بقلم : محمد أمين
جامعة هارفاد هى الجامعة الأهم فى العالم.. قدمت لنا نموذجًا محترمًا لانتصار المبادئ والحرية وحقوق الإنسان.. استقالت رئيس الجامعة من منصبها المرموق ثمنًا للحرية والمبادئ.. تخيل أن تستقيل كلودين جاى من منصبها، مع أن الذى يفوز بالحصول على فرصة دراسة بالجامعة يُعتبر قد فاز بشىء عظيم، فكيف لو كان أستاذًا أو رئيس الجامعة؟!.
تعرضت كلودين جاى فى الأيام الأخيرة لهجوم شرس بسبب شهادتها فى الكونجرس حول معاداة السامية خلال احتجاجات داعمة لغزة فى الحرم الجامعى، وقدمت رئيسة جامعة هارفارد استقالتها من منصبها!.
تعرضت «جاى» للانتقادات، بعدما رفضت الإجابة بشكل واضح عما إذا كانت الدعوة إلى إبادة اليهود تنتهك قواعد السلوك فى جامعة هارفارد لدى إدلائها بشهادتها أمام الكونجرس. وأوضحت «جاى»، التى دخلت التاريخ كأول شخص أسود يتبوأ منصب رئيس جامعة هارفارد، فى نص استقالتها، أنها تعرضت لتهديدات شخصية و«عداء عنصرى»!.لم تنبطح كلودين جاى، ولم تتراجع عن موقفها من الحرب والحرية، رغم تعرضها للهجوم بسبب دعمها لمظاهرات الطلبة لدعم غزة.. ولم تحافظ على منصبها المرموق لتتفادى اتهامات أخرى بالسرقة الأدبية، واتهامها بأنها لم تستشهد بمصادر علمية بشكل صحيح، وتم نشر هذه الاتهامات فى أحد المواقع الصحفية على الإنترنت، فعرفت ما يخططون له، فقدمت استقالتها، مع أنه كان بإمكانها إدانة مظاهرات الطلاب، ولكنها قالت إن المظاهرات لا تخالف القانون، وهى حق مشروع للطلاب فى التعبير عن آرائهم!، وهذه الاستقالة ليست الأولى، ولكنها الأهم، بعد رئيستى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بنسلفانيا الشهر الماضى!.
وذكرت «جاى»، فى نص استقالتها، أنها تعرضت لتهديدات شخصية وعداء عنصرى، وهكذا دفع الأحرار فى العالم ثمن وقوفهم إلى جانب غزة، وسمحت أشهر جامعة بالتظاهر للتعبير عن حرية الرأى والتعبير والوقوف بجانب الحق الفلسطينى، وربما كانت هذه المواقف هى التى غيرت موقف البيت الأبيض من الحرب، كما غيرت موقف الإعلام الغربى من الأزمة!.
صحيح أن عددًا من نواب الكونجرس كانوا يطالبون «جاى» بالتنحى، لكن وقّع أكثر من 700 من أعضاء هيئة التدريس فى جامعة هارفارد رسالة تدعم «جاى»، وتؤيد موقفها.. ونشرت صحيفة «هارفارد كريمسون» نص الاستقالة، وبالمناسبة، هذه الصحيفة يُديرها طلاب، وقالت، فى بيانها: «أستقيل بحزن كبير، ولكن بحب عميق»!.
باختصار.. «جاى» ليست ناقمة ولا كارهة، فهى تعرف قواعد اللعبة.. قد تستقيل بحزن، ولكن بحب عميق، وتنتصر لإرادة الطلاب وحقهم فى الحرية وحقوق الإنسان، وقالت كلمة موجزة وعظيمة، هى حزينة لأنها تترك رئاسة «هارفارد»، ولكنها تشعر بحب عميق تجاه طلابها الذين أيدوها، وتجاه زملائها الذين دعموها، ولم يشهدوا ضدها ليقفزوا على المنصب.. إنه درس كبير يسجله التاريخ بحروف من نور!.