بقلم: مشعل السديري
ليس الإنسان هو الكائن الوحيد في عالمنا هذا، الذي يسعى لتكريس (المؤسسة الزوجية)، ولو أخذنا مثلاً الذئب وهو الحيوان المفترس الذي إذا عاشر ذئبة، فلا يمكن أن يعاشر غيرها، وبالمقابل له فالذئبة لا يمكن أن تقبل أن يعاشرها ذئب غيره.
وكذلك نوع فريد من النسور السوداء المتزاوجة، التي ينطبق عليهما المقولة العامية الدارجة وهي: (اللي يبي ستر ياطا عباتي) – وأعتقد أنها مفهومة.
وإن نسيت فلا يمكن أن أنسى صنفاً من الأسماك يقال لها: (الأسماك الملائكية الفرنسية)، فالزوجان منها يقطعان البحار والمحيطات في رحلة عاطفية مشبوبة طوال العمر إلى درجة أن أحدهما إذا مات يتبعه الآخر بلا تردد.
والذي دفعني لكتابة هذا المقال التبريري، هو ما ذكرته عن ذلك الرجل البدوي الذي حلف لي أنه لم يشاهد وجه زوجته طوال حياته، رغم أنها خلفت منه خمسة أبناء وبنات، وتعرضتُ بعدها لحملة شعواء في مواقع التواصل الاجتماعي، تقبلتها كلها كعادتي بروح رياضية على مبدأ: (ناقل الكفر ليس بكافر).
وإذا سمحتم لي، أريد أن أضرب مثلين متناقضين من أصدقائي، عندما سألت كل واحد منهما عن طريقة معاملته لزوجته، فقال لي الأول بصوته الخشن: أنا (أكزها وأبرك عليها)، وعندما لاحظ عدم فهمي قال: يعني (أنام على جلامدها)، وسألت الثاني وهو شاعر: فبدأ كلامه بقصيدة كتبها في زوجته، قائلاً في مطلعها بصوته الناعم: (داعبيني بالأصابع داعبيني)، فرفعت يدي طالباً منه أن يتوقف متعجباً ومتسائلاً في نفس الوقت، عن ماهية تلك (المداعبة الأصبعية) كيف تكون!
ودعوني أخرج من (الكز والمداعبة)، وأدخل فيما هو أجدى، فيقال: احتفل زوجان في مدينة نيويورك الأميركية بعيد زواجهما رقم 80 وسط أجواء تؤكد ارتباطهما التام، حضرها الأبناء الستة فضلاً على 14 حفيداً و16 من أبناء الأحفاد، وأكد كل من (جون) البالغ من العمر 101 عام و(آن) التي تبلغ من العمر 97 عاماً، أن السر في استمرار الحياة الزوجية بينهما هو وجود أسس من التفاهم والاحترام المتبادل، وهي أمور تصنع حباً عميق الجذور، وذلك وفقاً لتصريحاتهما.
ويذكر أن الزوجين المعمرين كانا قد تزوجا في ظروف لا تتسم بالسلاسة، حيث كان والد (آن) ينوي تزويجها شخصاً آخر، الأمر الذي دفعهما للهروب سوياً، وهو ما عرضهما للعديد من المشكلات والمتاعب، غير أنهما تمكنا من التغلب على كافة التحديات.
وقد ضربا رقماً قياسياً في طول مدة زواجهما من دون كلل أو ملل – آه، يا حسرة علينا.