بقلم - مشعل السديري
وفق ما صرح به خبير الأرصاد وخفيف الظل، الأستاذ خالد الزعاق، من أن العمليات الحسابية تشير إلى أن يوم الاثنين - غداً - الموافق 19 يونيو (حزيران) هو (غرّة ذي الحجة)، ويوم الثلاثاء 27 يونيو (حزيران) هو يوم (وقفة عرفة)، ويوم الأربعاء 27 يونيو هو (عيد الأضحى)، خطر لي أن أسلط الضوء على بعض المواقف للرحالة الآيرلندي جون كين، في كتابه: «ستة أشهر في مكة والمدينة»، ذاكراً أنه كان يفكر في ذلك منذ البداية، عندما خدم على متن سفينة تحمل طاقماً مسلماً، وبعد أن وصل إلى جدة عام 1877 أعلن إسلامه تحت اسم محمد الأمين، واستطاع أن يلتحق بحاشية أمير هندي خصوصاً وهو يتقن اللغة الهندوسية، ما أعطاه الصلاحية بالتنقل والتجول بحرية.
وكوّن من خلال ذلك صداقات، ودخل في مشاحنات مع بعض زملائه في السكن، ويقول: «كنا جميعاً نتناول الأطعمة نفسها، ولكن من دون أن يقدم أحدنا للآخر لقمة واحدة من طعامه».
ويمضي قائلاً: «الذي أزعجني أن هناك اثنين يشاركاننا السكن نفسه، الأول شيخ أعمى، والآخر ليس له في يده اليمنى غير أصبعين، وكانا لا يأخذان كفايتهما من الطعام».
غير أنني أصبت بحزن شديد عليهما، فما كان مني إلاّ أن أدعوهما لمشاركتي يومياً في الطعام من صحني، فتقبلا عرضي بفرحة بالغة، ولكن عند أول وجبة مشتركة (فعيونكم ما تشوف إلاّ النور)، إذ إنني لم أشاهد في حياتي رجلين لديهما هذه الشفاحة والسرعة في التهام الرز بالكاري.
ولا أذكر أن الشيخ الأعمى قد أخطأ الصحن يوماً، أما الآخر فأصبعيه تتلويّان على الصحن مثلما يتلوى الثعبان، ناثرتين ما التصق من أرز من آخر لقمة التهمها، ليقع ذلك الفتات على قطعة لحم كنت أضع عيني عليها من البداية، لكنني لو تناولتها من البداية فسيظهر ذلك أنني بغاية الجشع، في الحقيقة إنني لم أحظَ بالفرصة التي كنت أتمناها ولا مرّة واحدة، فهما كانا يذهبان بخمسة أسداس الصحن في كل وجبة ويحمدان الله بعد الطعام، ويشكرانني قائلين: «ما أقل ما تأكل يا محمد أمين»، بينما هما يتقاسمان آخر لقيمة بينهما - ويتركانني أتحسر و(أتلمظ) -!!
بعد وجبة العشاء اعتدنا جميعاً على الجلوس حول مصباح في وسط الغرفة وندخن الشيشة ونتجاذب أطراف الحديث، لطالما أولعت بالشيشة؛ حيث يمر الهواء عبر حجرة مملوءة ماءً تعمل على تنقية الهواء من تكثف البخار الناجم وتبرد الدخان الذي يتجمع في الرّئة ويعطي شعوراً مهدئاً، رغم كونه مؤلماً للمبتدئين.