بقلم : محمد أمين
تحل هذه الأيام ذكرى رحيل الأستاذ إبراهيم سعدة، المعروف فى الوسط الصحفى بـ«الصنايعى»، كان أستاذًا فى صناعة الصحف، والاشتباك مع الرأى العام.. ذات مرة جاءت سيرته فى مكالمة مع الأستاذ سلامة أحمد سلامة، فقال بإعجاب: «ده صنايعى»!.
وُلد «سعدة» فى الثالث من نوفمبر1937 فى مدينة بورسعيد، وفكر أن يعمل مراسلًا صحفيًّا، وأخيرًا وقع اختياره على «أخبار اليوم»، فعمل مراسلًا لها من جنيف، وفى «أخبار اليوم» تولى العديد من المناصب مثل رئيس قسم التحقيقات الخارجية، ثم نائب رئيس التحرير، ثم عمل رئيسًا للتحرير ورئيسًا لمجلس إدارة أخبار اليوم، وقفز توزيعها إلى أرقام غير مسبوقة!!.
واشتهر بكتابة آخر عمود، وكتب مقالات باسم أنور وجدى كانت تفجر قضايا عديدة، وكنا نُقبل على قراءة ما يكتب، ونشترى النسخة بأضعافها حتى لا يفوتنا أى شىء مما يكتبه، وكنا نحتفظ بـ«أخبار اليوم» إن لم نستطع قراءتها فى يوم واحد!.
كلفه الرئيس السادات برئاسة تحرير صحيفة مايو، (صحيفة الحزب الوطنى)، ليصبح أول صحفى يجمع بين رئاسة تحرير صحيفة قومية (أخبار اليوم) وصحيفة حزبية (مايو)!.
تلقى إبراهيم سعدة تعليمه بمراحله المختلفة بمدارس بورسعيد، فحصل على الابتدائية والإعدادية والثانوية، وطوال حياته التعليمية كانت الصحافة هى كل شىء فى حياته، فشارك فى مجلة المدرسة الثانوية، ثم شارك مع أصدقائه مصطفى شردى وجلال عارف وجلال سرحان فى العمل بمجلة بورسعيد الأولى (الشاطئ)!.
عمل قبل حصوله على الشهادة الثانوية مراسلًا لعدد من الصحف والمجلات القاهرية، ومنها مجلات (الفن، سندباد، الجريمة). بعد حصوله على الشهادة الثانوية سافر إلى سويسرا، حيث درس الاقتصاد السياسى هناك، وعاش 12 عامًا فى أوروبا، وقبل أن يعود إلى مصر كان قد تزوج وأصبح رب أسرة!.
وخلال زيارة سريعة لمصر، التقى بصديقه مصطفى شردى، الذى أصبح مديرًا لمكتب دار أخبار اليوم فى بورسعيد، وكان مصطفى شردى على علاقة طيبة بالأخوين على ومصطفى أمين، فعرض على مصطفى شردى أن يعمل مراسلًا صحفيًّا لـ«أخبار اليوم» فى جنيف، وتحمس «شردى» للفكرة، وحصل على وعد للقاء على أمين.
التقى إبراهيم سعدة ومصطفى شردى بعلى أمين، وعرض عليه «سعدة» تحقيقًا كان قد كتبه عن مشكلة الحاصلين على الثانوية، فأُعجب به على أمين، ووافق على تدريبه مراسلًا صحفيًّا فى جنيف، ومن شدة إعجابه قام معهما إلى مكتب مصطفى أمين، وقال له عنه: «هذا الأستاذ قماشة ممتازة سنفصل منها صحفى كويس جدًّا فى المستقبل».
استطاع إبراهيم سعدة أن يحقق خبطة صحفية سياسية حولت مجرى حياته عندما طلب منه مصطفى أمين تغطية خبر لجوء جماعة النحلاوى سياسيًّا إلى سويسرا، وذلك بعد حدوث الانفصال بين مصر وسوريا، ونجح فى اجتياز هذا الاختبار الصعب، والتقى بجماعة النحلاوى، وحصل منهم على تفاصيل مثيرة عن مؤامرة الانفصال، وحقيقة تمويل الملك سعود لعملية الانفصال!.
كانت الدنيا مفتوحة للجميع، وكان الأساتذة يشجعون المواهب الممتازة، دون شعور بالغيرة.. وأصبح «سعدة» خليفة مصطفى أمين فى «أخبار اليوم»!.