الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

 لبنان اليوم -

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه

عبد الرحمن الراشد

منذ عام 1980 والإيرانيون في كل سنة يحتفلون بذكرى ثورة الخميني، لكن مع مرور كل سنة يزداد عدد الكافرين بالثورة والمؤمنين بأنها كانت أعظم نكسة تاريخية في حياة إيران. عاما بعد عام، والمزيد من السياسيين والمثقفين، الذين كانوا جزءا من الثورة، أو ساندوها، يعيدون تقييم التجربة ضمن عودة الوعي التي تصاحب عادة الثورات أو التغييرات الفاشلة.
وفي هذه الأيام، حيث تحتفل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمرور 36 عاما على إسقاط الشاه، انضمت شخصية إيرانية إلى مجموعة المتراجعين، وهو محسن سازكارا، أحد الذين شاركوا في تأسيس الحرس الثوري، الذي كان، ولا يزال، نخبة القوة العسكرية للثورة، والأكثر سلطة واطلاعا. يتحدث بحسرة، بأنه لو عاد به الزمن لما شارك في الثورة، وأن إسقاط نظام الشاه كان خطأ نتيجته مكلفة للشعب الإيراني. ومعظم المتراجعين، مثله، متقاعدون، ليسوا طلاب مناصب، ولا طرفا في النزاع السياسي، بل بحكم العمر يتأملون المشهد ويقيمونه من تجربتهم، ومن المحصلة التي آلت إلى ما آلت إليه إيران اليوم.
ولا شك بأن أي مؤرخ منصف سيجد في حكم الشاه كثيرا من الخلل والإخفاقات، لكنه أيضا جعل من إيران، حتى سقوطه في السبعينات، أكثر دول منطقة الشرق الأوسط تطورا ونجاحا، مقارنة بالخليج ومصر وتركيا وباكستان. جعل بلاده قوة صناعية وعسكرية، ومركزا علميا متفوقا، وكانت دول المنطقة تنظر إلى طهران على أنها النموذج الحضاري. لكن معظم هذا التاريخ قام المتحمسون من الثوار، من اليسار ومتطرفي الإسلاميين، بمسحه، وإعادة كتابته كما فعل ماو تسي تونغ في الصين، والبلاشفة في روسيا.
وفي مواجهة الحنين المتزايد إلى زمن الشاه يحاول محامو الثورة والمؤمنون بها، ليس تزوير الماضي القريب، لأن ذلك لم يعد يجدي نفعا بسبب تفعيل الذاكرة الحية، ولا يزال ملايين من مواطني العهد الشاهنشاهي أحياء، بل صاروا يلتمسون العذر لإخفاقات 36 سنة ماضية في مجالات التنمية والمعيشة والحريات وغيرها. بقايا الثوار يعلقون فشلهم على الغرب و«المنافقين»؛ أي المعارضة، وهذه الأعذار المستهلكة لم تعد مقنعة للشعب، خصوصا أن النظام يبشر ويطمئن جمهوره أنه يفاوض الغرب وهو على وشك التصالح مع خصومه! الحرية والديمقراطية وتحسين المعيشة والتخلص من التبعية الغربية، كانت شعارات المتظاهرين الداعين لإسقاط الشاه في شوارع طهران وميادينها. اليوم، وبعد 3 عقود ونصف، لم يتحقق منها شيء، بل ساءت أوضاع الإيرانيين عما كانت عليه في زمن الشاه؛ نقص هامش الحرية السياسي، وطغت القيود الاجتماعية، واختصرت الانتخابات البرلمانية والرئاسية فقط على الإسلاميين، وسجن الخصوم، ولم تعد هناك أحزاب سوى المنتمية للنظام، بأسوأ مما كان الوضع عليه أيام الشاه. تراجعت مستويات المعيشة، وعم البؤس، وتحولت طهران وبقية المدن الكبرى إلى ما يشبه الأطلال، مجرد بقايا مما بناه الشاه. وبعد مسيرته الثورية الطويلة انقلب نظام ولاية الفقيه السياسي على كل شعاراته، ها هو يستجدي العلاقة مع الولايات المتحدة، يريد من وزارة الخزانة السماح له باستخدام الدولار في صرف وتحويلات الريال، ومن الكونغرس السماح له باستخدام التقنية لاستكشاف البترول وإنتاجه!
عمليا، لم تعد في إيران ثورة، مجرد نظام سياسي أمني قمعي آخر، أشد قسوة مما كان عليه نظام الشاه. والأمل الوحيد الذي بقي للحكومة والإيرانيين هو تحقيق المصالحة مع الغرب والانفتاح على العالم، كما سبقتهم إلى ذلك فيتنام وكوبا والصين وروسيا.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه الإيرانيون والحنين إلى زمن الشاه



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon