عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي
أخر الأخبار

عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي

عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي

 لبنان اليوم -

عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي

فهد سليمان الشقيران
بقلم : فهد سليمان الشقيران

بعض الشخصيات تلتقيها قليلاً ولكنها تترك أثراً مهماً. من أولئك الراحل الدكتور يوسف الصمعان؛ الذي التقيته للمرة الأولى في دارة الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي، ثم التقيته مراتٍ قليلة بعد ذلك.

ورغم تخصصه في الطب النفسي غير أن علمه واسع، وطبيعة طرحه موسوعية، وشخصيته فريدة، ولديه أسلوب سخريةٍ نادر.

دعم شريحة كبيرة من الشباب. أسَّسَ «دار جداول» مع شريكه الأستاذ محمد السيف وهي دار تنويرية أساسية في المشهد. ثم أسس «مجلة حكمة» الفلسفية التي يمرّن فيها الشباب على الترجمة، ومن ذكائه أن أي شاب أو شابةٍ تترجم ثم يطلبون منه رأيه حول اللغة ومستوى الترجمة يرفض إعطاء رأيه بل ينشره كما هو واضعاً المترجم أمام القارئ، وهو داعم للمعرفة ومتحمس لها، حيث قام بجهد يصعب على المؤسسات، حيث ترجمت مجلة «حكمة» موسوعة «ستانفورد». كان يحب المعلومة الجديدة، ويتواضع للمعرفة ويتنفّس على النقاش سواء مباشرةً أو عبر الاتصال... همّه الأساسي دعم مسار الفلسفة والعلم في المنطقة، وحدث أن استفسرت منه عن كتابٍ جديد صدر عن الدار وأردته بسرعة لأستعجل قراءاته فإذا بي أفاجأ بسائقه حاملاً الكثير من الكراتين وإذا بها كل مطبوعات دار «جداول» من أولها لآخرها، وهذا يعبّر عن رغبته في نشر المعرفة لأقصى حدٍّ ممكن.

وقد سعدتُ بأن الأستاذ يوسف الديني أنصفه بوفاءٍ غير مستغرب من أبي مالك حين أعدّ عنه كتاباً مهماً بعنوان «جئتكم بالحكمة: يوسف الصمعان 1968 - 2024 مقدمات ومختارات»، فيه يتناول مسيرة يوسف الصمعان القصيرة عمراً والكبيرة قدراً وهو كتاب يستحق الاطلاع لمن أراد فهم المسيرة والاطلاع على السيرة.

والصمعان ترجم كثيراً من الكتب المهمة، وهي متوزّعة بين الفنون، وكتب أبحاثاً محكمة في مجلات كبرى في العالم، وقد استطاع أن يشقّ خطاً نظرياً خاصاً به، حتى في مقالاته بجريدة «الشرق الأوسط» وزاويته في جريدة «الاتحاد» يغاير الطرح السائد بنظرةٍ مفاجئة تدل على عمق رؤيته للأحداث، ودقة تبصّره للمصائر.

علاوةً على مجالات الطب النفسي أو الفلسفة أو العلوم الطبيعية الأخرى، ثمة جانب مهم ضليع به ومتمكن منه، فهو متمكن من الاطلاع على تاريخ الإسلام، ومن الفقه والشريعة، والأهم إلمامه بتاريخ الإسلام السياسي المعاصر، إذ كتب كثيراً من الرؤى حول الفقه والسياسة والقانون. وكتب عن سيد قطب، وحسن البنا، وعن الإسلام الحركي بعمومه.

اهتم بالسياسة أيضاً والاقتصاد وله نظريات حول الفقه والبنوك، وهو تنظير دقيق وواسع. انتقد موضوع الإعجاز العلمي وكتب عنه كثيراً من المقالات. وكتب عن السياسة الأميركية مقالاتٍ توضح مدى دقة اهتمامه.

وبمناسبة الانتخابات الأميركية أذكّر بمقالةٍ له بعنوان: «أوباما وبايدن والمرض النفسي»، فيها يقول: «ليس غريباً في تاريخ الرئاسة الأميركية أن يكون الرئيس أو نائبه عانى من اضطراب نفسي قبل أو في أثناء توليهما للمنصب الرسمي. في يناير (كانون الثاني) 2006، وفي مجلة (الأمراض العصبية والنفسية)، قام الدكتور ديفدسون وزميلاه من قسم الطب النفسي بجامعة (ديوك) بمراجعة التقارير الطبية والسير الذاتية للرؤساء الأميركيين بين عامي 1776 حتى 1974. هذه الحقبة الزمنية شملت 37 رئيساً أميركياً من جورج واشنطن حتى نيكسون. الباحثون وحرصاً على الموضوعية وصفوا بدقة كيف كانت إجراءات التشخيص بأثر رجعي، وكيف أنهم اعتمدوا على مجموعة أخرى مستقلة ليست معنية بنتائج الدراسة. خلصت الدراسة إلى أن 49 في المائة من الرؤساء الأميركيين يعانون اضطرابات نفسية».

الخلاصة؛ أن الراحل يوسف الصمعان ترك أثراً مهماً على جيلٍ من الباحثين والمترجمين والمفكرين وأسَّس لنمط فلسفي متميز، ولمسار علمي سيستمر، وصنع جيلاً من الشباب منهم يكتبون الآن بشكلٍ لامع في الفلسفة والعلوم والسياسة والأفكار، ومن النعمة أن ما كان يطمح إليه قد رآه يتحقق قبل رحيله.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي عن الصمعان مسيرة من العمل العلمي



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:29 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 21:58 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 07:30 2025 الأحد ,16 آذار/ مارس

مفاهيم خاطئة شائعة حول ديكور المنزل

GMT 12:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:34 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

كيك الليمون الشتوية

GMT 15:48 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

بلماضي يمتدح زروقي ويكشف سر تجاهل توبة

GMT 13:04 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

مقدار الماء الذي يحتاجه الجسم في الطقس الحار
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon