بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد

بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد!

بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد!

 لبنان اليوم -

بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قالوا إن سر تعثره فى السنوات الأخيرة وزنه الزائد!. أجبت: لديكم صوت الجبل وديع الصافى، لم يصنع وزنه الزائد ولا حتى صلعته التى كان يحرص على إبرازها حاجزا بينه وبين الجمهور، ظهرا فى زمن رشاقة المطربين مثل عبدالوهاب ومحمد فوزى وفريد الأطرش وعبدالحليم.

فى عالمنا العربى لدينا أصوات تتمرد على حدود الجغرافيا وقيود التاريخ، والصافى تعود أن يقفز رغم بدانته تلك الحواجز برشاقة. أتذكر قبل نحو ٢٧ عاما منحته الدولة المصرية الجنسية، يومها كتبت أن وديع الصافى لا يحتاج إلى جواز سفر مصرى، لأنه منذ نصف قرن سكن قلوب المصريين بدون «فيزا».

لم يعرف العالم العربى مطربًا استمر فى الميدان ما يربو على ٧٥ عامًا إلا «وديع».. «أم كلثوم» غنت وهى طفلة ورحلت فى الـ٧٥ من عمرها و«عبدالوهاب» رحل بعد أن وصل إلى التسعين، صحيح أنه استمر فى التلحين حتى اللحظة الأخيرة، إلا أنه توقف عن الغناء قبلها بخمسة عشر عامًا.. لا «أم كلثوم» ولا «عبدالوهاب» استطاع أى منهما أن يغنى ٧٠ عامًا متواصلة، «وديع الصافى» فعلها وكان دائمًا قادرًا على إنعاش ليالينا وأيامنا بصوته الصافى!!.

أن تصل إلى القمة وتظل كل هذه السنوات متربعا عليها هذه هى المعادلة الصعبة وهذا هو المستحيل الذى استطاع أن ينجزه «وديع الصافى»، صحيح أنه فى السنوات الأخيرة لم يعد قادرًا على الحركة بسهولة خارج حدود لبنان، ولكنه انتقل بالفضائيات إلى ربوع الوطن العربى!!.

الفنان والإنسان «وديع الصافى» وجهان لعملة واحدة، بداخل هذا الفنان الكبير روح التسامح وقلب الطفل لم يعرف أبدا تجاعيد السنين، وأروى لكم هذه الواقعة التى حدثت قبل نحو خمسة عشر عاما.. كان أحد المدعين قد انتحل شخصية ابنه وبدأ يتصل بالأثرياء يطلب المساعدة بحجة أن والده «وديع الصافى» يعالج فى المستشفى، وصدق هذه الحيلة عدد منهم ثم وكالعادة فإن أى كذبة مهما طال بها الأمد يتم اكتشافها، وعندما علم «وديع» بذلك، طلب من قوات الشرطة التدخل وتم نصب كمين وإلقاء القبض على المجرم، فما الذى فعله «وديع»؟ ذهب إلى قسم الشرطة ثم التقى بالجانى وأثناء التحقيق معه أكد النصاب أن الذى دفعه إلى ذلك هو حاجته إلى المال وطلب من «وديع» العفو عنه فغنى له وديع «الله يرضى عليك يا ابنى.. ظهرى انكسر والهم دوبنى».. وبكى الشاب تأثرًا ومنحه وديع ما تيسر من أمواله القليلة..!!

اسمه الحقيقى «وديع فرنسيس» أما «الصافى» فلقد اشتهر صوته بالصفاء، وهكذا ارتبط به هذا التشبيه الذى صار بعد ذلك اسمًا له، فلقد اختبره أعضاء لجنة الاستماع بالإذاعة اللبنانية وهو لا يزال شابًا صغيرًا فى الثلاثينيات من القرن الماضى وبعد أن بهرهم بغناء كل الأطياف الفنية منحوه لقلب «الصافى».. فى لبنان صار «وديع» العلامة الغنائية الأبرز مثل «فيروز» و«الرحبانية».. رمز لبنان هو العلم المرصع بشجرة الأرز، لكن الفنانين الكبار يصنعون اسم البلد وعلمها ورمزها!!

من الأغانى التى لا تنسى لوديع «دار يا دار» التى لحنها له «بليغ حمدى» بكلمات حسين السيد، أداها «وديع» بحالة من الإحساس والألق إلى درجة أن بليغ كان يبكى وهو يستمع إليها بصوت «وديع»، وكأنه يعزف بصوته على أوتار قلوبنا!!من أشهر أغنياته التى أعاد تقديمها «الأطلال» لأم كلثوم سوف تشعر أن الأغنية مطعمة بنبض «الصافى» بعد أن كانت لا تحمل سوى النبض «الكلثومى».. كما غنى رائعة نجاة «أيظن» شعر «نزار قبانى» وموسيقى «محمد عبدالوهاب».

ومن المفارقات أن «وديع الصافى» قام بتغيير بضع كلمات لتتناسب معه كرجل حيث إن «نزار» يقول «حتى فساتينى التى أهملتها» بينما «وديع الصافى» عندما غناها أحالها إلى «حتى سراويلى التى أهملتها» إلا أن الناس عندما قال «سراويلى» بدأت تنتبه إلى أن الأصل هو «فساتينى» وضحكوا وبادلهم وديع الضحك «الصافى». لا تسأل «راحوا فين حبايب الدار»؟ لأنهم لا يزالون يسكنون قلوبنا، البدانة ليست فى الجسد فلقد أجرى هذا المطرب عملية تكميم، إلا أن البدانة التى لا علاج ولا شفاء منها هى بدانة المشاعر!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد بدانة المشاعر تقهر بدانة الجسد



GMT 22:28 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التسامح والمحبة و”سجدة الفاخوري”

GMT 22:27 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

الامتحان الحقيقي في سوريا...

GMT 21:35 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

قصة مملّة ورواية باهتة

GMT 21:34 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إرهاب سيدني وتدمر... «عادْ نِحنا إلّا بِدينا»

GMT 21:33 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

التطرف وباء «القرية الكونية»

GMT 21:32 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن... تحدي هندسة التنازع الإقليمي

GMT 21:31 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

وداع «الست» على موسيقى «ألف ليلة»

GMT 21:30 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

تسويات «إلا حتة»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:47 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء
 لبنان اليوم - مسلحون يهاجمون مواقع الأمن العام بالهاون في السويداء

GMT 22:12 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول
 لبنان اليوم - اكتشاف علامة مبكرة لتطور مرض السكري من النوع الأول

GMT 22:14 2025 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا
 لبنان اليوم - إيفانكا ترامب تعلق على هجوم أستراليا

GMT 00:46 2016 الخميس ,25 آب / أغسطس

وصفة طبيعية لتحصلي على أكواع بيضاء

GMT 22:53 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

الشهري يستقيل من تدريب فريق النهضة السعودي

GMT 22:47 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

جورج قرداحى يسلم جائزة "اسم من مصر" للفائز

GMT 07:07 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

كارول سماحة تنتهي من تصوير "وحشاني بلدي"

GMT 15:56 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

الموضة الرائجة للبلوزات خلال موسم ربيع وصيف 2022

GMT 10:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

وزير مصري سابق يؤكّد أنّ أعراض "كورونا" تختلف بحسب الطقس

GMT 10:35 2015 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين وإصابة 300 في إعصار عنيف ضرب تايوان

GMT 21:46 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مايا دياب تكشف عن تعرضها للتحرش الجنسي في إحدى حفلاتها

GMT 12:12 2017 الثلاثاء ,04 إبريل / نيسان

جرائم زنى المحارم صداع في رأس المجتمع التونسي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon