بقلم : محمد أمين
كان الإذاعى الكبير عمر بطيشة يقدم برنامجًا رمضانيًا قبل الإفطار بعنوان «عازم ولَّا معزوم».. والآن بدأت روائح رمضان تهل علينا.. وبمجرد دخول ليلة النصف من شعبان يبقى رمضان فى الطريق.. ومع بداية الشهر المبارك يبدأ الكلام عن عزومات رمضان!
ولا أظن أن أحدًا سوف يرفض الدعوة فى الشهر الكريم.. وبهذه المناسبة تلقيت تليفونات مبكرة بحجز مواعيد العزومة فى رمضان إفطارًا أو سحورًا.. وأنا أفضل السحور لأنه يسمح بالحركة ويكون خفيفًا فى الغالب على العازم والمعزوم!
ومعنى أن أتلقى دعوات مبكرة على العزومة فهى تكشف رغبة أكيدة من العازمين لحجز موعد.. وهم يعرفون أننى أعتذر بشكل تدريجى، فقد أختار السحور على الإفطار، ثم أعتذر عن السحور لإصابتى بوعكة من الإفطار، وهذا لا يحدث إلا مع «الزبون الطيارى»، أما المقربون فأنا لا أعتذر بأى طريقة، ولا يصح أن أعتذر لهم!
اكتشفت أننى هذا العام ميال لقبول الدعوات ليس لأسباب اقتصادية، ولكن لأن أصحاب الدعوات بكّروا بها، ولا يصح أن أكسر بخاطرهم، وهو ما يكشف عزمهم ورغبتهم فى العزومة.. أنا لا أحب عزومات المراكبية، ولا أستجيب لعزومات موائد الرحمن.. حتى عزومة رمضان لابد أن تكون فيها خصوصية.. وأن يكون المعزومون على اتصال ببعضهم، وعلاقاتهم جيدة.. الحكاية مش ناقصة نكد!
كما يسرنى أن أرى صاحب العزومة سعيدًا ومبتهجًا بدعوة أصحابه، كما يسعدنى إحساسه بالاهتمام الزائد، فكل بيت له خصوصية فى العزائم.. ولا أريد أن أذكر أسماء بعينها ولكنهم معروفون فى الوسط، لا يجهزون الوليمة بأنفسهم، ولكن يأتون بطاقم من الفنادق، يقدمون أفكارهم وإبداعهم بفنون الطهى، وتكون هناك لفتة على المائدة تبعث على البهجة والسعادة، ويجتمع فيها الصحفيون من كل الاتجاهات لا نتحدث فى السياسة، ولا نختلف على أى شىء!
وقد يقصد صاحب العزومة أن يجمع بين متخاصمين فيتصافحا وتنتهى المشكلة، أو يتفاديا بعضهما ولا تحدث مشكلة أكبر.. على أى حال رمضان هو شهر الخير والبر، ولكن للأسف العزومات تذهب لمن لا يستحق، ويجلس عليها من يأكلون على كل الموائد، ينتقدون ولا يشكرون.. وكنت أتمنى أن تُوجه للغلابة على موائد الرحمن ليأخذ الثواب أكثر من الثرثرة حول الثروة التى حققها، والقصر الذى أنشأه، والعز الذى يرفل فيه، موائد الرحمن خير وأبقى!
إنها فرصة كبيرة هذا العام فى ظل غلاء الأسعار أن نتوسع فى زيادة موائد الرحمن فى كل ميدان للتيسير على أبناء السبيل والمساكين، وبلاها عزومات الفنادق والقصور التى لا يشكر المعزومون فيها العازمين، وإنما السخرية والتريقة ونكران الجميل!
مائدة رمضان تحب لمّة العيلة والحبايب، ولو كانت على مشروب بلح أو خشاف.. فلا تسرفوا لأن المعازيم «هاى كلاس».. إنما وفروا لقمة هنية للغلابة وهى بالدنيا كلها!.