قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام

قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام!

قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام!

 لبنان اليوم -

قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام

حنا صالح
بقلم- حنا صالح

ما زالت الطروحات السياسية دون المستوى المطلوب رغم كل هذا التفجير الذي يهدد بلهيب أوسع!

ما من مؤشر على أن إسرائيل التي باشرت عقاباً جماعياً ضد غزة يمكن أن توقف حرب الإبادة ضد الغزاويين! هناك في حكومة الحرب تتردد مقولة: «نحن أو هم»، ويستمر القصف الصاروخي والهجمات من الجو والبحر والبر التي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، لأنه من الأساس تستعجل تل أبيب الخلاص من الفلسطينيين جميعاً!

لا هدنة إنسانية بعد، رغم ما تشهده المنظمة الدولية من تقديم مشاريع قرارات قوبلت كلها بالفيتوات، بينما الجهد العربي الذي بلور مشروع قرار ملزم بالهدنة تبنته الدول العشر غير الدائمة العضوية قد يفضي إلى موافقة شكلية لن تلتزم بها إسرائيل، رغم الانقلاب في الرأي العام العالمي، خصوصاً في أميركا وأوروبا، لأنه لم يعد ينطلي على المواطنين ادعاء إسرائيل بأنها ضحية، وهي دولة احتلال وفصل عنصري تمارس الهمجية والتوحش... وأطلق هذا الانقلاب دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين؛ حقهم في حياة طبيعية، وحقهم في الوجود الآمن، وحقهم في العيش بكرامة، وأن تكون لهم دولة مستقلة كباقي شعوب العالم.

عشية نهاية الأسبوع الرابع على حرب الإبادة والمجازر المرعبة والدمار التي تلت «طوفان الأقصى» واجتياح «حماس» لمستوطنات الغلاف ومواقع عسكرية عديدة تحاصر القطاع، لا حديث عن وقف للنار، وكأنه ليس بكافٍ شلال الدم المرعب وتضخم أعداد الضحايا كل دقيقة من أطفال ونساء ومسنين. هناك استثناء غربي دولي لإسرائيل، وضوء أخضر لها لاستكمال التوحش؛ في تجاوز لأي اعتبار، ولتحقيق الهدف المعلَن: القضاء على «حماس» واقتلاعها بعد تدمير البنى التحتية العائدة لها ونزع سلاحها.

الاستثناء قائم، رغم إدراك أن «حماس» لا تختصر غزة وأهلها، وأن نجاح الغزو البري لاقتلاعها دونه صعوبات؛ من حرب الشوارع في المدن، وحرب الأنفاق السرية، إلى ارتباطه بقضية مئات الأسرى الذين أودى القصف الوحشي بحياة 50 منهم، وفق ما كشفت عنه قيادة «القسام». لذا التهديد بالغزو الشامل تحول إلى توغلات محدودة كوسيلة للتقليل من الخسائر أو الحد منها، وفق الاقتراحات الأميركية (وزير الدفاع أوستن والخبراء الأميركيين)، وهو بالكاد تجاوز القشرة، فوقعت قوات التدخل في كمائن محكمة. وما حدث، الأحد الماضي، على معبر «إيرز» قرب بيت حانون مثال عن المتوقَّع. لقد حول المقاومون من خلال الالتحام المباشر الجيش الإسرائيلي إلى فريسة، فأعادت المواجهة إلى الأذهان وقع حدث يوم «7 أكتوبر»!

لكن بطولات الميدان التي يسطرها شبان شجعان «لا أمام عندهم ولا وراء»، لن تبدّل المصير، ولن تُحدث المعجزة. غزة وحيدة، وشعبها متروك رتّب عليه أداء «حماس» نكبة جديدة لا طاقة له بتحمل أثمانها، حتى إن نداء محمد ضيف لهبّة شعبية لم يجد له صدى لا في القدس ولا في الضفة. أما اعتبار الرئيس الإيراني أن إسرائيل «تجاوزت الخطوط الحمراء؛ ما قد يجبر الجميع على التحرك»، فلم يكشف مَن يقصد بالجميع، وإن كان قد سبقه وزير خارجيته، عبداللهيان، إلى الإعلان من نيويورك أن طهران لا تريد توسيع المواجهة، متخلياً عن التهديد بأن اليد على الزناد (...)، في حين أن تسخين جبهة جنوب لبنان عزل «حزب الله» شعبياً!

مؤكدّ أنه لا مجال للحديث عن أي توازن لجهة التفوق الناري من جانب جيش ضخم مدجَّج، يمتلك سيطرة مطلقة من الجو والبحر، وإن نجح بعد أشهرٍ من حسم معركة اجتياح غزة وإنزال جراحٍ ثخينة بـ«حماس»، فإن الثمن الذي سيدفعه سيكون كبيراً جداً يعادل الهزيمة، وبعد ذلك سيكون الأمن والاستقرار بعيد المنال.

الارتباط وثيق بين أمن الإسرائيليين واستقرارهم وحقوق الفلسطينيين. تؤكد ذلك الوقائع كما المواقف الدولية التي عادت تكتشف أن لا بديل عن الحل السياسي. كثيرة هي التأكيدات الأميركية، وتأكيدات الرئيس بايدن بهذا الاتجاه، لكن الأبواب موصدة مع حكومة المتطرفين التي يقودها نتنياهو المدرك أن مستقبله السياسي بات وراءه؛ ما يعني أن المسؤولية الأميركية مضاعفة لطرح مبادرة جدية، وإلا فإنهم إن نجحوا الآن في حصر الصراع مع ثمن باهظ، فالأمر لن يستمر. علينا أن نتذكر أن واشنطن انفردت في قيادة العملية السلمية، منذ عام 1993، فكان الانحدار من التسوية السياسية إلى تفاهمات أمنية، واليوم إلى استجداء هدنة إنسانية. نعم، ما زالت الطروحات السياسية دون المستوى المطلوب، رغم كل هذا التفجير الذي يهدد بلهيب أوسع!

توازياً، تتسع المواجهات على امتداد الخط الأزرق جنوب لبنان، وعملياً تم تجاوز ما كان يُعرف بقواعد الاشتباك، وتتالي البيانات العسكرية عن عمليات «حزب الله»، ومثلها عن تل أبيب، يجعل خطر الانزلاق يتعاظم. إسرائيل أخلت عشرات المستوطنات؛ ما ينذر بالأسوأ، وبالمقابل نحو 100 ألف مدني لبناني هجروا بلداتهم، والعدد إلى ازدياد. الوضع متروك؛ فالسلطة التنفيذية عوض تحمّل المسؤولية والاستجابة للأكثرية الساحقة الرافضة للحرب ولتوريط لبنان البلد المفلس الذي تضربه المجاعة بما لا يمكن تحمله، أعطت الأولوية للبحث في تداعيات الحرب! وكما تغيب السلطة الاشتراعية كلية، فإن «معارضة» النظام عاجزة عن تنظيم حتى معارضة صوتية، والكل بانتظار ماذا سيعلن حسن نصر الله، يوم غد (الجمعة)، ومؤكدٌ بلغه تنامي التوتر الوطني ومخاوف المواطنين، خصوصاً في الجنوب لدى ما يعدّه «حزب الله» بيئة آمنة له!

إبعاد لبنان عن «ممر الأفيال» مسؤولية وطنية في لحظة توجب التمسك بالقرار الدولي 1701 وبدور «اليونيفيل» والتزام قرارات الشرعية الدولية. الحدود مسؤولية الجيش والقوى الشرعية، وثابت أن أكثر من غزة لن يوقف المقتلة، و«النأي» بالموقف من حكومة ميقاتي عن تفرد «حزب الله» بالقرار يعادل الحكم بإعدام لبنان واللبنانيين، وما حملته الموفدة الأميركية باربرا ليف من أن تداعيات التورط ستعرض لبنان «لدمار هائل ولن يجد أي دولة تمد له يد العون» ينبغي أن يقلق كل المسؤولين ويقض مضاجعهم!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام قبل «الطوفان» وبعد غزة لا استقرار مع الانتقام



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon