بقلم : محمد أمين
ما هى المشروعات المربحة جداً التى كان يمكن أن يستثمر فيها الدكتور جمال شيحة، قبل أن يبنى مستشفى للكبد المصرى فى ريف شربين؟.. بالتأكيد كان يستطيع أن يستثمر فى العقارات ويبنى كومباوند أو قرية سياحية، وبالتأكيد كان يستطيع أن يستثمر فى الحديد والأسمنت، لتدخل المليارات إلى جيبه.. وكان يمكن أن يستثمر فى محلات سمك أو كبدة.. لكنه اهتم بكبد المصريين ولم يهتم بسندويتشات الكبدة.. هكذا كان تفكير الدكتور جمال شيحة، لعلاج المصريين من فيروس سى، وبالفعل لم تعد فى مصر طوابير انتظار لمرضى الكبد من الفيروس اللعين!.
منذ يومين، زرت مستشفى الكبد، وشحنت البطاريات بالطاقة الإيجابية.. مستشفى رائع وسط المزارع فى إحدى القرى بمركز شربين دقهلية، وتحولت المنطقة إلى منطقة إشعاع، جذب إليها العلماء من العالم وجذب إليها المرضى من كل محافظات مصر ومن دول عربية شقيقة، تسمع عنه وتأتى إليه!.
هذا مستشفى بمواصفات عالمية وبحثية كبيرة جداً ولكنه لا يتربح من الكشف، ولا العلاج، ولا من أى عمليات جراحية، فهى مجانية للغلابة وللقادرين بخصم كبير، وأهم من هذا الخدمة العلاجية فوق الممتازة، وهناك فريق طبى من أكفا الأطباء، وكلهم أساتذة جامعة واستشاريون، كما أن غرف العمليات الجراحية والعناية المركزة على أعلى مستوى طبى وتقنى، وهم مستعدون لزراعة كبد فى الفترة القادمة، وهى خطوة عظيمة تنتظر دعم الدولة وتبرعات القادرين، ليكون مستشفى الكبد على مستوى يفوق الجامعات الكبرى وقصر العينى!.
وإذا كان مستشفى عين شمس التخصصى قد أعلن منذ أسابيع عن زراعة أول كلى فى مصر، فإن مستشفى الكبد بشربين يمكن أن يحقق نصراً طبياً آخر فى مصر بزراعة الكبد، لكل المحتاجين الذين يسافرون إلى الخارج!.
المثير للعجب أن الدكتور جمال شيحة بدلاً من أن يتلقى شهادة أو جائزة، فقد تلقى إنذاراً من وزارة الكهرباء بعنوان «إنذار لفصل التيار لعدم سداد المتأخرات».. فهل نترك الرجل ليحل وحده المشكلات الإدارية ويترك عمله الطبى، أم نساعده لحل مشكلة الكهرباء، ونوفر طاقته لعلاج مرضى الكبد؟.
إن هذا المشكلة مع الكهرباء ليست خاصة بمستشفى الكبد وحده، وإنما يشترك فيها كل المستشفيات، التابعة للجمعيات الخيرية المرتبطة بالتبرعات، وهذه مناسبة لأناشد المسؤولين، أن يتم تعديل القانون، لحل المشكلة نهائياً!.
وتحت يدى مذكرة إيضاحية، بتعديل نص الفقرة 6 من المادة 17، من القانون رقم 149 لسنة 2019، بشأن تنظيم عمل الجمعيات الأهلية، فقد أصبح الاستهلاك الشهرى يتعدى ملايين الجنيهات، بينما هى جمعيات قائمة على التبرعات، ولا تحقق أرباحا، وبدلاً من أن تذهب التبرعات للعلاج ومصاريف التشغيل فإنها تذهب لسداد فواتير المياه والكهرباء!.
باختصار هذه نقطة مضيئة فى مصر، والتعديل التشريعى واجب وضرورى حتى يتسنى لهذه المستشفيات أن تقوم بدورها الوطنى فى العلاج للفئات الأكثر احتياجاً بخدمة طبية على أعلى مستوى!.