بقلم : محمد أمين
من أكبر الكوارث التي تهدد المجتمع المصرى في العصر الحديث هجرة الأطباء والاستقالات التي حدثت في المنظومة الصحية، بينما هناك حالة صمت تسمح بهذا بدعوى أنهم يصدرون العمالة للخارج للحصول على العملة الصعبة.. ولا يحل هذه المشكلة أبدًا فتح باب التنسيق لقبول أعداد كبيرة من طلبة الطب، ولا يحلها تدريب خريجى الصيدلة على مزاولة مهنة الطب!.
وعلى أي حال فإن عزوف الأطباء عن العمل والإقبال على الهجرة للخارج شىء لا يمكن التسامح بشأنه، ولا بد من طرح القضية للنقاش العام في مؤتمر موسع، وتقديم الحلول لها بزيادة المرتبات وحسن التعامل مع الأطباء، فالإحصاءات تشير إلى استقالات بأعداد كبيرة على مدار سنوات، ولا بد من تغيير بيئة العمل وتحسينها أمام أطباء مصر، فنقص عدد الأطباء من أكبر التحديات أمام قطاع الصحة، ولا بد من تغيير المنظومة!.
ولا يعنى هذا إلقاء اللوم على وزير الصحة الحالى الدكتور خالد عبدالغفار وحده، فقد بدأ النزيف مع الوزيرة السابقة، وهو ما أصبح يهدد مصر بوجود خطر حقيقى.. يرى بعض أعضاء مجلس النقابة أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، وأن هناك أعدادًا من الأطباء يكافحون وقد يلحقون بالمهاجرين تحت ضغط ظروف المعيشة القاسية!.
وفى هذا السياق يلقى أحد المعلقين باللوم على عملية إدارة المنظومة الصحية التي وصفها بالفاشلة، الأمر الذي أدى إلى استقالة الأطباء وهجرة عدد منهم.. ويشير تقرير للقوى العاملة في بريطانيا إلى ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إلى بريطانيا بنسبة تزيد على 200% منذ عام 2017 حتى عام 2021!.
وتأتى مصر في المرتبة الثالثة بعد الأردن والسودان في ترتيب دول الشرق الأوسط التي يهاجر منها الأطباء إلى بريطانيا.. ويتضاعف الشعور بالحزن عندى، حينما تكون هذه الإحصائيات والأرقام متاحة أمام النقابة أو الحكومة فلا تتخذ خطوة إيجابية، وأخطر من كل هذا أن ترى وزارة الصحة ذلك ولا تتحرك، أو يعرف بها مجلس النواب فيقرأها ويمر مرور الكرام، دون أن يكون هناك طلبات إحاطة أو استجواب يكشف السلوك تجاه ثروة قومية اسمها الأطباء!.
الأخطر من ذلك أن يكون ترتيب مصر في المرتبة الثالثة بعد الأردن والسودان، وقد وصلت لمستوى محزن بعد أن كان أطباء مصر أفضل أطباء المنطقة تعليمًا ومهنة، وكانوا يتفوقون على أطباء بعض الدول الأوروبية في أربعينيات القرن الماضى!
وأخيرًا، كيف وصلنا إلى هذا المستوى المتدنى؟، هل هو التعليم في الجامعات، أم المنظومة نفسها؟.. والسؤال: هل انتهت الحكاية وعجزنا عن الحل، أم ما زلنا نستطيع تقديم الحلول الممكنة؟!.