عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا

عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا

عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا

 لبنان اليوم -

عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

للمرة الثانية في أقل من شهرين، تستخدم الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو)، في مجلس الأمن، ضد الإرادة الدولية الساعية إلى وقف إطلاق النار في غزة.

الاستخدام الأول جرى في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحجة أنه لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما المرة الثانية فبذريعة أنه لم يشر إلى هجمات السابع من أكتوبر عينه.

وأدَت واشنطن في المرة الأخيرة المحاولة الأممية لوقف نزيف الدم الجاري في غزة، وأطفأت أي بصيص نور يستنقذ مليوني فلسطيني من الموت المحقق.

تاريخياً: استخدمت واشنطن حق النقض في مجلس الأمن نحو 80 مرة، 50 منها للذود عن إسرائيل بنوع خاص؛ لا سيما في مواجهة مشروعات القرارات التي ترغمها على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

العجيب والغريب هو التناقض الواضح والفاضح بين حديث واشنطن عن ضرورة تخفيف إسرائيل أعمال القتل من جهة، ورفضها مشروع قرار يخدم ما ترمي إليه من جهة ثانية، ما يعني استمرار سيرة ومسيرة الازدواجية الأميركية، تلك الساكنة في روح الإدارات المختلفة، ديمقراطيين وجمهوريين، لا سيما إذا تعلق الأمر بإسرائيل.

قبل اتخاذ القرار كانت اللجنة الوزارية العربية الخاصة قد حلت في واشنطن، لمقابلة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لمناقشة وقف أعمال القتال ضد الشعب الأعزل. لم يسمح بلينكن باللقاء إلا بعد يومين من وصول الوفد، وحتى تستخدم إدارة بايدن «الفيتو» في مجلس الأمن، ما يعني أن كل الحديث الأميركي عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، ليس سوى مضيعة للوقت، كما أن المخططات الجارية على قدم وساق لإحلال السلطة الفلسطينية محل «حماس»، أمر لا يهدف إلى تهيئة الأرض لإقامة الدولة الفلسطينية، إنما هي خوف من حدوث فراغ، خبروه من قبل في أفغانستان فأنتج «القاعدة»، وفي العراق فجاء بـ«داعش»، وهنا يبدو الخوف من أن تمد طهران أذرعها وتتمدد داخل غزة.

ثم خذ إليك: عن أي دولة فلسطينية يتحدث بلينكن، والمخطط واضح وضوح الشمس؛ حيث يتم دفع مواطني غزة لجهة الجنوب، ضمن مخطط «التهجير الكبير»، أو «النكبة الثانية»؟!

هل بات الرهان على النزاهة الأميركية أمراً يصيب بالخيبات حالياً ومستقبلاً بشكل مؤكد؟

الحقيقة التي لا مراء فيها، هي أن أميركا المتخبطة في الداخل باتت غير قادرة على حل مشكلاتها، أو وضع أجندة تتلاءم مع مستقبلها، وعليه فإنه يبدو من العبث الرهان على قدرتها في التأثير والتحكم في الصعود السلمي للآخرين؛ لا سيما أن فكرة السلام لم تكن في مداميك بنيانها الهيكلي، منذ أن استولت على أراضي الهنود الحمر بالقوة وسفك الدماء.

يخطر لنا التساؤل: إلى أي حد ومدى أثَّر «الفيتو» الثاني على صورة أميركا عربياً وعالمياً؟

ربما عبرت «الواشنطن بوست»، القريبة من البيت الأبيض عن هذا التأثير بقولها: «وجهة النظر السائدة في الشرق الأوسط تتلخص في أنه بينما تتولى إسرائيل القتال، فإن هذه حرب أميركية، ومن دون الغطاء الدبلوماسي والذخائر العالية التقنية التي تزود بها الولايات المتحدة تل أبيب، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على تنفيذ العملية الضخمة التي شنتها في غزة للقضاء على (حماس)، والتي قال عنها مسؤول في الأمم المتحدة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنها تسببت في (مذبحة كاملة ومطلقة)».

يراقب الملايين من العرب في الشرق الأوسط، ومئات الملايين من أحرار العالم، أصحاب النفوس الصالحة، القوة الوحيدة التي يرون أنها قوية وقادرة على التأثير الإيجابي حول العالم، وهي تتنكر لكل ما ترفعه في العلن من شعارات طُهرانية ويوتوبية عن العدالة وحقوق الإنسان؛ إذ تبدو وكأنها لا يعنيها وقف إراقة الدماء في غزة.

حول العالم، تبدو الحرب في غزة وكأنها جردت أميركا العظمى من أسسها الأخلاقية العالية؛ حيث أصبحت مواعظ بايدن لروسيا حول حماية الحياة المدنية في أوكرانيا تتزامن مع تصريحاته الأهدأ كثيراً، بينما تقصف إسرائيل المدارس والمستشفيات.

على صعيد السياسة الخارجية، كانت واشنطن دوماً في الوضع الجيد عندما كانت توازن بين مصالحها وقيمها، وعندما كانت تدمج القيم الأميركية بالقيم العالمية، ما كان يمكنها من العمل بهما معاً بشكل وثيق، وبما لا يتعارض أيضاً مع مصالح الدول الأخرى. فحين تراجعت القيم الإنسانية في الداخل الأميركي، أصبح من غير المستغرب أن تسود الغطرسة في تعامل واشنطن وعلاقاتها مع الآخرين.

وترى «هيومن رايتس ووتش» أن واشنطن بعد «الفيتو» الثاني تكاد تخاطر بالتواطؤ في جرائم حرب، بينما منظمة «أوكسفام» تعتقد أن أميركا وضعت مسماراً جديداً في نعش مصداقيتها في مسائل حقوق الإنسان. وتذهب «أطباء بلا حدود» إلى أن الأميركيين يساهمون اليوم في المذبحة ضد الفلسطينيين. وهل إقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن مجلس الأمن أصابه «الشلل بسبب الانقسامات الجيو-استراتيجية»، بداية نهاية الأمم المتحدة؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا عن «الفيتو» الثاني وصورة أميركا



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:53 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 لبنان اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 لبنان اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:42 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
 لبنان اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 لبنان اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:43 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فوز سيدات لبنان على سوريا في بطولة غرب آسيا لكرة السلة

GMT 22:09 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 سيارات دفع رباعي حديثة ومريحة على الطرق الوعرة

GMT 07:24 2023 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المنتجة الفنية ناهد فريد شوقي عن عمر يُناهز 73 عامًا

GMT 17:19 2015 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هاميلتون يؤكد أنّ شوماخر بطل سباقات السيارات على مر العصور

GMT 14:35 2014 الخميس ,04 أيلول / سبتمبر

شريط فيديو جديد لدبلوماسي سعودي مختطف في اليمن

GMT 08:17 2022 الإثنين ,30 أيار / مايو

السعودية وأميركا... قوة المنطق

GMT 18:23 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

قرداحي يعدد ما تعلمه من أزمته الأخيرة ويؤكد شعوره بالظلم

GMT 16:10 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

إسلام سليماني يدعم محمد صلاح في سباق الكرة الذهبية

GMT 17:15 2021 الخميس ,30 كانون الأول / ديسمبر

أزياء حددت موضة 2021 يمكن الاحتفاظ بها في العام الجديد

GMT 03:47 2015 الإثنين ,02 آذار/ مارس

سلطة الأسكالوب

GMT 07:37 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

لو كنت من القيادة الفلسطينية

GMT 18:53 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة البريطانية تخلي مطار برمنغهام بسبب سيارة مشبوهة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon