«رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة

«رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة

«رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة

 لبنان اليوم -

«رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة

بقلم : يوسف الديني

انفردت منصة «بلومبرغ» للأعمال، الأكثر مقروئية على مستوى التقارير الاقتصادية والمالية، بشهادة تاريخية أشبه باعتراف بنجاحات السعودية ورؤيتها وإدارتها للأزمات، من «كورونا» إلى أسعار النفط وتقلباته.
التقرير حمل عنواناً مستفيضاً عن السيولة النقدية، وكيف أن هذه القوة السعودية الضاربة الصاعدة جزء من مخرجات «رؤية 2030»، وعرابها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وصفه التقرير بأنه ضخ القرن الحادي والعشرين في أوردة المجتمع السعودي، وانعكاسات ذلك على قدرة السعودية التفاوضية العالية في أسواق النفط والمال، إضافة إلى دبلوماسيتها التي ترتكز على السيادة.
في المقابل، تحدث التقرير، ولو مواربة، عن تخبط وتناقضات مقاربة «السعودية المتجددة»، لا سيما بعد ارتفاع أسعار النفط. فرغم المناشدات المعلنة، فإن التقرير كشف عن حملات كثيفة لدبلوماسيين ومبعوثين أميركيين بالدرجة الأولى لمحاولة إقناع السعودية بضخ مزيد من النفط الخام بأسرع وقت، أو ما وصفه بمحاولات الضغط الدبلوماسي، إلا أن موقف القيادة السعودية الذي عبر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وشرحه بشكل أكثر تفصيلاً وزير الطاقة الأمير المخضرم عبد العزيز بن سلمان، كان متمركزاً حول مصلحة البلاد والعباد، ومؤشرات أسواق العرض والطلب، من دون أي اعتبارات جانبية.
وبعيداً عن تحليلات تقرير «بلومبرغ» عن انعكاس دبلوماسية الطاقة الجديدة، وانتصارات «أوبك بلس»، بقيادة السعودية، التي تحدثت عنها في مقال سابق عن ثنائية الدفء والمناخ، فإن الأهم هو ما بدا واضحاً في الأطروحات المنصفة عن صعود السعودية، ورؤيتها التي تحولت إلى نموذج ملهم لدول المنطقة، بل موضع طلب من كثير من القوى والكيانات والشخصيات الفاعلة في بلدان مجاورة، مما موضع السعودية بصفتها قوة استثمارية عالمية، من خلال صندوق الاستثمار العام بقيمة 450 مليار دولار، وهو صندوق الثروة السيادية الذي يُراد له أن ينمو إلى تريليون دولار بحلول عام 2025.
وأما عن زيادة الإنتاج، بحسب جيسون بوردوف عميد كلية كولومبيا للمناخ مسؤول الطاقة الكبير السابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما، فإن «السعودية في وضع قوي»؛ وهي شهادة ذات قيمة عالية إذا ما تأملنا خلفية صاحبها.
الاقتصاد العالمي مدمن على النفط، رغم كل شعارات مكافحة تغير المناخ التي هي في عين الاعتبار بالنسبة للسياسات العامة السعودية، وإن كانت محل جدل في التفاصيل الصغيرة. والمقدر أن الاستهلاك العالمي للنفط بعد تجاوز مرحلة «كورونا» بلغ نحو 100 مليون برميل يومياً؛ مستوى بلغه العالم آخر مرة في 2019.
الرياض، بحسب تعبير «بلومبرغ»، على المسار الصحيح، وأمامها أفضل سنواتها على الإطلاق، لكن ما لم يقله التقرير هو أن ذلك التحول مرتبط بسياسات حازمة على مستوى مكافحة الفساد، والحرب ضد الإرهاب والتطرف، والاستثمار في الإنسان السعودي، فالجديد في الرؤية السعودية أنها تجاوزت الفصل بين التنمية الاقتصادية ودوافعها الفكرية وقاعدتها السياسية والثقافية. ومع الرؤية، تم إطلاق عدد من المشاريع التنموية التي لم تنبتْ كطروحات مالية أو تحليلات اقتصادية مفرغة من سياقاتها الفكرية، بل تمتْ إضافة «المعنى» لها، في سابقة سعودية نشعر بملامح نتائجها في الداخل، قبل ملاحظات المنصفين من الخارج وتقاريرهم.
وفي التفاصيل، فإن الخطط التنموية السعودية السابقة كانت تعتمد على التمحور حول الاقتصاد وتسريع عجلته، مع البقاء في السياق التحديثي في إطاره المحافظ وحده الأدنى الذي لم يعد صالحاً للتكرار في ظل المعطيات الجديدة. أما اليوم، فالسعودية تستثمر في أجيال شابة، وطموحات كبيرة، واقتصاد أسواق عالمية مفتوحة. ومن هنا، تم دمج مجموعات كبيرة من الشباب والفتيات من المواطنين في سوق العمل قادمين من تجارب ابتعاث، مسلحين بأحدث ما وصلت إليه الجامعات العالمية من معارف وتطبيقات حديثة.
من مكافحة الفساد إلى مشاريع عملاقة إلى تمكين المرأة، ثم التحول الرقمي الهائل، وصولاً إلى إعادة تعريف للتنافسية في التعليم وسوق العمل، وليس آخراً تأسيس لقنوات حياة الرفاه والاهتمام بالثقافة والفن، والعودة بمجتمع السعودية إلى أسلوب حياة عصري متزن بهوية وطنية صلبة، هناك ما استوجب هذا الاعتراف اليوم من عقلاء العالم... اعتراف كهذا لم يأتِ من فراغ أو وليد لحظة ارتفاع في أسعار النفط، نحن نتحدث عن نتائج لمقدمة صلبة، حيث جذر «رؤية 2030» وعصبها الأساسي يتمحور حول نقل اقتصاد المملكة العربية السعودية الأكثر تأثيراً على المستوى الديني والثقافي والاقتصادي (من اقتصاد ريعي) إلى اقتصاد متنوع حيوي متجاوز للإدمان على النفط، مع تجديد لطرائق مقاربة ملفات الطاقة، ضمن صورة كلية أوسع، ببراعة وواقعية لا تستهين بالتحديات، وإنما تأخذها على محمل الجد، بروح طموحة ودماء شابة طموحها عنان السماء!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة «رؤية 2030» أنموذج ملهم للمنطقة



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon