درس العقلانية السعودية

درس العقلانية السعودية

درس العقلانية السعودية

 لبنان اليوم -

درس العقلانية السعودية

بقلم:يوسف الديني

لو بدا لي أن أصف الحراك السعودي والنجاحات الكبرى على مستوى السياسة الخارجية في هذا العام، فيمكن اختزاله بأنه «درس العقلانية السعودية» الذي يعكس رؤية سياسية، وركائز لبيت الحكمة السياسي الذي دشنه السعوديون اليوم في المنطقة.

من تمتين العلاقات مع العراق، إلى عودة السفراء لدى لبنان، إلى ترسيخ الهدنة في اليمن، وصولاً إلى القمة الثلاثية التمهيدية للقمة الخليجية مع الأردن ومصر، هناك نتائج ومكاسب عالية الأثر للديناميكيات الإقليمية، بمعول العقلانية السعودية التي جرفت الكثير من الأوهام حول ما يقال من ردود الفعل إلى ترسيخ الاستراتيجية العاقلة لمقاربة ملفات المنطقة الشائكة، وأهمها المشي بمهارة على تحولات السياسة العالمية، وارتباك المواقف في الأزمة الأوكرانية - الروسية، والمقاربة للعلاقة مع الصين، وإعادة ضبطها مع تركيا، وصولاً إلى مواءمة العقلانية الراسخة بالتأكيد على السيادة، إضافة إلى حزمة نجاحات عريضة على مستوى تفعيل «رؤية 2030» في الداخل، والتي أخرجت نماذج سعودية للعالم في كل المجالات، وأثبتت أن قوة الداخل دائماً كما الاستثمار في المواطن رأس المال الحقيقي الذي راهنت عليه المملكة.
ولمعرفة نتائج هذه العقلانية السياسية في مقاربة الملفات الدولية، يمكن أن نقرأ النتائج والتأثيرات في الضفة الأخرى بحسب المأثور العربي: «وبضدها تتميّز الأشياء». هناك حالة انكفاء لمشروع طهران التقويضي، وفشل في استقطاب الغرب إلى مربع تمرير مفاوضات نووية، وتراجع في لبنان، واحتجاجات في العراق ضد التدخلات الإيرانية، وبقاء الهدنة في اليمن، وحزمة كبيرة من التساؤلات حول الداخل الإيراني والاستهدافات التي طالت «الحرس الثوري» وقياداته ورموزه.
هناك اليوم حالة «اصطفاف» لدول العالم حول ترسيخ «العقلانية السياسية» والسيادة في أغلب الملفات الإقليمية والدولية، وستكون الزيارة المرتقبة للرئيس بايدن إلى المملكة، والقمة الخليجية التي ستحضرها مصر والأردن، نقطة تحول كبرى في ترسيخ بوصلة السعودية كرائدة الاعتدال العربي، بحيث تصبح التعددية الإقليمية المؤكدة على سيادة كل دولة، جزءاً من تحالف كبير على صوت عقلاني موحد، أو متجانس على الأقل، للحد من نفوذ طهران وأذرعها، وإرساء حالة إقليمية أكثر توازناً، تدرك أنه تجب مساندة العراق، وخطورة عزل لبنان وتركه رهينة لقبضة «حزب الله»، والسعي إلى إنهاء حرب اليمن والبدء في إعادة الإعمار، وإذابة جليد العلاقات الحرجة بالدول الإقليمية، ومنها تركيا.
درس العقلانية السعودية اليوم كفيل بتغيير معادلة الشريك الاقتصادي والمنقذ في ملف الطاقة، إلى الشريك الاستراتيجي والأمني؛ حيث لا يمكن أن تستقر المنطقة من دون مساهمة فعالة ومتينة تُصنع في الرياض. هناك شعور بالفخر عكسته تعليقات دينس روس الدبلوماسي المخضرم، عقب آخر زيارة له للسعودية، ودعا بعدها إلى ضرورة إقامة علاقة متوازنة مع السعودية، وأن على الولايات المتحدة ألا تأخذ رغباتها كمسلَّمات محفوفة برغبات براغماتية للتدخل في ملف الطاقة.
المسألة اليوم في درس العقلانية السعودي المتجدد، لا يرتبط بالمرونة أو حدود ما يمكن أن تقدمه إدارة بايدن من تنازلات؛ لكنه مرتبط بشكل أساسي بالتزام حقيقي يعبر عن تحالف تاريخي وعميق حيال ملفات المنطقة، فالحالة الحرجة للمنطقة اليوم في ظل حالة التسليح المحمومة التي تكرسها إيران بتطويرها الطائرات المُسيَّرة، وتأجيجها للأوضاع في عواصم عربية، لا تتصل بمستوى تخفيف أو رفع مستوى الضغط على نظام طهران لتعديل سلوكه؛ بل تعبر عن إرادة سياسية أميركية حيال أمن المنطقة الذي يؤثر عليها، وتكوين تصور يؤدي إلى تبني مواقف مبدئية ثابتة ورؤية واضحة عما يجب فعله، وليس مجرد فاتورة في حساب الأثمان السياسية لحلحلة ملف الطاقة، وعقلنة أسعار النفط لعالم مضطرب سياسياً!
الموقف السعودي واضح؛ يجب ألا تُستخدم نزاعات الشرق الأوسط لأغراض اقتصادية، والصمت عن توازنات القوى وانتهاكات السيادة والتهديد الدائم للاستقرار. وبغض النظر عن حسابات الديمقراطيين، أو مدى انفتاح الرئيس بايدن على تحديث الحالة السياسية فإن الدرس السعودي واضح، ويمكن أن يقرأه المترددون في البيت الأبيض عبر العقلاء والمراقبين الغربيين، بحسب وصف أندرو إنغلاند في «الفايننشيال تايمز» وغيره كثير ممن وصفوا الداخل السعودي.
اليوم، الغرب يتعامل مع جيل مختلف في السعودية، أكثر حزماً وثقة وإصراراً على سيادته، والفخر والاعتزاز بمنجزه ورؤيته.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس العقلانية السعودية درس العقلانية السعودية



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon