بقلم- مشعل السديري
بدأت الممرضة المؤهلة (صوفي مايلز)، عملها في النوبة الليلية بقسم مرضى (كورونا)، قيل لها إن الشاب الذي يعاني من عدة مشاكل صحية، من غير المتوقع أن يبقى على قيد الحياة وكانت برفقته امرأة مرتدية جميع معدات الوقاية الشخصية اللازمة: القفازين والكمامة.
وهي خطيبته منذ 15 عاماً، والتي كانت قد أخبرت موظفات المستشفى أنهما لم يقيما حفل زفاف لهما بسبب عدم توفر المال والوقت.
كان ذلك تعارضاً مؤلماً بين الحب والموت، لكنه ولّد شيئاً جميلاً جداً، فقد اتصلت الممرضة صوفي بقسيس المستشفى (جو فليدر) وسألته عما إذا كان بمقدوره عقد قران الزوجين، ووافق القسيس، ولكنه قال: إنه لا يستطيع القيام بذلك الآن بشكل قانوني، لكنه يستطيع أن يفعل شيئاً شبيهاً وقريباً مما يجري عادة في طقوس الزواج ثم تكليلهما، فطلب منهما ترديد بعض الجمل وراءه مثل (قبلت بالزواج منه - منها)، ولن يفرقنا أي شيء سوى الموت، وما إلى ذلك.
وقمنا بصنع خاتمين من رقائق القصدير، واتصلنا بابنة المريض أيضاً عبر الهاتف لكي تشاهد ذلك بالصوت والصورة.
لقد كانت خدمة رائعة حقاً، وكان جواً عاطفياً حميماً.
وبعد ثلاثة أيام فرقهما الموت - ولكن هذه هي الحياة، سواء قصرت أم طالت، ولا أنسى ما أكده الشاعر عندما قال:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته - يوماً على آلة حدباء محمولُ
ومع ذلك سوف نستمر بالتعامل مع هذه الحياة، إما بباقات الزهور أو حتى إذا تطلب الأمر بالكرابيج - مثلما أفعل أنا مع أيام حياتي - غير أن (كرستين بوك) المبتكر التعليمي الهولندي، يرى أن الإيجابيات في الحياة بعد تجربتنا مع (كورونا) ستكون أكثر من السلبيات، فمثلاً:
هو يرى أن العمل من المنزل على مدى أسبوع كان تجربة، لكن بعد مضي شهر، يبدأ التعود عليه، حتى في المهن التي لم يخطر عليها ذلك من قبل، كما أن جلسات المحاكم ستصبح عبر الإنترنت، وأن موظفي البنوك ينفذون المعاملات من المنازل عبر أنظمة آمنة، كل هذا حدث بشكل غير مخطط له، في حين أن عديداً من الموظفين يتولون رعاية الأطفال طوال اليوم. العمل من المنزل سيصبح أسهل بعد مضي الجائحة، إذا انتهى المطاف بالموظفين ذوي الياقات البيضاء إلى العمل من منازلهم نصف الأسبوع فقط، فإن انخفاض التنقلات ستقلل من الانبعاثات والتلوث وحركة المرور خلال ساعة الذروة، بينما يرتفع معدل السعادة.
خصوصاً مع (السيّستا) - أي (نومة القيلولة).