بقلم: مشعل السديري
كنت في أحد المجالس، وسأل من كان يجلس بجانبي صاحب المنزل عن ابن عم له، فرد عليه قائلاً: ادعُ له، فالأطباء أكدوا له أنه في حاجة مستعجلة لزراعة قلب متبرع به - وهذه هي الصعوبة.
فنط ذلك (الملقوف) وكأن عقرباً لدغته، وقال له وهو يشير لي: هذا هو الذي من الممكن أن تأخذ رأيه، فقد كتب أن أكثر قلب يلائم الإنسان المريض، هو قلب (الخنزير) أعزكم الله.
الواقع أنني ساعتها تمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني - خصوصاً عندما شاهدت صاحب المنزل ينظر لي بازدراء غير مصدق، وتجاوب معه بالنظرات المزدرية كل من كان في المجلس.
ولكي أخرج من هذه الورطة كذبت وأنكرت هذه الحقيقة، وقلت لهم: إنني أمزح، ويبدو لي أن كلامي وإنكاري لم يعجبهم، فما كان مني بعد عدة دقائق حتى استأذنت بالانصراف، فشيعوني بنظرات غير ودية، ولم يودعني أي منهم إلى الباب.
والآن وأنا في مكتبي وحيد، أقول بملء فمي ولا أبالي: أن لا أمل لأصحاب (القلوب والكلى) العليلة إلا بأعضاء الخنازير، لأنها يا سبحان الله تطابق أعضاء الإنسان، ولا دخل لحرمة أكل لحم الخنزير في الديانة الإسلامية أو اليهودية بزراعتها، فالقاعدة في الإسلام: أن الضرورات تبيح المحظورات.
وقد شارك الدكتور المسلم (محمد محيي الدين) أستاذ الجراحة ومدير برنامج زراعة الأعضاء في ميريلاند بأميركا، في إجراء عملية زرع قلب الخنزير في صدر المريض (بينيت)، وهو يقول: إن حالة المريض كانت سيئة جداً، ولو لم تجر له تلك العملية لمات حتماً، وهو الآن يتحسن شيئاً فشيئاً، والقلب المزروع يضخ الدم بكفاءة عالية.
وأردف قائلاً: إن زراعة قلب خنزير تعادل وضع محرك سيارة (فيراري) جديد، في سيارة (فورد) قديمة من الستينات، فالخنازير المعدلة جينياً مصدر مناسب لتوفير الأعضاء اللازمة لاستبدال القلب والكلية، لكن الكبد والرئة ما زالت تجرى البحوث عليهما.
هل تعلمون أنه في عام 2002، كان أكثر من (42) ألف شخص في أميركا بحاجة مستعجلة إلى زراعة أعضاء، واليوم يوجد ما لا يقل عن (70) ألفاً في قائمة الانتظار، الغالبية منهم (فطسوا) قبل أن يصلهم الدور.
هذا في أميركا وحدها، أما في بقية أنحاء العالم فحدثوا ولا حرج – فهم بالملايين.
وللمعلومية، فأعضاء الخنازير التي تمت تربيتها خصيصاً لأغراض الزراعة، تتمتع بمزايا التعقيم والجودة أفضل من أعضاء البشر بمراحل.
أنا متأكد أنه بعد كتابتي لهذا المقال التوضيحي، سوف تتناهشني (طيور شلوى) من كل جانب.