أبو الياس الإنسان قبل السياسي

أبو الياس الإنسان قبل السياسي

أبو الياس الإنسان قبل السياسي

 لبنان اليوم -

أبو الياس الإنسان قبل السياسي

طارق ترشيشي
بقلم : طارق ترشيشي

برحيل دولة الرئيس ميشال المر، يخسر لبنان قامة وطنية وسياسية وانسانية كبرى، قلّ مثيلها في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر. ميشال المر كان الإنسان قبل المهندس ورجل الاعمال والسياسي، نشأ على خدمة الناس واستمر فيها حتى الرمق الأخير.. فهي كانت حياته في كل الأزمان، ومصدر سعادته كان ان يرى ارتسام ابتسامة على ثغر من ادّى له خدمة أخرجته من ضيم او غيّرت مجرى حياته.

تعرّفت الى ابي الياس (وهو اللقب الأحب اليه من بين كل ما إستحق من القاب) قبل أكثر من 36 عاماً، فما تخيّلته خلالها الاّ معجّلا يسعى دوماً وابداً في مطاردة الأزمات التي حلّت بهذا الوطن الصغير وشعبه، موصلاً ليله بالنهار، ملاحقاً شؤون الناس العامة والخاصة من دون كلل ولا ملل. ولم يأبه يوماً لإفتراء من هنا او لإعتداء من هناك، صلب الإرادة، وشريف في الخصومة كشرفه في المحبة في السياسة كما في الشخصي، ومهندس في صناعة الحلول والتسويات للأزمات وكذلك في صناعة التحالفات وتدوير الزوايا.

إذا ضاع «سرّ الدولة» يوماً تجده عند «ابو الياس»، وقد حمل هذا السر طوال حياته، غير مفرّط به خصوصاً في عزّ الأزمات والمحن، مع انّ كثيرين فرّطوا به غالباً، توسلاً لمصالح أو غايات خاصة لدى داخل او خارج، في وقت كان «الناس أولاً» مصلحة ابو الياس الاولى والاخيرة...

عرفت في «ابي الياس» منذ ان تعرفت اليه، الأب والاخ والصديق والوفي، الذي لا ينكر جميلاً لمن جامله وفضلاً لما فاضله، كان يعطي الناس بغير سؤال او حساب، وكنت شاهداً في كثير من الاحيان على مساعدته لأناس لم يسأل عن اسمائهم ولا عن انتمائهم الطائفي او الحزبي، فكأنّه إنفطر منذ نشأته على عمل الخير وحب الناس، كل الناس، بلا تمييز او تخصيص.

وعندما كان يبلغه احد انّ فلاناً طعن بك او غدر، في السياسة وغير السياسة، يسارع الى ترداد مقولة الإعرابي الشهيرة: «كلما طُعِنتُ في الظهر أشكر الله على انني ما زلت في المقدّمة».

كان ابو الياس قامة وطنية كبرى، تسنّى لي ان اكون شاهداً على ما حققته من نجاحات وإنجازات في كل المجالات، ستبقى البلاد تجني منها الخير المستدام، وستبقى محفورة في ذاكرة الناس الذين احبهم ابو الياس دوماً، وأدرك بإحساسه المرهف كل ما يفرحهم وما يضيمهم، فأبو الياس الإنسان كان يتغلّب دوماً على ابي الياس السياسي، فقد كانت له في السياسة نجاحات كبيرة وربما كانت له احياناً بعض الإخفاقات، اما في الانسانية فكان الرائد والناجح في كسب قلوب الناس وعقولهم، حتى اولئك الذين لم يطلبوا منه خدمة.

برحيل ابي الياس نخسرعملاقاً من عمالقة حياتنا السياسية، ولكن نهجه وروحه التي تفيض بمحبة الناس مستمرة بآل بيته الذين ينتصب بينهم عملاق آخر يحمل الراية، وقد خَبر الناس فيه شجاعة الوالد وشهامته وإقدامه..

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو الياس الإنسان قبل السياسي أبو الياس الإنسان قبل السياسي



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

هالاند يحطم رقم رونالدو ويواصل التهديف في البريميرليغ
 لبنان اليوم - هالاند يحطم رقم رونالدو ويواصل التهديف في البريميرليغ

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon