تونس في زمن قيس الفصيح
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

تونس في زمن قيس الفصيح

تونس في زمن قيس الفصيح

 لبنان اليوم -

تونس في زمن قيس الفصيح

بقلم : عبد الرحمن شلقم

بعد سنوات عشر من ثورة الياسمين، لم تزل تونس تتأرجح بين قوسين. من البوعزيزي الذي أشعل جسده أمام عربته البائسة، إلى عبد الرزاق الأشهب الذي سقط بطلقات من الشرطة في منطقة عقارب في صفاقس في مظاهرات ضد تكدس القمامة.
في 25 يوليو (تموز) الماضي، أعلن الرئيس قيس سعيد بيانه الأول الذي جمد فيه البرلمان، وأعفى رئيس الحكومة وأمسك بيده كل السلطات. عبر أغلب التونسيين عن تأييدهم لما قام به الرئيس أستاذ الدستور. كان الدافع الأكبر لحشود الشارع التي هتفت للرئيس، هو ركام القلق والإحباط والمعاناة الثقيلة التي عاشها أغلب التونسيين. البطالة والفقر وجائحة «كورونا» وانخفاض قيمة الدينار التونسي وتراجع السياحة. هتافات الغضب، لم تكن حباً ربما في الرئيس قيس سعيد، ولكنها رفض للسياسيين الذين قادوا البلاد وخصوصاً الرموز الحزبية في البرلمان، وفي مقدمتهم حزب النهضة الإسلامي وزعيمه راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب. انتظر التونسيون شهوراً قافلة الأمل التي وعدهم بها أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الرئيس الذي انتخبه الناس بأغلبية ساحقة في سباق انتخابي تنافس فيه العشرات، وكان الأستاذ هو الحصان الأسود الذي لم يكن من بين من راهن عليهم المحللون السياسيون، فهو لم يكن من الأسماء الرائجة في سوق السياسة التونسية الكبيرة، ولم يكن له حزب أو وسيلة إعلامية مكتوبة أو مسموعة أو مرئية. لغته العربية الفصحى التي لم تكن يوماً لساناً في سوق السياسة التونسية. كان يبدو وهو يتحدث مثل من يستعمل لغة الإشارة في زحمة السوق. كل من ترأس تونس قبله، كانوا يتواصلون مع عامة الناس بلهجة تونسية منتقاة تتخللها كلمات فرنسية وتعبيرات شعبية.
الحبيب بورقيبة مؤسس الجمهورية، كان له حضوره الخاص في كل محفل وميدان. ابن الصادقية والسوربون والمناضل السياسي العنيد، وقائد التغيير الشامل في مسيرة تحديث البلاد، اجترح لغة فصلها على مقاس العقل التونسي العام في مرحلة ما بعد عصر البايات التقليديين. أما خليفته الرئيس زين العابدين، فقد كان تونسياً عادياً في شخصيته وثقافته وأبدع لغته المتماهية مع سياساته. بعد ثورة الياسمين كان الرئيس المنصف المرزوقي أستاذ علم النفس المعارض القديم الذي قضى سنوات في فرنسا، له مزاج قومي عروبي من دون كاريزما قيادية تلامس خيوط النسيج التونسي الممتد من الشمال إلى الجنوب. الشخصية القانونية والسياسية المخضرمة الباجي قايد السبسي، كان الاستثناء في كل شيء. عمل مع كل الرؤساء السابقين بحضور متفرد، قبل الكثير من الممارسات الرئاسية، لكن بصوت يعبر عن رأيه بلغة لم تغب عنها الدبلوماسية السياسية اللبقة، مع استحضار بعض من الشعر العربي قديمه وحديثه ولغة عربية ممزوجة بوقفات عند جماليات اللهجة التونسية.
اللغة تيار تواصل حي بين القادة والشعوب، ولكن خطابات الشرفات غير لغة البرامج والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. في حلقات الزمن التي تضع فيه الأزمات أثقالها على كاهل الناس، لا تعود الشعوب تسمع بآذانها، إنما تتربص بكل حواسها التي تتحول إلى بطون لها عيون، تنتظر أن ترى طعاماً تدفعه الأيدي إلى البطون. الوعود إذا تكررت بأي لغة كانت، تتحول إلى حجارة تُرمى على من يطلقها. وقديما قال الشاعر أبو الطيب المتنبي رداً على وعود كافور الإخشيدي له:
أمسيتُ أروحَ مُثرٍ خَازِناً ويداً
أنا الغني وأموالي المواعيدُ
منذ أيام، أعاد الرئيس قيس سعيد، ما كان قد وعد به مراراً وهو، الحوار الوطني، لكنه لم يحد الأطراف التي ستشارك في الحوار الموعود. هل سيضم المكونات السياسية الحزبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني؟ يكرر الرئيس الحديث عن مشاركة فئة الشباب في الحوار الموعود، لكن السؤال الساخن الذي لا يغيب، ما هو الأنا التنظيمي الذي يجمع الشباب المستهدفين في الحوار؟ هل من خلال أحزاب أو تنظيمات معينة، أم مجرد تعبير فضفاض. يؤكد الرئيس أنه لن يتحاور مع الفاسدين والمفسدين، لكنه لم يسمهم كأشخاص أو مكونات سياسية. هل يعمل الرئيس قيس سعيد على تعديل الدستور ويعيد النظام الرئاسي مثلما كان قبل سنة 2011 أم سيكون أقرب إلى دستور سنة 2014 الذي شارك هو شخصياً في صياغته كخبير دستوري؟ يتفق أغلب التونسيين على أن الدستور الحالي الذي وزع السلطات بين رئيس الدولة والبرلمان ورئيس الحكومة، هو دستور هجين كان السبب في إرباك الحياة السياسية، وقاد إلى وهن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. الأحزاب السياسية التي تجاوز عددها المائتي حزب وفي غياب قانون انتخابي عملي يجعل البرلمان كياناً قادراً على إنتاج حكومة بحزام سياسي قوي، كان مشكلة مضافة إلى ما عانته البلاد في السنوات الأخيرة من أزمات. تونس تعاني اليوم من مختنق اقتصادي غير مسبوق، وتتطلع إلى صندوق الدولي ليساعدها على تجاوز عتبة الاختناق المالي الكبير، وتسعى إلى الحصول على وجبة مالية كاملة الدسم من صندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دولار وهو العجز في ميزانية العام القادم. لكن أمام هذا المسعى عثرات وحواجز عالية، لأن الصندوق يطالب بإصلاحات مالية، تزيد الأزمة تعقيداً ولا يقدر المواطن التونسي الكادح على تحملها. السيدة نجلاء بودن رئيسة الحكومة، تحارب على أكثر من جبهة من أجل إيجاد مخرج للضائقة المالية. مشروع التصالح مع رجال المال والأعمال الذي ارتكبوا مخالفات وحققوا فوائد غير شرعية، واستعادة بعض ما عندهم وتوظيفه في مشروعات في المناطق المهمشة، بقي ضمن ثروة الوعود الفصحى، وأبواب السياحة التي تشكل مورداً مالياً أساسياً، لا تزال شبه موصدة منذ تفشي جائحة الـ«كورونا»، وتراجع الاستثمارات الخارجية، كل ذلك يضع السيدة رئيسة الحكومة أمام أسوار عالية في طريقها، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ البلاد.
الشارع الذي كان القوة الشعبية التي ناصرت الرئيس في قراراته الانعطافية، قلب له ظهر المجن وتصاعدت المظاهرات الغاضبة واتسع مداها. وبدأت الأحزاب كبيرها وصغيرها تراجع مواقفها. لا أحد يعرف ماذا يدور في ذهن الرئيس قيس سعيد. هل سيذهب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ويقوم بتعديل الدستور، ويقدم مبادرات عملية لمعالجة الأزمة المالية الخانقة، ويملأ الفراغات الإدارية خصوصاً في الولايات التي ليس بها ولاة، ويشرع في اتخاد خطوات لتفعيل القوانين لمواجهة الفساد المالي ومقاضاة الأطراف المتهمة بالمشاركة في عمليات إرهابية. الكلمات الفصيحة إذا لم تتحول إلى أفعال على أرض الواقع، تتصلب حروفها وتتحول إلى حجارة تصيب من يطلقها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس في زمن قيس الفصيح تونس في زمن قيس الفصيح



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon