من الممكن قطعًا ألا يشارك نجمان من نفس الجيل فى أعمال فنية، ولا يعنى ذلك بالضرورة أن لدى كل منهما موقفًا مسبقًا يحول دون أن يجتمعا معا أمام الكاميرا.
هناك حكاية متداولة على لسان نور الشريف، منذ نهاية عام 1979 قال فيها: (لن أشارك نادية الجندى فى أى عمل فنى طوال حياتى)، ورحل نور عام 2015 ملتزما بوعده.
كثير من الحكايات يتم تناقلها من جيل إلى جيل، وغالبا ما تعبر عن زاوية رؤية واحدة، حتى لو وجدها البعض صائبة ومنطقية، إلا أنها تظل إطلالة طرف دون الآخر.
الحكاية الشهيرة فى فيلم (الباطنية) بطولة نادية الجندى وإخراج حسام الدين مصطفى، والذى عرض عام 1980، ويعتبر واحدًا من أكثر أفلام السينما المصرية تحقيقًا للإيرادات.
شارك فى بطولته كل من محمود ياسين وفريد شوقى وأحمد زكى وفاروق الفيشاوى، تم الاتفاق فى البداية مع نور على أداء دور (المعلم برعى)، وبعد أن استعد بكل التفاصيل وحلم بـ(برعى)، فوجئ بأن من يقف فى الأستوديو محمود ياسين!.
كثيرًا ما تحدث فى اللحظات الأخيرة مثل هذه التبديلات، نور مثلا لعب دور أحمد زكى فى (الكرنك) بعد أن اعترضت شركة التوزيع على اسمه، وكان من المفترض أن يلعب محمود ياسين بطولة فيلم (القضية 68)، ولكن الإنتاج اعترض على اسم محمود ياسين، رغم حماس مخرج الفيلم صلاح أبوسيف، وتم إسناد دوره إلى حسن يوسف.
الذى حدث فى (الباطنية) مغاير فى الدوافع، محمود ونور كانا مع ثالثهما حسين فهمى هم الأحصنة الرابحة فى النصف الثانى من السبعينيات، والمفاضلة تلك المرة لا علاقة لها بوجهة نظر إنتاجية أو تسويقية ولكن فنية بحتة.
قالت لى نادية الجندى إنها وزوجها المنتج محمد مختار والمخرج حسام الدين مصطفى رشحوا فى البداية بالإجماع نور لأداء دور (برعى)، إلا أنها فى لقاء مصادفة مع محمود ياسين وكان قد قرأ رواية إسماعيل ولى الدين (الباطنية)، المأخوذ عنها السيناريو، قال لها: (أنا أحلم بدور المعلم برعى ولن يلعبه غيرى).
محمود كان وقتها اسمه تسويقيًا أعلى، كما أنها رأت مع المنتج والمخرج أنه أقرب من نور للإقناع فى هذا الدور. اعتقدت نادية أن الأمر توقف عند تلك النقطة، خاصة أنه لم يتم التعاقد مع نور، وكان مجرد ترشيح مبدئى، نور أبدا لم ينسَ، وقالت لى نادية فى أكثر من حفل عام التقينا وتصافينا، ولكننا لم نلتق فنيًّا.
وأضافت: أنا وقتها لا أنكر حماسى لمحمود ياسين، ملامح نور فى تلك السنوات كانت تحتفظ أكثر بروح الطفولة، شهد الفيلم أيضا مولد نجم جماهيرى صفق له الجمهور فى دار العرض وهو أحمد زكى، رغم أنها لم تكن المرة الأولى التى يقف فيها أمام الكاميرا.
إلا أنه صار نجمًا يترقبه الناس، وظللنا أصدقاء حتى لحظاته الأخيرة، عندما قضيت بجواره ثلاث ساعات بالمستشفى.
رغم أننا لم نلتق فنيا بعد (الباطنية). قالت نادية: قطعا تمنيت أن يتفهم نور ما حدث خاصة أنه فنان كبير، فمثلا اعتذر محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمى تباعا عن مشاركتى بطولة فيلم (بمبة كشر)، لأننى كنت وجهًا جديدًا، ولم أعتبرها نهاية العالم.
نور فنان مثقف وله بصمة لا تُنسى، كم تمنيت أن تجمعنا شاشة واحدة.. قدر الله وما شاء فعل!.