حتى لا نصل متأخرين

حتى لا نصل متأخرين!

حتى لا نصل متأخرين!

 لبنان اليوم -

حتى لا نصل متأخرين

حنا صالح
بقلم - حنا صالح

لم تكن الحرب الثالثة على لبنان قدراً محتوماً، لكن غداة مرور سنة على 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بدأت تتظهر معالم الكارثة، و«الحرب لسه في أول السكة». لم يتبصر «حزب الله» بكل المشهد ومآلاته. صدق ما كان يروجه عن «قواعد الاشتباك» و«توازن الرعب» وهراء إسرائيل «الملدوعة» وغرور فائض القوة. كانت له أسبابه الداخلية، أما الأساس فهو تنفيذه لأجندة خارجية بوصفه ركناً في الأمن القومي للنظام الإيراني، فسار في إملاءات أوجبت تحريك جبهات مواكبة لحرب التوحش الصهيوني على غزة.

وبالمباشر تتحمل بقايا السلطة، ومن خلفها الطبقة السياسية، كثيراً من المسؤولية عن الخراب العميم وجعل لبنان مقبرة مفتوحة. غطت بقايا السلطة أخذ البلد عنوة إلى حربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل، وتبنت ترهات كان «حزب الله» يضعها على لسانها. أما الطبقة السياسية المنتهية الصلاحية، فقد سلّمت بترك الإدارة السياسية للبلد، ولو شكلياً، بيد الثنائي: نجيب ميقاتي ونبيه بري؛ الأول يختصر بشخصه السلطة التنفيذية، والثاني البرلمان. فكان التعامي عن أبعاد الحدث وإدارة الظهر لأي خطوة تنقذ البلد من الطوفان.

طيلة أشهر الحرب الهمجية على غزة تبلغت السلطة تحذيرات، وتسلمت مبادرات كان يمكن أن تجنب لبنان الكثير لو منحت فرصة الأخذ بها. سادت حالة إنكار ففضلوا دور ساعي البريد بين الخارج و«حزب الله» الذي رأى أن كل ما يطرح تهويل يخدم العدو. بين أهم المقترحات ما حمله الوسيط الأميركي آموس هوكستين ويقع في صلب تنفيذ القرار الدولي 1701: فصل الجنوب عن غزة وانسحاب «الحزب» إلى شمال الليطاني، وسحب الأسلحة الثقيلة، وإقفال مصانع تجميع المسيرات والصواريخ، ومنع دخول السلاح من سوريا، إلى تعزيز الجيش في منطقة عمليات القوات الدولية مدعوماً بصلاحيات واسعة، فيعود المواطنون أبناء الجنوب الذين هجروا إلى بلداتهم، كما يعود المستوطنون إلى منازلهم في شمال إسرائيل.

رفض «حزب الله» المبادرات، وانصاع لهذا الموقف الثنائي: بري وميقاتي، وتعامت الطبقة السياسية عن مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، لتظهر المواقف الخشبية قناعة القوى المستبدة هذه بأن «النصر الإلهي» آتٍ فليكونوا جزءاً منه. لم يأخذوا بالاعتبار أن نتنياهو أدرج الإفراج عن المخطوفين في آخر الأولويات، وعطّل مشاريع الهدنة في غزة، وفخخ مبادرة الرئيس الأميركي، و... فاتَهم بدء الانعطافة الإيرانية.

باكراً، أدركت طهران أن تغييراً نوعياً يتقدم وسيطال كل المشهد الإقليمي بعدما برز الخلل النوعي في موازين القوى. كانت الأذرع التي أنشأتها كحزام نار حول الكيان الصهيوني تتصدع وتتهاوى؛ من «حماس» إلى «حزب الله»، والعلاج العسكري لقرصنة الحوثي يتقدم. وتيقنت أن واشنطن تغطي الحرب الإسرائيلية وتدعمها، وأن المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب آتية، فسعت إلى محاولة احتواء هذا التطور مع عدّة بشرية مختلفة؛ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي ارتفع صوته بوجه «الحرس الثوري»، ومعه ظريف وعراقجي، واستبدل المرشد بشعار «الصبر الاستراتيجي» شعار «التراجع التكتيكي». لكنّ ثنائي الواجهة في لبنان، الذي خالف بأدائه رغبات اللبنانيين برفض الحرب تأخر كثيراً عن القيام بمحاولة منع لبنان دفع فاتورة تشظي «محور الممانعة»!

لقد عكست المبادرة الخجولة من ثنائي السلطة بري وميقاتي مع جنبلاط، للخروج من الحرب وإمساك السلطة زمام الأمور، مزيجاً من القلق والخوف والحيرة. لم تستتبع بخطوات كان ينبغي أن تتخذها الحكومة وتنطلق من رفض صريح لربط لبنان بغزة، ووقف النار ولو من جانب واحد، كما تعزيز الجيش في الجنوب مع صلاحيات حماية البلد بالتعاون مع «اليونيفيل»، إلى بدء حملة دولية لفضح أبعاد مخطط إسرائيل بالتهجير القسري ورفضه. لتعكس الإدراك إلى حاجة البلد لتموضعٍ مختلف... فأدت مواقف «اللعم»، لأنْ يُملي عراقجي على الثنائي دروساً إيرانية في «الصمود والمواجهة» حتى آخر لبناني، ولتنعكس الزيارة، وقبلها خطاب المرشد، في البيان الذي صدر باسم «حزب الله»، وأظهر فائضاً من الغرور وانعدام الواقعية!

الهزيمة ثقيلة، وتتلبد المخاطر، وتتفاقم بضوء ما نقلته «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين من أن واشنطن «توقفت عن مساعيها لتقييد العمليات الإسرائيلية في لبنان» (...) ما يعني أن الحرب الثالثة طويلة، وتعتمد إسرائيل «عقيدة الضاحية» للقتل وتدمير البنى المدنية، وإنزال عقاب جماعي بالمدنيين. كما قد يحمل النزوح الكبير، وفوقه الوجود السوري الكثيف، عناصر تُفضي إلى تصدع المشهد الداخلي باضطرابات اجتماعية مرشحة لأن تتحول أمنية، خصوصاً أن هناك بداية احتكاكات قد تصبح عصية على الاحتواء!

المأساة كبيرة، وأكبر منها التحديات، ومسار الإنقاذ وحقن الدماء ممكن، وهو يفترض تحويل لبنان لورشة سياسية، على النخب المبادرة إليها من دون أي إبطاء. كما ينبغي أن يكون البرلمان المغيب قسراً وطوعاً محورها، فهو جهة معنية برسم سياسات جديدة للإنقاذ، وتحمل مسؤولية خطوات من شأنها جذب التأييد الدولي إن أظهرت إصراراً على تغيير المسار واسترجاع الدولة المخطوفة المُصادرة القرار، فيمكن إذاك حشد التأييد لمحاصرة الإجرام الصهيوني وشله... وإلا فاحتلال جديد، وعودة لزمن الميليشيات والزواريب واضمحلال الدولة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا نصل متأخرين حتى لا نصل متأخرين



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon