بقلم - طارق الشناوي
رحمة ربنا الواسعة من الممكن أن نطل عليها بزوايا متعددة، على شرط أن تصفو نفوسنا.
أتوقف مثلًا أمام فنان دخل التاريخ بأغنية واحدة، بينما رصيده قد يربو على الألف، مؤكد أن الله أراد مع مرور الزمن أن يتذكره الناس بتلك الأغنية أو باثنتين على الأكثر.
مثلا المطربة حورية حسن غنت الكثير، وكانت تتمتع أيضا بقدر من الحضور والجمال، ولهذا شاركت فى عدد من الأفلام.
لم يردد لها الناس إلا أغنيتى (يا أبو الطاقية الشبيكة) و(من حبى فيك يا جارى)، الأغنية الأولى بعد أن أعاد محمد منير ترديدها صارت تحسب لرصيد منير، ولهذا لم يتبق لها إلا (من حبى فيك يا جارى).
مطربة أخرى كان لها أغنية واحدة منسوبة لها، بعد أن غناها منير لم تعد تنسب إلا لمنير، الأغنية هى (شىء من بعيد نادانى) أتحدث عن ليلى جمال، أتصور أن أغلب القراء لا يتذكرون الآن اسمها.
لديكم إلهام بديع، اشتهر لها فى الستينيات (يا حضرة العمدة / ابنك حميدة / حدفنى / باستفاندية)، وصورت تليفزيونيًا، إلهام كانت راقصة استعراضية وحققت نجاحًا جماهيريًا لطرافة الموقف، كان من المفترض أن يلحن لها بليغ حمدى (على حسب وداد جلبى)، وتعاقدت معه هو وكاتب كلمات هذه الأغنية الفولكلورية صلاح أبو سالم، بالصدفة استمع عبد الحليم للأغنية بصوت بليغ فتمسك بها، وفتحت إلهام نيران الغضب ضد بليغ وحليم، استجارت بخصم عبد الحليم اللدود فى تلك السنوات محمد رشدى، قال لها ساخرًا الحل الوحيد تنتحرى، ولكن قبل الإقدام على هذه الخطوة اكتبى خطابًا للرأى العام يُقرأ بعد نجاح عملية الانتحار تعلنين فيه أن عبد الحليم السبب فى إقدامك على هذا الفعل الذى تحرّمه كل الأديان، ولم تأخذ إلهام بنصيحة رشدى، إلا أنها لم تستطع حتى الآن تقديم أغنية أخرى.
المطربة فاتن فريد اشتهرت لها أغنية (اللى تعبنا سنين فى هواه)، ولكن بعد أن منحها ملحنها شاكر الموجى إلى جورج وسوف اشتهرت بصوت جورج، ورغم ذلك استمعت إلى حوار للمطرب الراحل محمد رؤوف، الذى لم يرتبط باسمه أى أغنية شهيرة أكد أنه كان المطرب الأول لـ(اللى تعبنا سنين فى هواه).
المطربة رجاء عبده غنت لكبار الملحنين، وشاركت عبد الوهاب بطولة فيلم (ممنوع الحب)، وغنت معه دويتو (ياللى فوت المال والجاه)، إلا أن الأغنية التى ارتبطت بها (البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلى)،
وهى أيضًا من تلحين عبد الوهاب. من لبنان جاء المطرب محمد مرعى، ولم يتذكره المصريون إلا بأغنية واحدة (لأ يا حلو لأ)، ومن سوريا موفق بهجت الذى كان مواكبًا أيضًا لبزوغ نجومية ابن وطنه فهد بلان، الذى اشتهر له عشرات الأغنيات، بينما موفق رصيده المصرى لا يتجاوز أغنية واحدة (وابورى رايح / وابورى جاى / وابور حبيبى / رايح وجاى).
اسم موفق ارتبط بحكاية أخرى، وهى زواجه بضعة أشهر من ميرفت أمين، وصارت فقط هذه الزيجة هى أهم وأشهر إنجاز حققه فى حياته، بينما للمطرب أركان فؤاد كانت أغنية (بدنا نتجوز ع العيد) أحد أهم طقوس الزواج فى مصر، ولا أدرى لماذا لم يعد أركان متواجدًا بأى قدر على الخريطة.
حتى فى الزيجات التى اختارت توقيت العيد، لا يدعى لأحيائها، على حميدة كان ضحية النجاح الطاغى لأغنية (لولاكى)، حمدى بتشان لم يردد له الناس بعد (الأساتوك) سوى (سطلانة) التى شارك فيها خمسة من المطربين الشعبيين، ليظل باتشان هو فقط مطرب (الأساتوك)!!.