بقلم : مشعل السديري
هل تتخيل أو تقبل أن لا يكون لك طوال أيام حياتك لا شغلة ولا مشغلة، سوى أن تتبرع بدمك؟! لا أطلب منك الإجابة، ولكنني أقول لك إن هناك رجلاً أسترالياً اسمه جيس هاريسون، كرس حياته من أجل ملايين من الأطفال، غير أن تقدمه في السن وإصابته بداء عضال أجبراه على التوقف عن مهمته الإنسانية، ما قد شكل خسارة حقيقية قد يصعب تعويضها، فما هو الشيء النادر الذي يمتلكه هاريسون ولا يمتلكه آخرون؟ فقد سبق لذلك العجوز الأسترالي الذي لقب بـ(الرجل ذي الذراع الذهبية) أن حقق رقماً قياسياً في التبرع بالدم بعدد يصل إلى 1173 مرة، وذلك لكون دمه يتميز ببلازما غنية بالأجسام المضادة النادرة.
ومن خلال تبرعه الأسبوعي بالدم، أنقذ الرجل أرواح أكثر من مليوني طفل، لأن دمه يحتوي على العنصر المضاد (أنتي دي)، وهو الذي يساعد على حدوث التوافق بين دم الأم ودم الجنين في الحالات التي تكون فيها فصيلة دم الأم سالبة وفصيلة دم الجنين موجبة، أو العكس، ومن كل تبرع واحد يستفيد أكثر من ألف طفل وأم من ذلك الدم.
وكانت أستراليا حتى عام 1967 تعاني من وفاة الآلاف من الأطفال كل عام ومن تكاثر حالات الإجهاض بين النساء، إضافة إلى ارتفاع في أعداد المواليد الذين يعانون من مشاكل في الدماغ بسبب عدم توافق دم الأم والجنين.
وعندما تُوفي شيعته الجماهير وكأنها تشيع قديساً.
ونموذج آخر إسلامي علينا نحن أن نفخر به، فقد أسس طبيب من بنغلاديش مستشفى صغيراً لأمراض الكلى والمسالك البولية، يقدم خدماته للمرضى من الفقراء، مجاناً أو بأسعار منخفضة.
وتمكن الطبيب البروفسور محمد قمر الإسلام، حتى الآن من زراعة 1004 كلى للفقراء مجاناً، وقد أثارت قصته إعجاب الناشطين، وجرى تداول قصته على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت صحيفة (بنغلاديش بوست) أن قمر الإسلام انشغل خلال فترة جائحة (كورونا) بعلاج الكثيرين، حيث زرع 250 كلية إضافية بنسبة نجاح وصلت إلى 95 في المائة، لافتة إلى أنه يعمل على متابعة حالات مرضاه مجاناً وبدقة.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تهيأت له الفرصة لشراء سيارة خاصة به، وتحسين حياته المعيشية، فضل تسخير ما توفر له من مبالغ لخدمة المرضى، حيث قام بشراء جهاز جديد لغسيل الكلى.
المواقف الإنسانية لا تعرف مسيحياً ولا مسلماً ولا بوذياً ولا هندوسياً ولا (إيش ما كان) - المهم أن يكون (إنساني النزعة).