مليحة وبراعة الاستهلال

(مليحة).. وبراعة الاستهلال!!

(مليحة).. وبراعة الاستهلال!!

 لبنان اليوم -

مليحة وبراعة الاستهلال

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

حقق مسلسل (مليحة) للمخرج عمرو عرفة، أعلى درجات كثافة المشاهدة في النصف الثانى من رمضان، وكأنه قرأ مشاعرنا في هذا التوقيت، الذي نريد فيه استيعاب التاريخ، حتى نعثر على إجابة على هذا السؤال: لماذا تلك الدموية وكل هذا العنف والسادية الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، لتحقيق هذا السيناريو البغيض، المشهد الأخير فيه، والذى تسعى إسرائيل لتحقيقه هو الإبادة العرقية مع ضمان استمرار صمت العالم على المجزرة؟.. أتقن المخرج الإمساك بسلاح (براعة الاستهلال)، وامتلك المشاعر منذ تقديم (التتر).

علاقة إسرائيل بالسينما بدأت قبل أكثر من 100 عام، اعتمدت هذا السلاح (السينما الصامتة) قبل دخول الصوت، من أجل التمهيد لاحتلال فلسطين كوطن بديل قالوا عنه إنه أرض الميعاد، وقدموا للعالم أساطير مختلقة، تؤكد أن تلك الأرض العربية، أرضهم. يعزف هذا المسلسل- الذي لم أر منه عند كتابة هذه الكلمة سوى ثلاث حلقات- على مشاعرنا وجراحنا، وتبدأ الحكاية بصوت الراوى (الجد) سامى مغاورى من ليبيا الذي يرد على أحفاده وهم يشاهدون ما يجرى بسرد الحكاية دراميا، إلا أنها تذهب إلى عمق التاريخ، ويقينا سوف تصل بنا إلى ما بعد 7 أكتوبر.

الأحداث تنطلق على الحدود المصرية الليبية وتكتمل في تداعياتها، وهى تروى التاريخ، وكل حقبة زمنية تقدم لنا إجابة على الأسئلة، كيف ومن ولماذا ومتى وأين، أصعب ما يواجه الكاتب هو أسلوب الحكى، كيف تقدم المعلومة التاريخية، ولا تشعر في نفس الوقت المتلقى بثقل المعلومة، وهذا هو بالضبط ما نجحت الكاتبة الموهوبة رشا عزت الجزار في تقديمه، فهى لا تسعى لكى تقدم لنا درسا في التاريخ.

المسلسل كسر حاجز اللهجة الواحدة وهو ما يحسب للمخرج، اللهجات المصرية والفلسطينية والأردنية مزيج من الممثلين؛ من مصر ميرفت أمين ودياب وأشرف زكى وحنان سليمان وعلى الطيب وأمير المصرى ومروة أنور ومن فلسطين سيرين خاص تؤدى دور مليحة ومن الأردن أمور خليل ورحاب الشناط وديانا رحمة ومروان عايش وغيرهم.

البداية الذكية جدا، والقادرة على أن تضعنا جميعا على الخط مع هذا المسلسل هي (التتر) الغنائى، على طريقة (الترويدة) الفلسطينية المرتبطة في الضمير الجمعى بمقاومة الاحتلال الإسرائيلى، وهى أساسا كلمات لا تستطيع إسرائيل فهمها بسهولة، أقرب إلى شفرة ولكن الفرقة الموسيقية مع أصالة تقدم المعنى وفى النهاية تستمع إلى هذه الشطرة الغنائية (يا صاحب الأرض اعتصم/ فالأرض عرض المتقين)، لتصبح امتدادا لتتر البداية والنهاية فهما نسيج واحد.

المسلسل في هذا التوقيت ننتظره بقدر ما نحتاج إليه، وسوف يتقدم خطوات أكثر لمشاعر الجمهور العربى بقدرته على تقديم الحقيقة التي تستند إلى وثيقة، المخرج عمرو عرفه استعان أيضا بوحدة ثانية يقودها شقيقه المخرج الكبير شريف عرفة، وهذا الاختيار يمنحنى قدرا كبيرا من الاطمئنان على حالة المسلسل.

هناك دقة في تقديم التفاصيل، انتقلت الكاميرا إلى قلب الأحداث، عندما مزجت الدموية الإسرائيلية في الماضى والحاضر.

أولى علامات النجاح تجدها مع بداية (الميديا) الإسرائيلية في الإحساس بالخطر، بدأت كعادتها الصحافة الإسرائيلية بالتشكيك، رغم أنه لم يصل بعد إلى أحداث 7 أكتوبر، ولكنهم استشعروا مبكرا قدرة هذا المسلسل على التأثير.

لم تكن المرة الأولى التي تقدم فيها الدراما العربية الصراع العربى الإسرائيلى، العديد من الأفلام الفلسطينية والسورية والمصرية تناولت هذا الصراع المصيرى وفضحت التعنت الإسرائيلى، ولكن ما عايشناه بعد 7 أكتوبر هو الحافز لكى تتسع الدائرة ونعرف بالضبط خطورة وأهمية هذا السلاح الذي نمتلكه، وقلما نستشعر بقدرته الهائلة على التأثير، عندما يسكن الوجدان مثل (مليحة)!!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مليحة وبراعة الاستهلال مليحة وبراعة الاستهلال



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon