بقلم : محمد أمين
متى تتحقق سعادتك؟.. كل واحد يشعر بالسعادة على طريقته.. سواء بشراء بيت جديد أو سيارة جديدة أو القيام برحلة حلوة لمناطق جميلة.. شخصيًا كنت أرى السعادة في الاستغناء، وكنت أعتبر الاستغناء نعمة كبرى.. فهل تتحقق بالاستغناء كما كنت أتصور أم تتحقق بالرضا؟.. ولا علاقة لى بالذين لا يشبعون.. ومهتمون بكنز المال!
في رحلتى إلى الأقصر وأسوان أحسست بأن السعادة تتحقق بالرضا.. فهذا سائق يربى أسرته من سيارة تاكسى موديل 77 ويرضى بأقل القليل ولا يتفاوض معك ويقبل الجنيهات التي أخذها ويشكر ربه ولا يأكل أي شىء على مدار اليوم ويغلق فمه بكمامة، وهذا صاحب بيت عنده 3 أو 4 غرف ولم تسمع منه أنه يحلم بفندق ولكنه راضٍ على كل حال!
العمال الذين التقيتهم في مواقع الآثار يبحثون عن خمسين جنيهًا في اليوم.. ويبيعون الإكسسوارات بأقل من سعرها في فترات السياحة، وصلت الآن إلى القطعة بعشرة جنيهات، ويقولون مفيش سياحة وترى في عيونهم نظرة الرضا وهى سبب سعادتهم.. أحسن منهم دخلًا يئنون بالشكوى ولا يعجبهم العجب.. مع أنهم أحسن حالًا وأفضل دخلًا.. لكنهم لا يشعرون بالرضا!
تعلمت من الناس دروسًا كثيرة، أهمها نعمة الرضا وراحة البال.. هؤلاء بيوتهم مفتوحة لا تُغلق، ويقدمون واجب الضيافة بغض النظر عن أي شىء.. ويعزمون عليك تشرب شاى.. كله جاهز اتفضل!
نحن لم نذهب إلى هناك لنرى الآثار وإنما لنرى الناس الطيبة.. هذه بلاد عامرة بالكنوز، وكنزها الدائم هم الناس.. الموارد البشرية.. مصر حلوة بناسها.. البشر هنا هم الأصل بطيبتهم وكرمهم وروح المبادرة.. الابتسامة هي الأصل.. وكلمة أهلًا وسهلًا.. نحسبهم أغنياء من التعفف.. يحملون على ظهورهم ميراثًا من الكرم وتشعر معهم بالأمن.. فلا يضنون عليك بأى شىء.. المهم ألا تمشى من عندهم غاضبًا أو لديك شعور بالضيق أو لديك أي ملاحظة سلبية!
تقريبًا الذين يترددون على المكان اعتادوا التردد عليه، يقبلونه كما هو ويستمتعون بذلك.. ويتغاضون عن بعض السلبيات ويأخذون من كل مكان أفضل ما فيه، فقد يقيم السائح في مكان ويتناول وجباته في مكان آخر معروف بأنه يقدم طبقًا معينًا، والناس يدخلون ويخرجون دون أن يمنعهم أحد.. أنت مرحب بك في كل الأحوال، والبيوت لا تغلق أبوابها مثلما كان أجدادنا في الريف زمان!.