زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد

زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد

 لبنان اليوم -

زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد

بقلم : عبد الرحمن شلقم

مسيرة الإنسان فوق هذه الأرض طويلة، وفي الوقت ذاته كان لها على مدى الزمن عرضها النوعي. منذ ولادة إنسان الفلسفة في بلاد الإغريق، بدأ تفوق العقل على العضل. وظهر عصر الإنسان الجديد المفكر والمبدع الذي يغوص في الطبيعة ليفهمها ثم ليسيطر عليها ويسخرها. العرب والمسلمون كانت لهم مساهمتهم الكبيرة في العصر العباسي، حيث كانت بغداد مركز العلم والفكر الذي يهفو إليه المفكرون والفلاسفة من كل بقاع الدنيا. تحوُّل حاسم بدأ مع عصر النهضة الأوروبية الذي انطلق من إيطاليا، وأبدع الرافعة الفكرية الإنسانية العملاقة.

منذ القرن السادس عشر وبعد اختراع المطبعة وبداية اتساع مساحة التعليم، ولد عصر الفلسفة الأوروبية وتحولت القارة العجوز إلى محفل فلسفي يقرأ كل شيء ويغوص في الطبيعة ويجول في رؤوس البشر. هناك بدأ عصر ما عرف بالتنوير. بزغ عصر الصناعة، فكانت الآلة الجديدة التي ضاعفت قدرة الإنسان على الطبيعة. تغير الإنسان بمولد عقل جديد، إلا أن الحرب لم تغب وسخرت الآلة الجديدة لمضاعفة ضحايا الحروب، وأصبح الاستعمار، تحديداً الأوروبي، جزءاً من صيرورة الحياة. شهدت أوروبا في داخلها حروباً واسعة وطويلة قبل الثورة الفرنسية وبعدها. العصور الزمنية مثل الأشخاص، يُنحث لها اسمٌ. الحداثة، الاسم الذي مُنح لنتاج الفلاسفة والمفكرين الذين أثروا في التكوين العقلي الأوروبي الجديد. القرن العشرون، كان المصنع الكبير لكل شيء، من السياسة إلى العلم والثروة والقوة العسكرية والصراع القومي والطبقي. الحرب العالمية الأولى التي أنهت إمبراطوريات قديمة، والثورة البلشفية الروسية، وتأسيس عصبة الأمم المتحدة. هذا القرن الملتهب، كان الرحم الذي ولد شوفينية قومية عنيفة، يقف على رأسها زعيم الأمة الفرد المقدس. الدوتشي موسوليني في إيطاليا ثم الفوهرر هتلر في ألمانيا.
ألمانيا حقل العقل الجديد الذي أنبت فلسفة لها جذور وسنابل وأغصان. سنة 1923 بدأ بروز قوة فلسفية تشكلت من كوكبة مفكرين جمعهم منهج واحد تعددت رؤاه ولكنها تكاملت في الوقت ذاته لتؤسس مدرسة فرانكفورت للنقد الفلسفي العقلي.
فريدريك هيغل الفيلسوف الألماني، ولد سنة 1770، كان النهر الجديد الذي أخذ عن سابقيه، وحرك فكر لاحقيه. كان مدرسة خالدة أثارت الاختلافات، ونزّت روافد فلسفية مستمرة في ذلك النهر الفكري البشري الطويل. فلسفته المثالية بما فيها من تاريخ وقراءة للزمن والإنسان، أسست لأجيال فلسفية وصار حاضراً لا يغيب. قال: الفلسفة هي الزمن كتب في أفكار. وآمن بحيوية الفكر وتجدده المستمر، فقال: الفكرة التي تتزوج هذا الزمن، ستكون أرملة في الزمن القادم.
كوكبة فلاسفة فرانكفورت الذين انطلقوا سنة 1923 امتدت جذورهم إلى تربة ضفاف ذاك النهر الكبير فريدريك هيغل ومن نبتوا من بعده فيها. اتسمت هذه المدرسة التي تأسست في مدينة فرانكفورت الألمانية، منذ بدايتها بالنقد. نقد الفرد والمجتمع من كل زواياه السياسية والاجتماعية والثقافية.
