقف موحد من قرارات ترامب أو أن تكون الحامى القوى لقرارات الشرعية الدولية.

فأوروبا التى بدأت رحلتها فى ١٨ إبريل ١٩٥١ بالتوقيع على اتفاقية الفحم والقصدير بين عدد من الدول الأوربية فى العاصمة الفرنسية باريس، ثم التوقيع على اتفاق روما فى ١٩٥٧، والذى يعتبره الكثيرون البداية الحقيقية لتبلور مشروع الوحدة الأوروبية، وكان الغطاء الذى خرجت منه السوق الأوروبية المشتركة الذى وقعت عليها ٦ دول أوروبية انتهت بأن بنت سوق هائلة لمئات الملايين من البشر.

وقد انطلقت هذه التجربة من التفاصيل المعاشة للشعوب الأوروبية لم تجعلها حبيسة قرارات فوقية تصدر من أعلى، بقدر ما تحولت إلى ممارسة يومية تهدف إلى تحقيق وحدتها بالتراكم العملى، وعبر خلق قنوات شعبية ومؤسساتية تعمق من التفاعلات الأفقية بين الأوروبيين.

ولعل الطريق نحو الوحدة السياسية الأوروبية بدأ عبر بناء ثلاثة محاور رئيسية للتفاعل الاقتصادى الأفقى، الأول تمثل فى الوحدة الجمركية، والثانى السوق الاقتصادية المشتركة، والثالث العملة الموحدة.

والحقيقة أن الأساس الاقتصادى فى تجربة الوحدة الأوروبية كان رئيسيا، وأسس نموذجا قائما على نسج شبكة مصالح مشتركة بين الشعوب الأوروبية، دون أن يعنى ذلك غياب صراعات المصالح بينها إلا أن الاتحاد حرص على إيجاد حلول توافقية بين هذه المصالح المتباينة.

المسار الاقتصادى لأوروبا يمثل تجربة نجاح حقيقية، لكن المسار السياسى والقدرة على اتخاذ سياسات موحدة تجاه مختلف التحديات الدولية ظل حتى اللحظة شبه غائب.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا موحدة وغير موحدة أوروبا موحدة وغير موحدة



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم
 لبنان اليوم - الجزر وفيتامين A عنصران أساسيان لصحة العين وتحسين الرؤية

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية

GMT 16:36 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة يستعير لاعب الترجي التونسي شاونا

GMT 12:17 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

بوتين والسيسي يترأسان أول قمة روسية إفريقية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon