بقلم: مشعل السديري
ومن ذكريات (أبي عبد الله) عن الشيخ (ابن عثيمين)، رحمه الله، أنه كان شيخاً (خفيف الطينة) - أي خفيف الدم - وسريع البديهة، ومن مواقفه الطريفة: أنه كان يوماً يؤم المصلين كالعادة في مسجده، وكانت الصلاة جهرية، فَسَهَا عن إحدى الآيات، فذكّره بها أكثر من شخص بطريقة فيها شوشرة، وعندما انتهى من الصلاة نبههم إلى أن التذكير يجب ألا يكون بهذا الشكل المزعج، وأن واحداً يكفي عن البقية.
وهنا نطق رجل كبير السن وقال له بكل ثقة: لكن الشايب اللي مثلك وما يعرف يقرأ مفروض عليه (يصف ورى)، ويخلّي الصلاة لأهلها. فما كان من الشيخ إلا أن يمد يده له مصافحاً وهو يقول له: صدقت... الله يهديني ويهديك.
ومن طريف (ابن عثيمين) أيضاً: أنه عندما كان جالساً مع الشيخ (ابن باز)، قال لهما أحد الحضور إن هناك اختراع جهاز ينبه عن السهو أثناء الصلاة، وسألهما ما حكمه، فصمت ابن باز ولم يجبه، غير أن ابن عثيمين ضحك، وسأل الرجل: هل ذلك الجهاز يسبّح أم يصفّق؟! - وكان يقصد أن التسبيح يكون للرجال أما التصفيق فهو للنساء.
ومن طرائفه، رحمه الله، أنه كان يوماً راكباً سيارة تاكسي، ويبدو أن المشوار كان طويلاً، فأراد سائق التاكسي أن يتصرف، ولم يكن يعرف الشيخ، فقال: لم نتعرف على الاسم الكريم يا شيخ؟ فقال أنا: محمد بن عثيمين، - واعتقد السائق أنه يمزح معه -، فرد عليه: وأنا عبد العزيز بن باز. هنا ضحك الشيخ وقال له: ابن باز أعمى، فكيف يسوق تاكسي؟ فرد السائق: ابن عثيمين في نجد، فما الذي جاء به هنا، تمزح معي أنت؟ ثم ضحك الشيخ وأفهمه أنه بالفعل ابن عثيمين، ومع ذلك رد عليه السائق قائلاً: وأنا كمان ابن باز. لهذا أخذ الشيخ يردد بصوت خافت: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقيل إنه ذات يوم كان يتكلم في درس عن عيوب النساء في أبواب النكاح، فسأله سائل وقال له: إذا تزوجت ثم وجدت زوجتي ليس لها أسنان، فهل هذا عيب يبيح لي طلب الفسخ؟ فضحك الشيخ وقال: هذه امرأة جيدة، احمد ربك أنها ما تقدر تعضك.
ومن أقواله رحمه الله: عجبت ممن يحرص على نظافة ثوبه وسيارته وبيته ويترك قلبه.
وممن انحنى ظهره ولم ينحنِ لسانه عن الغيبة والكلام الفارغ.
ومن تاجر يملك المليارات، ويتصدق بعشرة ريالات.
ومن نخلة عوجاء تعطي ثمرها لمن لا يسقيها.