كان نقدها فلسفياً منذ البداية، وتأثرت بفلسفة هيغل وتلميذه كارل ماركس. كان لها الأثر الفكري الكبير في أوروبا وأميركا في مجالات الفن والأدب. قدم هؤلاء الفلاسفة مفهومهم (للنقد) وهو مراجعة النظريات الوضعية، من أجل تأسيس بديل لها. والفصل بين مختلف القضايا من منظور عقلي يميز بين الصواب والخطأ بهدف إعادة تأهيل الوعي الإنساني لفهم العالم وتطويره عبر اكتشاف مكامن القوة والضعف فيه. اعتبروا أن الشك هو المحرك الأساسي للنقد على أن يكون عقلانياً. لقد كانت مدرسة فرانكفورت الفلسفية، امتداداً أصيلاً مضافاً إلى عصر التنوير برؤية نقدية واعية بمستجدات العصر، خصوصاً إنسانه وتكويناته الثقافية والاقتصادية والسياسية.
الفيلسوف إيمانويل كانط، كان من كبار معلميهم. كتابه نقد العقل المحض، كان العلامة العقلية النقدية الفارقة في عصره وما بعده، وأكد أهمية النقد الجدلي؛ إذ قال إن عصرنا عصر النقد ويجب أن يركز عقلنا على النقد لمعرفة ما يقبل وما يرفض. وأكد كانط أن ممارسة النقد تحتاج إلى الحرية ومن دونها لن يكون هناك نقد موضوعي بناء.
وسّعت مدرسة فرانكفورت، مساحة نقدها لتشمل كل شيء تقريباً؛ السلوك الفردي والجماعي، النظريات والممارسة، وكذلك علم الاجتماع والفلسفة، وركزت على نقد العقلية التي أنتجتها البرجوازية والرأسمالية، وشنّت نقداً كاسحاً على النقابات التي تحوّلت كما قالوا إلى شركات تخدم الرأسمالية، واتهموا وسائل الإعلام التي شهدت تطوراً كبيراً في زمنهم، اتهموها بأنها أداة استغلال مضافة إلى القوة الرأسمالية الطاغية، بترويجها للإعلانات الاستهلاكية.
ماكس هوك هايمر، هو مؤسس مدرسة فرانكفورت الفلسفية، عندما أصدر كتابه «ديالكتيك عصر التنوير» وركز فيه على نقد عصر التنوير، وأكد أن كل شيء لا بد أن يخضع للنقد، وأن عصر التنوير لم يحقق الأهداف التي انطلق من أجلها وهي الحرية والتقدم وإشاعة العقلانية وإقامة مجتمع إنساني متقدم. ثم ارتبط به تيودور أدورنو، وهو عالم اجتماع وفيلسوف وموسيقي وانتقد عصر التنوير وألف كتاب «الجدل السلبي»، وأسسا معاً معهد البحث الاجتماعي. اتسع رحاب مدرسة فرانكفورت الفكري والفلسفي، وشملت عمالقة من الفلاسفة الكبار وأبرزهم هربرت ماركوز، الذي ألّف كتاب «الإنسان ذو البعد الواحد» وكتاب «العقل والثورة». الفيلسوف إيرك فروم، يعدّ من نجوم مدرسة فرانكفورت، فهو أستاذ موسوعي، جمع بين التاريخ والفلسفة وعلم النفس والدين، وتأثر بعالم النفس فرويد اتفاقاً واختلافاً، وله كتب ترجمت إلى أغلب لغات العالم ومنها العربية ومن أهمها «الخوف من الحرية»، و«جوهر الإنسان»، و«فن الحب»، و«فن الوجود»، و«ما وراء الأوهام»، و«التحليل النفسي والدين». فالتر بنيامين أضاف الكثير، خصوصاً في مجال الفن. يرغن هابرماس، وهو من كبار مفكري عصرنا، واشتهرت مقولته: لم يعد لدينا إلا العقل وعلينا أن نحافظ عليه وعلى منتجاته وعلى رأسها الحداثة.
كانت مدرسة فرانكفورت الفلسفية، نتاج مرحلة فارقة في التاريخ الإنساني، شهد قفزات من التقدم والعنف أيضاً، ولكن الإنسان بقي حلقة ضعيفة تدفع ثمن الاستغلال والحرب والجهل.
هل العالم اليوم في حاجة إلى مدرسة ومنهج فكري، يدرس وينقد ويغوص في تكوين وحركية الوجود الإنساني المعيش، يكون من إنتاج زمانه؟ زيارة لم تقف عند كل محطات تلك المدرسة التي أثرت في العقل الإنساني وتستحق الزيارة مرة أخرى بل مرات قادمة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد زيارة إلى عقل فرانكفورت الناقد



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon