ظريف إيران ضد التطرف والتحجر

ظريف: إيران ضد التطرف والتحجر

ظريف: إيران ضد التطرف والتحجر

 لبنان اليوم -

ظريف إيران ضد التطرف والتحجر

عبد الرحمن الراشد

نتفق مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نقده للتردد الأميركي الطويل في مواجهة التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، لكن يصعب أن نهضم قوله إن إيران حذرت من خطر التطرف والتحجر الديني.. و«إننا وقفنا من البداية ضد هذا التحرك الهمجي»، كما قال للتلفزيون الإيراني.

الكل يلوم السعودية على انتشار التطرف الإسلامي في أنحاء العالم، وهذا فيه شيء من الصحة، لكنه لم يكن سياسة دولة، بل نتاج نشاط مجتمعي. إنما إيران كدولة هي السبب الرئيس في مأسسة التطرف الإسلامي، بعد أن كان الغلو مجرد حالات فردية. ساهمت في بناء وانتشار التنظيمات الإسلامية المتطرفة تحت شعار تصدير الثورة الإسلامية. الآن، وبعد أن أصبح الجني خارج القارورة، أحس الإيرانيون بحجم الخطر عليهم، وعلى حلفائهم في العراق وسوريا ولبنان.

ومسؤولية إيران تكمن في أنها داعم حقيقي أيضا للجماعات السنية المتطرفة، في شمال لبنان منذ الثمانينات ضد حلفاء السعودية ، وأسست ودعمت جماعات فلسطينية دينية متطرفة لإضعاف فتح، ثم ضد السلطة الفلسطينية لاحقا، ضمن التنافس الإقليمي على القرار الفلسطيني. وهي منذ الثمانينات الداعم لجماعات الإخوان المسلمين، وتحديدا في مصر والسودان. ومن قبيل تعظيم قيمة الإرهابيين السنة سمت شارعا في طهران باسم خالد الإسلامبولي، الإرهابي الذي اغتال الرئيس المصري أنور السادات. البراهين كثيرة على أخطاء إيران في رعايتها للفكر والنشاط المتطرف سنيا وشيعيا.

وبالتالي على الإخوة في إيران ألا يرموا بالحجارة «داعش»، و«جبهة النصرة»، ومثلهما من الجماعات السنية المتوحشة، والعش الإيراني يبيض مثلها. فالتطرف الديني كمؤسسة هو نتاج مباشر للثورة الإيرانية نفسها، التي أتت بجماعة دينية شيعية متطرفة إلى الحكم في عام 1979. ومنذ ذلك اليوم تغير العالم الإسلامي نحو التحجر والتطرف الديني سياسيا. ولا أدري إن كان الوزير ظريف قد نسي تهديدات القيادات الإيرانية ضد كبار المؤلفين والمنتجين التلفزيونيين في إيران وأوروبا، بحجة الدفاع عن الإسلام وهي في واقعها أحكام سياسية ضمن الصراع مع الغرب. وهناك قائمة أطول من المعتدلين والإصلاحيين والمفكرين الذين إما سجنوا، وإما فروا من بلدهم إيران.

حسن أشكوري في المنفى في ألمانيا مع عدد من المفكرين الإيرانيين بسبب ملاحقة النظام لهم على أفكارهم. أشكوري كتب ضد مبدأ ولاية الفقيه دينيا، ولم يعتبر الحجاب ملزما للمرأة، فحكم عليه بالإعدام، وخفف غيابيا! أليست هذه أفكار «داعش»، أليس هذا تحجرا؟

التطرفان السني والشيعي يتشابهان، ينحوان نحو المزايدة على بعضهما في الغلو والوحشية، ويمارسان قمعا متواصلا ضد الفكر المدني. خسر المعتدلون من متديني إيران، وتم إقصاء معظمهم من الإعلام والتعليم والسياسة، حتى خلص النظام للفريق الشيعي المتطرف، الذي أصبح يتحكم في إدارة مناحي الحياة اليومية. ولم يكتفِ النظام بإقصاء المعتدلين في داخل إيران، بل جعل دعم المتطرفين حجر الزاوية لسياسته، فدعم فقط الجماعات الدينية في المجتمعات الشيعية في لبنان والعراق والخليج، وهمشت القوى الشيعية المدنية، وهكذا ولد «حزب الله» في لبنان!

لذا، لا يمكن للوزير ظريف أن يقفز على التاريخ المعيش ويقرر كما يحب من المتطرف ومن هو المعتدل. نعم، أبو بكر البغدادي، قائد تنظيم «داعش»، شخصية متطرفة مرعبة، وكذلك كان عماد مغنية في «حزب الله»، الذي ذاعت شهرة وحشيته في الآفاق. كلاهما اختطف مدنيين، وكلاهما قتل رهائن مدنيين، وكلاهما استخدم زورا الله والإسلام في تبرير جرائمه. إيران هي من ربى ودرب وتدعم اليوم الحوثيين في اليمن، فريق قبلي يتبع المذهب الزيدي ثم تحول إلى الشيعية، وهو اليوم مثل «داعش»، يرفع علم الخلافة، ويسمي زعيمه خليفة، ويعلن العصيان على الدولة، وينهب المدن والبلدات التي تعارضه. ومع هذا إيران تؤيده وتدعمه!

على أي حال، وإن اختلفنا مع إيران في تصنيف التطرف، فإننا نتفق معها في أهمية العمل معا على محاربة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش»، وأن يكف «حزب الله» حربه الدينية ضد السوريين واللبنانيين الآخرين. وعلى العالم أن يدرك أن مقارعة ثنائية التطرف والإرهاب تتطلب من الدول الإسلامية، وعلى رأسها السعودية وإيران، ممثلتا الطائفتين، التعاون، وأن يبدأ البلدان أولا بالاعتراف بمشكلة تغلغل ثقافة الغلو، ومواجهتها تعليميا، وإعلاميا، ودينيا، مع رفض الاستثناءات، فالجماعات المتطرفة، التي ترفع علم الدين، كلها متشابهة سنية وشيعية.

نحن نتمنى أن تغير إيران سياستها وتوقف دعم الجماعات السنية والشيعية المتطرفة, ونفتح صفحة تعاون إسلامي يشيع الاعتدال واحترام الغير.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظريف إيران ضد التطرف والتحجر ظريف إيران ضد التطرف والتحجر



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon