بقلم : مشعل السديري
الفرنسيون، بعضهم لا كلهم، سريعو الانفعال، وهذه ظاهرة يلمسها من يتعامل معهم بدون معرفة مسبقة لهم، وبالمقابل هم سريعو الرضا لمن يتحملهم قليلاً.
ويفسر (أوليفيه جيرو) الممثل الكوميدي الفرنسي، ومقدم برنامج (كيف تصبح باريسياً في ساعة) وهو يسلط الضوء على الجوانب الثقافية الفرنسية، قائلاً: اعتاد الفرنسيون على الإجابة بالنفي تلقائياً على سؤال لأنهم شعب ثوري، دأب على الاحتجاج في مختلف العصور، وهم يصغون للآخرين خلافاً لما يظن الكثيرون، لكن قد ينتهي الرفض غالباً إلى الموافقة. ومنذ اقتحامهم سجن الباستيل في عام 1789، لم يتوقف الفرنسيون عن تنظيم الاحتجاجات لأسباب مختلفة، لهذا كثرت الإضرابات عندهم (على الفاضي والمليان) أحياناً، وآخر مرة كنت في باريس فاتتني الطائرة، لأن سائقي التاكسيات أضربوا وسدوا طريق المطار بسياراتهم.
أما الذي لم يصغ للآخرين وركب رأسه، فهو الأمير (هنريك) زوج ملكة الدنمارك (مارغريت الثانية)، الذي هو من أصل فرنسي، وفاجأ الآخرين برفضه القاطع أن يدفن في قبر إلى جانب قبرها، رغم أن المحبة والعلاقة بينهما (سمن على عسل)، ولكن إليكم السبب الخطير الذي جعله يركب رأسه ويحرن:
فهم يؤكدون أنه لطالما استاء من وجوده في الصف الثاني من الناحية البروتوكولية، وأوضحت (بامبي) رئيسة البروتوكول بالقصر: أن قرار الأمير عائد إلى كونه لم يحصل على اللقب والمهام التي أراد، وأنه ليس مساوياً لزوجته ولا يريد أن يكون كذلك عند الوفاة، وربما يكون نظام التعليم الفرنسي قد أسهم أيضاً في ترسيخ عادة الإجابة بالعناد تلقائياً لدى الفرنسيين، إذ يتعلم الأطفال في المدارس الدفاع عن آرائهم وتفنيدها ثم إعداد ملخص للرأي ونقيضه.
والفرنسي عموماً ينزع للمناقشة والمحاججة بل والمراهنة، ودلالة على ذلك هو ما أوردته مواقع إخبارية فرنسية بأن رئيس بلدية دوسان (شارل دايو)، كان قد راهن على فوز فريق باريس سان جيرمان على برشلونة، وقال إنه سيأكل فأراً إذا خسر رهانه، ففعل ذلك عقب إطاحة فريق برشلونة بخصمه باريس سان جيرمان.
وبما أن (وعد الحر دين عليه) فقد أكل رئيس البلدية فعلاً، ولكنه للأسف لم يأكل الفأر بكامله وإنما أكل فقط ذيل الفأر ورجليه فقط، وهو ما جعل البعض يؤاخذه على عدم الإيفاء بوعده بالكامل، وقد برر ذلك بالقول إنه يتقبل هذا المأخذ بروح رياضية، ولكنه ذكر في الوقت نفسه أنه نباتي، وأن أكل اللحم تحدّ في حد ذاته عقوبة، فما بالكم بأكل لحم الفأر بكامله؟!