بقلم: مشعل السديري
لست بمنزلة الإمام (الغزالي) حتى أستشهد به عندما يقول: من لم يهزه العود وأوتاره، والربيع وأزهاره، والروض وأطياره، فهو مريض المزاج يحتاج إلى علاج.
والحمد لله أنني لا أحتاج إلى علاج، لأن كل هذه التي ذكرها إنما هي تهزني من الأعماق، ولكن قبلها وأهم منها هو الصوت الحسن من الإمام المتمكن، وأضرب مثلاً بـ(أبي عبد الله) عندما يقول في ذكرياته:
لما كنا شباباً لم يكن عندنا علماء كثر ذوو أصوات جميلة وحسنة إلا القليل جداً، ففي الدلم عندنا واحد أو اثنان، فمنهم الشيخ عبد الرحمن الجلال ذو الصوت الجهوري الجميل، كذلك الشيخ أبو بلال، وهو من طلاب الشيخ ابن باز، فكان ذا صوت جميل، فكنا نأتيه على الأقدام وعلى الدواب في حارة يقال لها (الجريف) وهي الآن خاوية على عروشها، بل وأصبحت مرتعاً (للقطاوة) – جمع قط.
أما في الرياض فكان الشيخ أحمد المنصور إمام وخطيب المسجد الكائن في حي المرقب بالرياض، فكان الناس أثناء خطبته يوم الجمعة يبكون، وأكثر المصلين من أهل اليمن.
ومن أسلوبه أنه إذا مر على شيء مهم أثناء خطبته يردده أكثر من مرة بصوت جميل ومرتفع وكأنه يقول: (يا صباح الخير يالي معانا) وبهذه الطريقة كان يشد الناس إليه، فإذا صلى فإنه يذهب من الباب الخلفي بالسرعة خوفاً من كثرة الناس الذين يريدون السلام عليه، والحمد لله أنني مرة وقفت له بالمرصاد ومعي ابني وسلمت عليه، وقلت له: إنني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني فيه، وأخذ يمسح بيده على رأس ولدي.
***
هناك أمور صحيحة، وهناك أمور مؤكدة، وهناك أمور (بين بين)، فمثلاً:
يقال: إنما جعل ماء زمزم غير لذيذ ليكون شربة عباده – صحيح، ويقال: إن الشيطان يفر من سماع الذكر والأذان – صحيح، ويقال: إن الديك لا يؤذن إلا إذا رأى الملائكة – احتمال، ويقال: إن الحمار لا ينهق إلا إذا رأى الشياطين – احتمال، ويقال: إن المداومة على تلاوة القرآن تقوي البصر – مؤكد، ويقال: إن أنثى العنكبوت تقتل الذكر بعد تلقيحها – مؤكد، وكذلك بعض النساء والعياذ بالله، ويقال: إن الذي ينقص الحسنات هو الحسد والكلام في المساجد – صحيح، ويقال: إن الذي يزين الرجال اللحى – صحيح، ولكن غير لحى الموضة التي يهايط بها بعض الشباب، ويقال: إن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن كالبيت الخرب – مؤكد، وأبصم على ذلك بأصابعي العشرة.