النموذج السعودي ثقافة التحول والمواطنة
أخر الأخبار

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

 لبنان اليوم -

النموذج السعودي ثقافة التحول والمواطنة

يوسف الديني
بقلم : يوسف الديني

الحدث السعودي اليوم عبرَ العالم هو نجم شباكِ التذاكر من مراكزِ التحليل والدراسات إلى الصحف الغربية والقنوات، وصولاً إلى التواصل الاجتماعي حتى في أكثر صوره رداءة؛ الحملات المغرضة والمعرفات الوهمية، ومن خلفيات راديكالية متعددة، اليسار والأصوليون، وبينهم توجهات متعددة تفرقها المواقف والغايات والأهداف، ويجتمعون في الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة للنموذج السعودي اليوم بشكل يستحق الدراسة كظاهرة، لما بعد الأفكار الشمولية والعولمة والقوميات الكلانية.

صحيح أن السعوديين باتت لديهم منذ أحداث 11 سبتمبر ثم موجات «القاعدة» وما بعدها «الربيع العربي» والثورات، ثم التحديات الاقتصادية ثم الحروب، مناعةٌ صلبةٌ تجاه الاستهداف، وذلك بسبب تثمينهم لفضيلة الاستقرار والمواطنة التي تم تعزيزها بـ«رؤية 2030»، التي تُقرأ بشكل اختزالي في المشاريع وليس في جذرها الأساسي ونسغها المكوّن الاستثمار في المواطنة، وأولوية المستقبل والبناء في الإنسان السعودي.

الصعود السعودي لم يأت وليد اللحظة، بل هو صيرورة لعمل دؤوب على التخلص من جذور العطل في الثقافة العمومية، على مستوى الأفكار المتطرفة والفساد والمحسوبيات والاقتصاد الريعي، وبناء مشروع يتمحور على الإنسان ويصبح هو ركيزته الأساسية، بدءاً من تحول في التعليم وعودة المبتعثين، وصولاً إلى تحسين مناخ وبيئة العمل بما يتجاوز تقليدية الوظائف الحكومية، إذ باتت المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وغير الربحية المرتبطة بثقافة الرؤية تنافس كبريات الشركات الخاصة والأجنبية على استقطاب الكفاءات.

هذا التحول هو صمام الأمان في اللحظات الحرجة العودة إلى الرؤية فكراً وثقافةً، كنموذج خلاص للمستقبل بما تحويه من مفاهيم وفلسفات كامنة حول طبيعة الذات، بدءاً من الجذور التاريخية والاعتزاز بالهوية، ووصولاً إلى تغير هائل في سلم قيم العمل والالتزام، وفهم أعمق للتحديات والانعطافات الكبرى في العالم، لا سيما السياسية والاقتصادية منها.

ثقافة الرؤية أعمق وأبقى أثراً على صناعة التحولات التي شهدناها حتى قبل تحقيق الأرقام والمنجزات على مستوى المشاريع والمستهدفات، وهي في اللحظات الحرجة أكثر لمعاناً وتفوقاً في صناعة تلك المناعة ضد الاستهداف الممنهج من قبل أصحاب المشاريع التقويضية، وبعض الصحف والمنظمات التي تحاول أن تعتاش على الحدث السعودي، باعتباره فاكهة محرمة جاذبة للمشاهدات في زمن الإعلام المرتبط بالربحية والخوارزميات، وليس المصداقية، كما أنها تتَّجه إلى اختزال الصورة السعودية الكبيرة في قطاع أو حدث وبطريقة تضليلية مبنية على إثارة العواطف والشعارات، لكنَّها تعطي ردة فعل أكثر صلابة في الداخل السعودي، الذي يرى الصورة الكبيرة واضحة حجم التنوع والخيارات والتعايش دون ادعاء للمثالية أو الكمال.

صعود النموذج السعودي يُقرأ بالاتجاهات والأرقام والتحولات على مستوى ثقافة الإنسان تجاه ذاته وهويته ومستقبله، وإيمانه بالقيم التقدمية وموقفه من التطرف والفساد، وكل متوالية أسباب إخفاق الدول وفشلها، وإذا أردنا أن نقرأ ذلك علينا العودة إلى التقارير من مصادرها، حيث تتقدم اليوم للمركز الرابع على مستوى العالمي، والأولى في المنطقة بين مجموعة العشرين، في مؤشرات متصلة بالبنية التحتية والتحول الرقمي وتنمية الاتصالات والتقنية، كما هو الحال التحول الكبير والصعود في مؤشرات الاستدامة في مختلف القطاعات التي تستهدف خلق الوظائف في مجالات جديدة تنعكس على الاقتصاد غير النفطي.

رحلة السعودية نحو المستقبل والتقدم كرؤيتها الطموحة لم تكن خياراً مؤقتاً أو تحولاً مرحلياً، بل خطة مستدامة متجددة 2030 محطتها الأولى لأهداف أبعد في ملفات الطاقة النظيفة المتجددة والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والسياحة الثقافية.

بالأمس رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني للسعودية من A1 إلى Aa3، بمعنى أنَّ النظرة المستقبلية ارتقت من إيجابية إلى مستقرة، مرجعة ذلك إلى استمرار جهود تنويع الاقتصاد، وترجيحها استمرار الزخم الذى سيؤدى مع مرور الوقت لتقليل تعرض السعودية لمخاطر تقلبات سوق النفط والتحول إلى الطاقة منخفضة الكربون، كما أشادت الوكالة بالتخطيط المالي الذي اتخذته حكومة المملكة في إطار الحيّز المالي، والتزامها ترتيبَ أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة ومواصلتها لاسـتثمار الموارد المالية المتاحة لتنويع القاعدة الاقتصادية عن طريق الإنفاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

ما يحدث اليوم في السعودية هو تحول على مستوى الثقافة، وأسلوب العمل والنظرة إلى الأولويات والأرقام، والمشاريع هي نتيجة وليست سبباً، ورغم التحديات الكبيرة المحدقة باقتصاد العالم فإن بقاء شرارة الطموح والعمل الدؤوب والتنافسية مع الاعتزاز بالهوية والإيمان بالرؤية صمام الأمان الأول.

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النموذج السعودي ثقافة التحول والمواطنة النموذج السعودي ثقافة التحول والمواطنة



GMT 20:16 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 05:31 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

التعلم بالتعليم

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

لكن من يُصلح الخطاب الديني؟

GMT 05:25 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

... عن وحدة المجازر في منطقتنا

GMT 05:21 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

المُتحولون... وحُكم القانون

GMT 05:17 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

جدول أعمال المستقبل 2030

GMT 05:14 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السياسات الجمركية وتحوّر «العولمة»

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

مجوهرات راقية مصنوعة من الذهب الأبيض الأخلاقي

GMT 20:53 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

المسرح الوطني اللبناني يحتفي باليوم العربي للمسرح

GMT 13:50 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

دليل "عالم المطاعم في أبوظبي" من لونلي بلانيت

GMT 09:42 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

مصادرة صهريج مازوت في صور

GMT 05:14 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تسريحات الشعر المناسبة للصيف

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 17:40 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

طاقة متجددة في كل خطوة مع أحدث اصدارات أديداس الأيقونية

GMT 15:30 2019 الإثنين ,25 شباط / فبراير

لؤي ناظر يكشف أسباب تراجع النتائج ورحيل بيلتش

GMT 19:08 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الجزائري مبولحي يخضع لبرنامج تأهيلي في فرنسا

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon