بقلم : مشعل السديري
مفهوم التليفون بدأ في ورشة (غراهام بِل) في 1876، وبعدها (كرّت السبحة) ابتداء من تليفون الحائط، إلى (أبو هندل)، إلى (أبو قرص)، إلى (أبو النِمَر)، إلى أن وصلنا إلى (المحمول)، وخذوها مني سوف تكر السبحة أكثر وأكثر.
وقد أجريت أول مكالمة بأول هاتف محمول طرح في بريطانيا في يناير (كانون الثاني) 1985، بداية ثورة الاتصالات الشخصية عن طريق (شركة فودافون)، وبلغ وزن ذلك التليفون 5 كيلوغرامات، فلم يكن من السهل حمله فكان ينقل بالسيارة، وكان الجهاز يحتاج إلى فترة شحن تصل إلى 10 ساعات، وبعد نصف ساعة (تفضى) البطارية.
وتداعى إلى ذاكرتي مقال كان قد كتبه المرحوم الدكتور (مصطفى محمود) في أواسط الستينات الميلادية، متخيلاً أنه في عام (2000)، سيصبح التليفون أسهل وسيلة اتصال، لأنه سيكون في حجم (علبة السجائر)، ولا يفارق صاحبه رجلاً كان أم امرأة أو حتى طفلاً، وسيصبح لكل فرد في الأسرة تليفونه ورقمه الخاص به، وسيصبح منظره مألوفاً أن يجلس أكثر من شخص في غرفة واحدة، ويتحدث كل منهم في تليفونه الخاص، هذا التليفون سيكون متنقلاً بحيث يمكن نقله في السيارة أو الشارع أو أي مكان تذهب إليه – انتهى.
وهذه أبرز التوقعات عما ستكون عليه الهواتف المحمولة في المستقبل: سيتغير شكل الهاتف، ولن يكون قطعة بلاستيكية، كما هو الحال الآن، لأنه سيتسم بتصميمات مرنة شفافة وقابلة للطيّ، أو حتى سيكون ارتداؤه مثل الخاتم في الأصبع، وسيعتمد على التقنية الثلاثية الأبعاد لعرض الصورة، ليشبه ما نراه في الحياة الواقعية، كما سيكون من الكافي تعريض شاشته لأشعة الشمس المباشرة، لشحن البطارية على الفور. ولن تكون وظيفة الهواتف المستقبلية فقط تخزين البيانات والاحتفاظ بها لاستدعائها عند الحاجة، بل سيتحوّل الهاتف إلى مسجِّل رقمي للأحداث والأماكن والتجارب التي تمرّ بها، ليسمح بالرجوع إليها عند الضرورة، وستكون الوسيلة الوحيدة للدفع، وستحلّ مكان البطاقات الائتمانية. وعلى رغم انتشار هذه الوسيلة في الفترة الحالية، فإنها ستكون أكثر أماناً وموثوقية.
وهي ستساعد مستخدمها على فهم العالم من حوله بشكلٍ أفضل، لأنها ستتمكّن من ترجمة ما يقوله في الوقت الحقيقي وبلا أي تأخير ومهما كانت اللغة التي تتحدثها، إلى أي لغة أخرى والعكس، كما ستتفاعل مع مراقبة النشاط الحيوي للجسم، وإعطاء تقارير مفصَّلة للمستخدم عن حالته الصحية.
وأهم من ذلك بالنسبة لي هي: مراقبة حالتي العاطفية، التي هي على (الحُركْرُك) – إلى أن يسترد الله أمانته.