صدأ التاريخ وصداه
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

صدأ التاريخ وصداه

صدأ التاريخ وصداه

 لبنان اليوم -

صدأ التاريخ وصداه

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

قال كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة. هناك من رفض هذه المقولة بشدة، واستدلوا بوقائع مختلفة، شهدها البشر في حياتهم قديماً وحديثاً، تخالف ما عبر عنه الفيلسوف كارل ماركس. كثيراً ما لا يعيد التاريخ نفسه. هناك قدرات متجددة للعمل الإنساني سلماً وحرباً. أدوات الإنتاج اليوم تقدمت بشكل مهول، وكذلك المعلومات والتقنيات في كل المجالات، كل ذلك ينتج تواريخ جديدة كل ساعة، أو حتى أقل. بلدان كانت تعد من بين الدول المتخلفة، ولم تلعب دوراً فارقاً في الماضي، صارت اليوم من القوى التي يحسب لها ألف حساب وأكثر، في السلم والحرب مثل الصين والهند والكوريتين والبرازيل وإسرائيل وغيرها.

الملايين من أحداث الماضي، مضت وغبرت ونسيت، ولم يعد لها وجود في ذاكرة البشر والكتب، بينما هناك أحداث تحوّلت إلى نقش في ذاكرة الشعوب وعقولها، وصار التاريخ إسفنجة تختزن فيضاً من أنهار الماضي وبحاره. يقوم مفكرون وفلاسفة وسياسيون وقادة عسكريون بعصر إسفنجة ماضٍ سحيق ويصنعون مما تقطره شحنات فكرية تؤسس مشروعات تحقق سلاماً ونهضةً وتقدماً، وقد يكون ما يسيل منها مجرى لأنهار من الدماء التي تنزّها الحروب والصراعات الطويلة والقصيرة.

التاريخ يزخر بأحداث مضت، وآلت إلى قبور النسيان. عدد سكان العالم اليوم في حدود 8 مليارات من البشر يتحركون فوق الأرض. كل بالغ منهم يحقق أفعالاً كل يوم، بل كل ساعة، في مختلف المجالات، لكن كل ما فعله أغلبهم يرحل معهم إلى القبور، دون أن تُكتب على الورق، أو حتى دون أن تبقى في ذاكرة الآخرين. التاريخ كأي موجود على هذا الكون يلحقه الصدأ وتنخره السنون فيزول، لكن منه ما يبقى ويكون له صدى يحرك الحاضر ويخلق قوة تحرك ملايين البشر نحو خيارات كثيراً ما تكون متناقضة. شخصيات وأحداث عاشت وكانت في قرون مضت نجدها تحيا مع الناس في حياتهم اليومية. شوارع ومدارس وحتى مدن تحمل أسماءهم، وأخرى تملأ كتب مناهج التعليم في مراحلها المختلفة. في بلادنا العربية، التاريخ كائن حي، لا يغيب عن الذاكرة الجمعية. الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي صار ميداناً واسعاً لحلبات ما قد مضى من الأحداث وسير الشخصيات. الشيء نفسه لا يغيب عن وسائل التعليم والإعلام في مختلف دول العالم.

كثيراً ما كان صدأ التاريخ منجماً تستل منه الأساطير التي يتم تحويلها إلى قوة تعبئة تهيج الشعوب وتقودها إلى حروب دامية، ويُعجن صدأ التاريخ السام بسائل الأساطير المضافة إلى ما قد كان في زمن غبر. العِرق قدَّاحة تُستحضر لتشعل الحريق. ذاك ما فعله النازيون في ألمانيا، وتمكنوا من حشد إمكانات شعب مفكر ومبدع وصانع في زنزانة عرضها مساحة وطن، وساقوا شعبهم المشحون بصدأ التاريخ والعِرق الآري المستدعى وهماً من غياهب الماضي الآسيوي المختلق إلى ويلات دامية. حارب النازيون العالم، وكان المشهد الدامي الرهيب في العالم. دُمرت ألمانيا، وخسرت البشرية الملايين، وانتهى هتلر بالانتحار في مخبئه. الفاشية الإيطالية استدعت ما كان في القرون الغابرة. الإمبراطورية الرومانية التي حكمت يوماً قرابة ثلث ما كان معروفاً من الدنيا، استحضرها بينيتو موسوليني، من التحية الرومانية، إلى خطوة سير جنوده، وسخر لحلمه رتلاً من الكتاب والشعراء وحتى رجال الدين، وشن حرب إبادة على ليبيا، وأقام معسكرات الاعتقال، وسمى ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا. احتل إثيوبيا وأريتريا وألبانيا، وغزا اليونان، وحوّل إيطاليا من مملكة إلى إمبراطورية رومانية. انتهى صدأ الحلم التاريخي الفاشي، وزالت الإمبراطورية الرومانية الفاشية بهزيمة لم تبق على شيء من الحلم التاريخي الروماني، وانتهى موسوليني معلقاً من ساقيه في ميلانو مع عشيقته كلاريتا بيتاتشي.

العلوم والفلسفة والدين شكلت منذ الزمن القديم قوة حقيقية للإنسان. حركت القدرات البشرية في طريق النهضة والتقدم. هذه القدرات ما زال لها صدى متجدد. يشحذ العقول ويدفعها للإبداع والاختراع. منذ بداية عصر النهضة الأوروبي إلى اليوم تتدفق الإضافات في مجالات الفكر والعلوم التقنية، ولا تتوقف البحوث العلمية في المختبرات والمعامل، من أجل زيادة قدرة البشر على السير نحو الرفاهية، ومقاومة الأمراض وصناعة الأدوية. لكن المرض الأكبر والأخطر لا يزال هو الحروب التي تتفجر وكأنها وباء مزمن يعيش في داخل رؤوس البشر. اعتقد الكثيرون من المفكرين والساسة، أن السلام سيعم العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما خسرته البشرية من عشرات الملايين، والدمار الذي لم تنج منه إلا القليل من بلدان العالم. قامت منظمة الأمم المتحدة، كجسم عالمي للسلام يضم كل أمم الأرض، وُلد من رحم المأساة الأكبر التي عاشتها البشرية جراء الكارثتين الأولى والثانية، لكن صدأ الماضي، والوباء المزمن وهو الأنانية والعنف وغطرسة الهيمنة والقتل، كلها لا تغيب، وفعلها لا ترياق له، كما يؤكد ذلك كل ما نراه اليوم ونعيشه، في بقاع مختلفة من العالم.

العالم يعيش اليوم بكل حواسه، ما يشاهده على أرض غزة. شيء لم تعشه الملايين من قبل. مذابح تنقلها وسائل الإعلام إلى أصقاع الدنيا في صور حية. صدأ التاريخ عندما يتحول إلى آلة قتل لا ترحم كبيراً أو صغيراً يؤكد أن كلمة الإنسانية لا يكون لها حضور في رؤوس امتلأت بغبار صدأ الماضي وأساطيره. لقد اجتمعت المآسي والمهازل الإنسانية بكل ما فيها من دموية جنونية لم يشهدها التاريخ من قبل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدأ التاريخ وصداه صدأ التاريخ وصداه



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 19:56 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الأحزمة الرفيعة إكسسوار بسيط بمفعول كبير لأطلالة مميزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon